بين رهانات واشنطن وتشدد تل أبيب ومناورة حماس، تدخل غزة مرحلة دقيقة مع انطلاق مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، بعد إنجاز معظم بنود المرحلة الأولى. لكن طريق التنفيذ لا تبدو سهلة، إذ تتزاحم الملفات المعقدة من نزع سلاح حماس إلى إدارة المعابر وإعادة الإعمار، وسط تأکيد حماس بالتزامها بالاتفاق وتشكيك الاحتلال الاسرائيلي واستنفاره الامني.
التشدد والرفض لأي مرونة بشأن بنود خطة ترامب في هذه المرحلة هو السمة الأبرز للموقف الإسرائيلي، الذي يصر على نزع سلاح حماس وتسليم جميع الجثث، والذي يهدد باستئناف العملية العسكرية عند أي خرق أو تأخير في تنفيذ البنود، حيث اتهم وزير الشؤون الاستراتيجية في الكيان، رون ديرمر، حماس بـ"التباطؤ" في إعادة جثث الأسرى الإسرائيليين. فيما هدد الرئيس ترامب حماس بالقضاء عليها في حال استمرت، وفق قوله، بـ"قتل الناس في غزة"، بعد الحملة الأمنية التي قادتها حماس ضد العملاء المتعاونين مع الاحتلال.
من جهتها، كررت حماس تأكيدها الالتزام بالاتفاق مبدئياً، متهمة نتنياهو بعرقلة مساعيها في الوصول إلى جثث الأسرى عبر استمرار القصف ومنع دخول الآليات اللازمة. مطالبة بوقف العمليات الميدانية ودخول معدات ثقيلة لإخراج الجثث من تحت الأنقاض.
ورغم هذه الخطوات، يبقى ملف الجثث المتبقية العقبة الأكبر أمام الانتقال الكامل إلى المرحلة الثانية، ويهدد صمود الاتفاق. فيما يعتبر ملف إعادة الإعمار أبرز التحديات الإنسانية أمام الأطراف المعنية، في ظل ربط تمويل إعادة الإعمار بتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، ما يرهن الإعمار بمسار المفاوضات.
أما السلاح فيعتبر أخطر ملفات الاتفاق، حيث اشترط الكثيرون نجاح المرحلة الثانية بحسم معضلة نزع السلاح، اما الفشل فسيعني والعودة إلى نقطة الصفر.
تدرك تل أبيب أن أي فشل في المرحلة الثانية سيكون إحراجاً أمام واشنطن، التي لا تريد تسجيل إخفاق جديد في غزة، خاصة في ظل مساعي ترامب لتحويل الاتفاق إلى إنجاز سياسي ومحاولة واشنطن ضبط الإيقاع، الا ان الاحتلال لا يخفي نيته فرض معادلة أمنية طويلة المدى، وسط تمسك كل طرف بمطالبه القصوى، ما يجعل الاتفاق هشاً قابلاً للانهيار عند أول اختبار أمني حقيقي.