اول ما يتبادر لاذهان المفتونين بالغرب ان هذه الحادثة لا يمكن ان تكون في بلد اوروبي، لان الانسان حتى لو كان مجرما فان حقوقه محترمة ومحفوظة هناك، ومن المؤكد انها حصلت في دولة من دول العالم الثالث. لكن الحقيقة ليست كذلك فهذا البلد هو فرنسا التي تصف نفسها " مهد حقوق الانسان وحرية التعبير"، وان السيدة هي الاستاذة الجامعية مهدية اسفندياري الايرانية المقيمة في مدينة ليون الفرنسية منذ 8 سنوات، اما تهمتها " الارهابية الخطيرة" انها نشرت محتوى داعم لأهالي غزة، ما اعتبرته فرنسا "دعما لجماعات متطرفة"!!.
الكارثة ان هذه السيدة التي تبلغ 39 عاما مازالت مسجونة في اسوء سجن في فرنسا خاصة بالقتلة والمجرمين الخطرين، ولم تكلف السلطات الفرنسية نفيها، لتبرير تصرفاتها غير الانسانية بحق هذه السيدة و عائلتها، حيث اختفت على حين غرة، وكانما اختطفت من قبل عصابةو وليس سلطات مسؤولة، واللافت انه رغم كل محاولات السفارة الايرانية في فرنسا لم تسمح السلطات الفرنسية حتى بترتيب زيارة قنصلية للتعرف على الحالة الصحية لها، حيث تعيش في ظروف بالغة الخطورة والسوء، كما لم يسمح لها باجراء مكالمة هاتفية مع اسرتها.
التعامل غير الانساني للموطنة الايرانية يتعارض مع المعاهدات والقوانين الدولية التي تؤكد على ضرورة ابلاغ اسرة الشخص المعتقل او سفارة بلاده، لا ان يتم اخفاءه 12 يوما، ولا يسمح بزيارته الا بعد شهرين من اعتقاله. كما ان هذا التصرف يتناقض مع قوانين فرنسا نفسها، فلا السلطات سمحت لاسرتها بتوكيل محامي، ولا هي سمحت لنقابة المحامين بانتداب محامي للدفاع عنها، كل ذلك بسبب نشر محتوى داعم لمظلومية اهالي غزة، فالسيدة اسفندياري لم ترتكب جريمة قتل او استخدمت سلاحا، او اعتدت على شخص او مكان ما ، كل الذي فعلته هو التعبير الحضاري عن رايها، في بلد كانت تعتقد انه يحترم حرية التعبير كما يدعي.
اللافت انه رغم مرور 7 اشهر على اعتقال السيدة اسفندياري، لم تعلن السلطات الفرنسية ما الذي تنوي فعله في هذا القضية، حيث مازال مصير اسفندياري مجهولا، ومن غير المعروف الى اين تتجه القضية، رغم المساعي الحثيثة والجهود التي تبذلها وزارة الخارجية الايرانية وخاصة القسم القنصلي في السفارة الايرانية في فرنسا.
اعتقال استاذة جامعية محترمة بهذه الطريقة وتغييبها دون مبرر، فقط لمجرد نشرها محتوى يدعم مظلومية اهالي غزة، فضح المعايير المزدوجة للغرب و اوروبا وخاصة فرنسا، في مجال حقوق الانسان ، ففي الوقت الذي ترفع الحكومة الفرنسية نظريا شعار الدفاع عن حقوق الانسان ، لا تقمع عمليا المدافعين عن هذا الحقوق فحسب ، بل تدعم مجرم الحرب والمطلوب من المحكمة الجنائية الدولية نتنياهو، بالاسلحة الفتاكة لابادة اهالي غزة، وهي ابادة ما كانت لتحصل لولا الاسلحة والقنابل الفرنسية والبريطانية والالمانية والامريكية. فهذه الازدواجية الغربية في التعامل مع قضية حقوق الانسان، حولت هذه القضية الى وسيلة يستخدمها الغرب لتحقيق اهداف سياسية، لا تمت بصلة لا بالانسان ولا بحقوقه ولا بتعبيره عن رايه.
فرنسا التي ترفع شعار حقوق الانسان ، تختطف على طريقة المافيا سيدة ، لانها تجرات ودافعت بالكلمات عن اطفال غزة الجياع ، تحت ذريعة التحريض على الكارهية، الا انها تسمح لصحافتها ان تتهجم على الدين الاسلامي ونبي الاسلام وباقي الانبياء، وتهين مقدساتهم تحت يافطة حرية التعبير، بينما في حقيقة الامر لا يمكن وصف مثل هذه الاهانات المقصودة الا انها فعل من افعال التحريض على الكراهية.
باريس التي توصف بانها "عاصمة النور" تضم متاحف يطلق عليها بالمتاحف الطبيعية، تضم اكثر من 20 الف جمجمة لابناء البلدان التي استعمرتها فرنسا ، وخاصة الجزائر، حيث تم ذبحهم ونقل الرؤوس الى باريس، وجريمتهم الوحيدة انهم واجهوا المستعمر دفاعا عن بلدانهم. ناهيك عن قيامها بتجارب على الاسلحة النووية والكيمياوية والبيولوجية في الجزائر وغيرها ، واستخدم هذا التجارب على موطني تلك البلدان. ناهيك ايضا عن دعمها للنظام الدكتاتوري الصدامي في عدوانه الظالم على ايران، واحتضانها للجماعات الارهابية المعادية للجمهورية الاسلامية في ايران. ففرنسا بهذه الخلفية الاستعمارية لا يمكن ان تكون مؤهلة اخلاقية ان تكون مدافعة عن حقوق الانسان وحرية التعبير.
ان وزارة الخارجية الايرانية والسفارة الايرانية في باريس، تجند كل امكانياتهما من اجل تحرير السيدة اسفندياري، بالطرق القانونية، فايران ليست بالبلد الذي يترك مواطنيه الابرياء، في سجون فرنسا او غيرها، لارضاء قط من اجل ان ترضى عنهم الصهيونية العالمية، التي عرتها غزة امام الراي العام العالمي والاوروبي والفرنسي، بعد ان تبين ان حرية التعبير ليست سوى كذبة، فلو كان هناك من يؤمن بها حتى الان من ابناء جلدتنا، عليه ان يختبر ايمانه، ويذهب الى فرنسا، ويشكك، فقط يشكك، بعدد ضحايا الهولوكوست، عندها سيكون مكانه في غياهب سجون بلد النور وحرية التعبير!!.