لم تكن هذه مجرد عمليات عسكرية محدودة، بل إعلاناً صريحاً بأن لا حلف للولايات المتحدة في مأمن مهما ضخمت عقوده الدفاعية أو عظمت قواعده العسكرية.
وقال الرئيس الاميركي دونالد ترامب:"لست سعيدًا بذلك، إنه ليس وضعًا جيدًا، ولكنني سأقول هذا: نريد استعادة الرهائن، ولكننا لسنا سعداء بالطريقة التي سارت بها الأمور اليوم".
المفارقة لافتة، قبل أشهر وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الدوحة عقوداً بقيمة 1.2 تريليون دولار شملت صفقات طائرات تجارية وعسكرية وأنظمة دفاعية متطورة، لكن المال لم يشتري مظلة حماية. كما أن وجود قاعدة العديد الأمريكية، أكبر قاعدة في المنطقة ومركز عمليات الرئيسي لما يسمى التحالف الدولي، لم يحل دون تنفيذ الضربة.
وقال وزير خارجية قطر، عبدالرحمن آل ثاني:"لا يمكن تسمية هذا الشيء إلا غدراً، والغدر شيء طبيعي في شخص مثل هذا، ولكننا نستغرب أن يكون مثل هذا التصرف تصرفًا ممنهج من شخص يدعي أنه يحقق استقرار المنطقة، وهو لا يحقق إلا زعزعة في المنطقة بأوهام نرجسية لمصالحه الشخصية".
التحليل يكشف ثلاثة أطر موازية لهذا القرار: الأول هدف تكتيكي مباشر يتمثل في استئصال أو إضعاف القيادة التفاوضية لحماس، وهو ما تؤكده تصريحات رسمية إسرائيلية وتحليلات مراكز أبحاث غربية. الثاني، رسالة رابعة لكل دولة تفكر في احتضان قنوات المقاومة، إذ إن استهداف مقررة في دولة في الخليج الفارسي يوضح أن المأوی لم يعد آمنًا. الثالث، سياق سياسي داخلي متراكم من تحقيقات وتسريبات تحمل قطر شبه علاقات بدوائر إسرائيلية، ما قد يضيف بعداً انتقامياً للمعادلة.
الضربة على الدوحة تشكل نقطة تحول عملية تخدم أهدافاً تكتيكية ورسائل استراتيجية، لكنها في المقابل تضع تل أبيب أمام تكلفة دبلوماسية عالية وتزيد إحجام الوسطاء عن الثقة في المسارات التفاوضية.
وفي المحصلة، هذا الاعتداء ليس مجرد طلقة عابرة، بل جملة سياسية محملة بالصواريخ تعلن أن خرائط المنطقة تعاد هندستها بالنار، وأن كل من يمد يده للمقاومة سيدفع الثمن، حتى لو جلس في كنف الراية الأمريكية.
ويبقى السؤال: إذا كانت قطر اليوم، فمن التالي غداً؟
برنامج عالمكشوف علی شاشة قناة العالم استضاف استاذ التاريخ والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية د. جمال واكيم للإجابة علی هذا السؤال وغيره من أسئلة.
للمزيد من التفاصيل شاهد الفيديو المرفق..