* العلاقات الاستراتيجية بين روسيا وإيران
وقال السفير الروسي في مقابلة اجرتها معه مراسلة وكالة "فارس" حول العلاقات بين ايران وروسيا: هذه العلاقات استراتيجية وذات أهمية استراتيجية. في 17 يناير/كانون الثاني 2025، وقع رئيسا البلدين في روسيا معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا، ودخلت هذه المعاهدة حيز التنفيذ مؤخرا.وعلى الرغم من الظروف المختلفة والتغيرات الأخيرة على الساحة الدولية، يُشدد رئيسا البلدين على أهمية تطبيق هذه المعاهدة، وقد أثبتت طبيعتها الاستراتيجية، ولن تتغير سياسات البلدين.
* العلاقات الاقتصادية
واضاف: إذا أردنا الحديث عن مجالات لم تُستغل بالكامل، للأسف، فهي المجال الاقتصادي، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى غياب البنية التحتية التجارية المناسبة وضعف وعي الجهات الفاعلة الاقتصادية بإمكانيات بعضها البعض. ومع ذلك، شهد كلا المجالين في السنوات الأخيرة تقدما ملحوظا، بما في ذلك إنشاء آليات مالية ودفع فعالة، والتحسين التدريجي لطرق نقل البضائع، ومن المتوقع تحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال.في 13 مايو/أيار من هذا العام، وفي إطار تكامل أنظمة الدفع الروسية "مير" وشبكة "شتاب" الإيرانية، أُقيم حفل إطلاق وقبول بطاقات "مير" في إيران. إضافةً إلى ذلك، تُشارك روسيا في تمويل بناء خط سكة حديد رشت-أستارا، ويتركز التدفق الرئيسي للبضائع في هذا المشروع في شبكة اللوجستيات السككية المتكاملة على الفرع الغربي لممر النقل الدولي "شمال-جنوب".
* نمو التبادل التجاري بنسبة 16٪
وتابع السفير الروسي: الإحصاءات الحالية تتغير، وحسب آخر الإحصاءات، لم يكن نمو التبادل التجاري الثنائي العام الماضي ١٣٪، بل أكثر من ذلك، إذ بلغ ١٦٪، وهو معدل ضئيل، وهو ما يرضينا تماما.نعتقد أن الدور الأهم في تقدم وتطور حجم التبادل التجاري بين البلدين تضطلع به اللجنة التجارية والاقتصادية المشتركة، التي عُقد آخر اجتماع لها في روسيا مطلع هذا العام.شهدنا خلال الأشهر الماضية من هذا العام نموا جيدا وملحوظا في عملية زيادة التبادل التجاري، وبالطبع، يُسهم النشطاء الاقتصاديون ورجال الأعمال من البلدين ويلعبون دورا هاما في هذه العملية.
*لم ولن يتعارض تعاون إيران العسكري والدفاعي مع مصالح أي دولة ثالثة
وحول التعاون العسكري والدفاعي قال السفير الروسي: برأيي، يكتسب نطاق التعاون بين البلدين أهمية بالغة. تتضمن معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا بندا منفصلًا حول نطاق التعاون، وتحدد جميع معاييره.أؤكد مجددا أن هذا التعاون العسكري بين البلدين يُنفذ وفقا للقواعد واللوائح الدولية، ولم ولن يتعارض أبدا مع مصالح أي دولة ثالثة.
*استعداد روسيا التام لتطبيع العلاقات الإيرانية الأمريكية
واردف السفير الروسي: نحن على دراية تامة بالوضع في مسار المفاوضات غير المباشرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية، ونحن على أتم الاستعداد لتطبيع العلاقات بين البلدين. وسنقدم الدعم والمساعدة إذا دعت الحاجة.
* لا نقبل القيود الناجمة عن آلية "سناب باك"
وحول آلية الزناد (سناب باك) قال السفير الروسي:نعتبر تفعيل الدول الغربية لآلية "سناب باك" (إعادة العمل بقرارات العقوبات التي أُلغيت على إيران) أمرا غير مقبول وغير قانوني.لا نعتبر أن آلية الزناد قد فُعلت، ونعتقد أن جميع أحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، بما في ذلك القيود المنصوص عليها فيه، قد انتهت. جميع القيود الناجمة عن آلية "سناب باك" غير مقبولة لدينا.
ومضى يقول : أؤكد استعدادنا لمواصلة التعاون مع الجمهورية الإسلامية الايرانية استنادًا إلى أحكام معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا.واضاف: كما تعلمون، كانت وساطة عُمان بين إيران واميركا فعالة وإيجابية للغاية، وقد أعربت إيران أيضًا عن ارتياحها لوساطة عُمان، وقبل فترة، زار الممثل الخاص لعُمان إيران، وهو ما لاقى ترحيبا على أعلى مستوى.وأكدت روسيا مرارا وتكرارا التزامها بالحل الدبلوماسي والسياسي لجميع المشاكل والتوترات في عملية التفاوض، وتعلن استعدادها في هذا الصدد.وفيما يتعلق بالتعاون الثلاثي بين إيران وروسيا والصين، لدينا هذا التعاون وسنواصله، وهو تعاون وثيق للغاية. برأينا، هذا التعاون ممكنٌ ومجدٍ لمنع تشكيل لجنة وهيئة كهذه لإعادة القرارات التي أُلغيت سابقا.
وقال : مواقف روسيا واضحة تمامًا. تعلمون جميعًا أن الرسالة الرسمية من وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد أُرسلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والرسالة الثلاثية من ممثلي إيران وروسيا والصين لدى الأمم المتحدة في نيويورك قد أُرسلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن. بالإضافة إلى ذلك، شهدنا بيانا مشتركا ورسالة من سفراء إيران وروسيا والصين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المدير العام لهذه المؤسسة. أما مسألة تشكيل لجنة وهيئة لإعادة صياغة القرارات الملغاة، فلا يمكن تشكيلها إلا بناءً على قرار من مجلس الأمن الدولي، وأعتقد أنه من غير المرجح أن يُنفَذ مثل هذا المشروع التخريبي في ظل وجود أعضاء دائمين مثل الصين وروسيا، وفي ظل الهيكل الحالي لمجلس الأمن الدولي.
*التعاون النووي يتقدم بشكل ممتاز
وبشان التعاون النووي قال السفير الروسي: التعاون بين البلدين يتقدم بشكل ممتاز. كانت الزيارة الأخيرة لمحمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في نهاية سبتمبر/أيلول، تهدف بشكل رئيسي إلى المشاركة في أسبوع الطاقة النووية العالمي في موسكو. وتم توقيع العديد من الوثائق المهمة خلال هذه الزيارة، منها مذكرة تفاهم لبناء محطة طاقة نووية صغيرة السعة في إيران، واتفاقية بين شركات متخصصة من البلدين لتطوير مشروع محطة طاقة نووية كبيرة السعة. (توضيح: تتضمن مذكرات التفاهم هذه: المفاعلات الصغيرة الحجم (SMR) ومشروع محطة الطاقة النووية الإيرانية هرمز، الذي يتكون من أربعة مفاعلات بقدرة 1250 ميجاوات بقيمة تزيد عن 25 مليار دولار بين شركات إيران هرمز وشركة REP الروسية، والتي تم توقيعها أثناء زيارة محمد إسلامي إلى روسيا.)
* بناء الوحدتين الثانية والثالثة في محطة بوشهر مستمر رغم العقوبات
واضاف: مشروع محطة بوشهر للطاقة النووية قيد التنفيذ، ووحدتها الأولى قيد التشغيل. سُلمت هذه الوحدة في أغسطس 2015، ومنذ تشغيلها، أنتجت المحطة أكثر من 74 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء. يُنفذ بناء الوحدتين الثانية والثالثة في بوشهر بشكل مشترك بين إيران وروسيا، رغم الضغوط والعقوبات المستمرة المفروضة على إيران وروسيا.نتوقع اكتمال بناء الوحدتين الثانية والثالثة في بوشهر قريبا، وأن تُضاف الكهرباء المولدة حديثا إلى شبكة الطاقة الإيرانية في أقرب وقت ممكن.
*زيارة لافرينتييف إلى طهران وزيارة الجولاني إلى موسكو
وحول زيارة ألكسندر لافرينتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، إلى طهران. وقبلها، زيارة محمد الجولاني، رئيس الحكومة السورية المؤقتة، إلى موسكو وهل حمل لافرينتييف رسالة من السلطات السورية بشأن العلاقات بين إيران وسوريا؟ اجاب السفير الروسي: زار ألكسندر لافرينتييف، ، طهران قبل فترة على رأس وفد، وعقد خلال هذه الزيارة اجتماعات مثمرة مع مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، من بينهم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، ووزير الخارجية، ونظيره الإيراني محمد رضا رؤوف شيباني، وبالطبع، كانت سوريا الموضوع الرئيسي للمفاوضات.
واضاف كانت زيارة أحمد الشرع إلى موسكو زيارةً تمت بمستوى مرغوب فيه وجيد. قال السيد الشرع إن الجانب السوري على أتم الاستعداد لتحسين وتطبيع العلاقات مع الاتحاد الروسي. أولاً، لدينا، وسنواصل، تعاونا في المجال الاقتصادي ومشاريع عديدة في سوريا، نأمل أن تصل إلى مرحلة التنفيذ قريبا. كما أن للجمهورية الإسلامية الإيرانية مشاريع اقتصادية في سوريا، ولهذا التعاون آفاق واعدة ومفيدة.
* هناك آفاق واعدة لتطبيع العلاقات بين إيران وسوريا
وحول مدى احتمالية أن تتحول هذه العملية إلى عملية رباعية الأطراف بحضور الصين بشأن سوريا، وهل يمكننا أن نأمل في ذلك؟ قال السفير الروسي: التنبؤ بهذا الشأن معقد بعض الشيء، لأنه من غير الممكن التنبؤ بكيفية تطور التطورات. إذا نظرنا إلى الأحداث في المنطقة، نرى أن هناك آفاقًا واعدة جدًا لتطبيع العلاقات بين الحكومة السورية الحالية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخاصةً في المجال الاقتصادي. وكما ذكرتُ سابقا، هناك مشاريع إيرانية في سوريا، وهناك آفاق واعدة لتنفيذها.
ومضى قائلا: السفير الروسي: لا أرى حاليًا أي منافسة خاصة بين إيران وروسيا. في مجال الاقتصاد والسوق العالمية، يُظهر الطلب ارتفاعا كبيرا على شراء ناقلات الطاقة والنفط والغاز من مختلف الدول. ويشهد هذا المجال حاليا تفاعلًا وتوازنا.
* نسيطر سيطرة كاملة على الميدان
وفيما يتعلق بأوكرانيا، هل تعتقد أن المحادثات بين روسيا واميركا ستُفضي إلى نتيجة، وما مدى احتمالية توصل هذه المحادثات إلى اتفاق برأيك؟اجاب السفير الروسي: عُقد اجتماع مثمر وجيد للغاية بين بوتين وترامب في أنكوريج، ألاسكا. حاليا، يزور كيريل دميترييف، المبعوث الرئاسي الخاص للاستثمار والتعاون الاقتصادي مع الدول الأجنبية، الولايات المتحدة، ويعقد اجتماعات متعددة مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى. موقفنا واضح ومبدئي، وهو ضرورة القضاء على الأسباب الجذرية للأزمة أولًا، وقد اضطررنا لبدء عمليات ومشاريع عسكرية في أوكرانيا منذ البداية بسبب الإجراءات العدوانية للدول الغربية.
واضاف تتعلق هذه القضية بحق السكان من أصل روسي في أراضي أوكرانيا في التحدث بلغتهم الأم (الروسية)، كما أن مسألة حياد أوكرانيا مهمة بالنسبة لنا.
واردف يقول : أما فيما يتعلق بالوضع في ساحة المعركة، فجميع المبادرات منوطة بالجيش الروسي، ولدينا سيطرة كاملة على الميدان. الجيش الأوكراني ليس في حالة جيدة ونحن نشهد عددا كبيرا من الانشقاقات في صفوفه، وكل هذه العوامل تشير إلى أن الوضع على الأرض أصبح الآن لصالح الجيش الروسي.
* لن نخضع للضغوط الخارجية
وسالت مراسلة وكالة فارس: هناك قلق لدى بعض الإيرانيين من أن الأميركيين قد يطلبون تنازلات من روسيا بشأن إيران خلال المفاوضات بين اميركا وروسيا بشأن أوكرانيا. هل الروس مستعدون لاتخاذ مثل هذه الخطوة؟اجاب السفير الروسي: ستُنفذ العلاقات بين إيران وروسيا بناءً على طبيعة وأحكام معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، ولن ترضخ روسيا أبدا للضغوط الخارجية ولن تجد بديلا لهذه العلاقات. وأكرر أن طبيعة العلاقات القيادية في كلا البلدين مضمونة.إلى جانب مجال الطاقة النووية السلمية الذي نحرز فيه تقدمًا، هناك مجالات أخرى مثل النقل والخدمات اللوجستية وبناء خط سكة حديد رشت-أستارا والممر الدولي بين الشمال والجنوب وقطاع الطاقة.
واضاف: لن نساوم أبدًا تحت أي ضغط من دولة ثالثة أو تحت الإكراه، ولدينا آفاق واسعة للمضي قدما.