من بلدة دير قانون النهر في جنوب لبنان، يروي الجريح جواد قصير تفاصيل إصابته التي غيّرت مجرى حياته دون أن تكسر عزيمته.
ويبدأ جواد يحكي قصته هكذا:
"كنت في المنزل عندما وقع الانفجار. ظننتها مشكلة تقنية، وما إن ضغطت على الجهاز حتى دوّى الانفجار. انطفأ كل شيء من حولي، وصرخت مستنجداً بأخي ليأتي لمساعدتي. لم يكن أحد يعلم ما الذي حدث بالتحديد، لكن تبين لاحقاً أن الجهاز انفجر. لم أشعر بألم كبير لحظتها، فاتصلت بأخي وطلبت منه تأمين سيارة إسعاف، غير أن الوضع في البلدة كان صعباً ولم يكن هناك أي إسعاف قادر على الوصول إلينا. وبعد نحو عشر دقائق، أقلّني أخي بسيارته الخاصة إلى مستشفى جبل عامل حيث بدأت مرحلة العلاج."
في لحظات قليلة، تبدّلت حياة الشاب الذي أصيب في عينيه ويديه، وفقد البصر في إحداهما كلياً وفي الأخرى جزئياً. ورغم قسوة الإصابة، بقي صلباً مؤمناً بقضاء الله، قائلاً:
"هيّأت نفسي لأي نتيجة. الصبر هو طريقنا، ومصائب أهل البيت تلهمني القوة."
قبل إصابته بيوم واحد فقط، كان جواد قد افتتح محلاً للإلكترونيات في بلدته، لكن اندلاع الحرب الإسرائيلية أجبره على إغلاقه. وبعد فترة العلاج الطويلة في لبنان ثم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قرر أن يعيد فتح المحل متحدّياً الإعاقة، مؤكداً أن "الإصابة لن تكون عائقاً أمام تحقيق أحلامي".
إلى جانبه كانت خطيبته فاطمة زلزلي، التي اختارت البقاء معه منذ اللحظة الأولى، قائلة:
"ما حسّيت إني ضحّيت، بالعكس، تشرفت بخدمته. إصابته كانت في خط الجهاد، وهذا وسام نفتخر فيه."
أما والدته، فاستقبلت الخبر بالصبر والإيمان، معتبرة أن ما أصاب ابنها "في سبيل طريق ذات الشوكة الذي اختاره"، وأضافت:
"لو عندي عشرة أولاد، كلهم بمشوا بهذا الخط. نحن نعتز بأننا عائلة مجاهدة."
اليوم، يجلس جواد في محلّه المتواضع، يبيع أجهزة الكمبيوتر والهواتف، يساعده شقيقه وخطيبته. يقول بابتسامة واثقة:
"ما خسرنا، بالعكس... نحن انتصرنا بالصبر والإرادة. ما في شي بيوقف حركة الإنسان إذا قرر يكمل طريقه."
المزيد في الفيديو المرفق...