عراقجي: سماء "إسرائيل" خلال حرب الـ 12 يوماً كانت تحت سيطرة صواريخنا

الإثنين ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٥
٠٧:٣٧ بتوقيت غرينتش
عراقجي: سماء أكد وزير الخارجية الإيراني "عباس عراقجي" إن الجمهورية الإسلامية الإیرانیة على أتمّ الجاهزية في مواجهة أي تهديد أو احتمال لعودة الحرب.

وأشار "عراقجي" في مقابلة مع قناة الجزيرة إلى قابلية اختراق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية وإلى التحوّل الشامل في القدرات الصاروخية الإيرانية.

و أكد أنّ إيران جاهزة تماماً لأي تصعيد محتمل في المنطقة، مؤكداً أنّ خطر نشوب حرب من جانب كيان له تاريخ طويل في العدوان لا يمكن إنكاره.

وأضاف: «احتمال شنّ الحرب من قِبل كيان عدواني أشعل حروباً متعدّدة في منطقتنا، وآخرها هجومه على بلدنا الصديق والشقيق قطر، أمر متوقَّع، لكننا مستعدّون تماماً لأيّ وضع».

و فيما يلي النص الكامل للمقابلة:

اليوم الجميع يخشون عودة الحرب، وهناك تقارير وتحليلات إعلامية تتحدث عن احتمال تجدّدها. هل تتوقعون اندلاع حرب جديدة؟

من الواضح أننا مستعدّون لكل الاحتمالات. فالكيان العدواني الذي أشعل حروباً عدّة في منطقتنا، وكان آخرها الهجوم على قطر، قد يكرّر ذلك، ولا أحد يمكنه إنكار هذا الاحتمال. لكننا على أتمّ الجاهزية لكل سيناريو.

أؤكد بثقة واطلاع أننا اليوم أكثر استعداداً مما كنا قبل حرب الاثني عشر يوماً، من حيث الإمكانيات والمعلومات والدوافع والمعنويات. وإذا كرّروا تجربة تلك الحرب الفاشلة، فسوف يواجهون النتيجة نفسها، لأن تجربة فاشلة لا تفضي إلا إلى فشل جديد.

ففي تلك الحرب لم يحقق الكيان الصهيوني أيّاً من أهدافه، وإذا أعاد التجربة، فسيصطدم بالنتائج نفسها، بل أسوأ، لأننا اليوم أكثر استعداداً، بعد أن تعرّفنا جيداً إلى نقاط ضعفنا ونقاط ضعف العدو، وأصبحنا قادرين على العمل بقوة أكبر.

ما هي نقاط الضعف التي أشرتم إليها؟

بعضها يتعلق بالتكتيكات العسكرية، لكن تبيّن لنا أن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية قابلة للاختراق بالكامل. رغم أن دولاً أخرى ساعدتها وأضافت طبقات دفاعية متعددة، إلا أنّ صواريخنا تمكّنت من اختراقها.

لقد اكتسبنا خبرات تقنية مهمة، إذ جرى اختبار صواريخنا لأول مرة في حرب حقيقية، ونجحت في ذلك، ونحن نعرف اليوم كيف نطلقها بدقة وقوة أكبر.

وتزعم الحكومة الإسرائيلية أحيانا أن المجال الجوي الإيراني كان تحت سيطرة الطائرات الإسرائيلية خلال الحرب التي استمرت 12 يوما، لكنهم لا يقولون الجزء الثاني من القصة: أنّ سماء إسرائيل كانت في تلك الأيام تحت سيطرة الصواريخ الإيرانية، ولم يتمكنوا من الدفاع بفاعلية. نحن اليوم أكثر خبرة وجاهزية، وإذا كرّروا التجربة، فسيواجهون نتائج أشدّ سوءاً.

هل حدث تطوّر كبير في عدد الصواريخ الإيرانية ونوعيتها؟

نعم، لقد حدث تحوّل شامل في جميع الجوانب.

في حال اندلاع حرب جديدة، هل تتوقعون أن تتحوّل إلى حرب إقليمية واسعة؟

لكل حرب طبيعتها، لكنني كدبلوماسي أفضل الحديث عن الدبلوماسية لا عن الحرب.

إنّ جاهزيتنا العسكرية هي في الحقيقة أفضل وسيلة لمنع الحرب، لأن من يستعدّ للحرب يبعدها عن نفسه. وعندما أتحدث عن استعداد إيران، فإنني أقصد أننا لا نريد حرباً، لأن تبعاتها ستكون ثقيلة على الجميع في المنطقة.

لقد حاولنا في المرة السابقة السيطرة على أبعاد الحرب إقليمياً، رغم أن الكيان الصهيوني حاول توسيعها إلى الخليج الفارسي عبر هجومه على منشآتنا النفطية والبتروكيميائية، لكننا نجحنا في احتوائها إلى حد كبير وبطبيعة الحال، ليس من الواضح ما سيحدث في المستقبل.لا نرغب في حرب أو توسيعها، لكننا نواجه كياناً عدوانياً يسعى لجرّ المنطقة كلها إلى الصراع.

تجربة قطر كانت درساً مهماً، كما أن هناك تجارب سوريا ولبنان واليمن، إضافة إلى تهديدات الكيان الصهيوني لبقية دول المنطقة. هذا الكيان يتحدث عن “إسرائيل الكبرى”، أي أنه يطمع في أراضي دول أخرى.

نحن نواجه كياناً توسعياً وعدوانياً ويرغب في الهيمنة على المنطقة ويجب أن نكون مستعدين لمواجهته عسكرياً ودبلوماسياً معاً.

إيران خلال العام الماضي انتهجت سياسة حسن الجوار ووسّعت علاقاتها في منطقة الخليج الفارسي بسرعة، وخاصة بعد حرب الاثني عشر يوماً، ما أسفر عن تفاهم مشترك بين دول المنطقة بشأن من هو العدو الحقيقي.

اليوم يدرك الجميع أن العدو الحقيقي هو كيان الاحتلال، وكل الدعايات السابقة التي حاولت تصوير إيران كتهديد قد تهاوت. حتى إنني أقول أحياناً لأصدقائي إنّ نتنياهو، رغم كونه مجرم حرب لم يتردد في ارتكاب أي جريمة، إلا أنه قام بعمل إيجابي واحد: لقد أثبت للجميع أن العدو الحقيقي هو الكيان الاسرائيلي، وليس إيران ولا أي بلد آخر في المنطقة.

وصل إليكم عبر الرئيس بوتين رسالة مفادها أن نتنياهو لا يسعى إلى إشعال حرب جديدة ضد إيران، ما تقييمكم لذلك؟

نحن لا نثق إطلاقاً في أقوال مسؤولي الكيان الصهيوني، ونفترض دوماً احتمال الخداع. أصدقاؤنا في روسيا نقلوا لنا هذه الرسالة، لكنهم أنفسهم شككوا في صدق نتنياهو. سمعنا الرسالة، لكن جاهزيتنا باقية بل ومتزايدة.

الحرب السابقة اندلعت أثناء المفاوضات مع الجانب الأمريكي، فهل كانت مفاجِئة؟

كما ذكرتم، انعدام الثقة بالولايات المتحدة مسألة خطيرة. لم نثق يوماً بـالكيان الصهيوني، لكننا للأسف خضنا تجارب سيئة جداً مع واشنطن.

في عام 2015 توصّلنا إلى الاتفاق النووي مع مجموعة 5+1، والتزمنا بالكامل، لكن أمريكا انسحبت بلا سبب. وفي عهد حكومة الشهيد رئيسي جرى اتفاق آخر يقضي بإطلاق الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية مقابل تبادل الأسرى مع أمريكا، فوفينا بالتزاماتنا، بينما واشنطن نقضت عهدها؛ إذ نُقلت الأموال من كوريا إلى قطر ثم جُمّدت من جديد.

وفي العام الجاري، وبعد خمس جولات من التفاوض مع الولايات المتحدة، كان من المقرر عقد الجولة السادسة في 15 يونيو، لكن قبل يومين من ذلك شنّ الكيان الصهيوني هجوماً علينا ونحن على ثقة بأن هذا العدوان تم بضوء أخضر من أمريكا.، كما اعترف ترامب لاحقاً قائلاً: “نحن شاركنا في ذلك”. ثم طلبوا من سكان طهران إخلاء المدينة وطرحوا الاستسلام غير المشروط، وبعدها انضمت أمريكا عملياً إلى الحرب وقصفت طائراتها منشآتنا النووية السلمية. وهذه كانت نتيجة مفاوضاتنا مع أمريكا حتى الآن.

إيران تفاوضت مجدداً مع الأوروبيين والأمريكيين، لكنها واجهت «مطالب غير منطقية ومفرطة»، ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق، فقاموا من جانبهم بتفعيل الآلية، بينما روسيا والصين ومعهما 120 دولة من حركة عدم الانحياز اعتبروا الإجراء غير قانوني ودعموا موقف إيران.

سؤال: هل كانت الحرب إسرائيلية أم أمريكية؟

الاثنتان معاً! كانت حرباً أمريكية-إسرائيلية بكل وضوح. فإسرائيل لا تستطيع التحرك دون إذن أمريكا، ثم دخلت واشنطن بنفسها في المعركة.

ما موقفكم من عودة العقوبات (سناب باك)؟

كما أوضحت، هناك خلاف قانوني واضح في مجلس الأمن، فروسيا والصين تعتبران الإجراء غير قانوني، وأربع دول أخرى لم تؤيده، وقد دعمت أكثر من 120 دولة عضو في حركة عدم الانحياز موقف إيران والصين وروسيا. وهذا يعني عدم وجود إجماع دولي حول العقوبات. نواجه الآن حيرةً في مجلس الأمن حول ما إذا كانت العقوبات قد عادت فعلاً أم لا؟ هذا يُظهر غيابَ إجماعٍ حقيقي وكاملٍ في المجتمع الدولي حول مسألة العقوبات على إيران. هناك الآن تحد قانوني وسياسي قائم في مجلس الأمن. وتتعارض آراء روسيا والصين مع آراء الأعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن.

ولكن قانونيًا، لا يمكن نقض هذا القرار، وستُعاد العقوبات. ما هو ردكم؟

هذه هي النقطة الجوهرية. نحن نعتقد أن الدول الأوروبية الثلاث لم يكن لديها أي حق قانوني أو سياسي لتفعيل آلية "سناب باك". وبالتالي فهو من وجهة نظرنا ووجهة نظر روسيا والصين غير قانوني، ولم تعد العقوبات الأممية.

وهل تعتقدون أن روسيا والصين ستمتثلان لهذه العقوبات؟

لقد صرّحتا بأنهما لن تلتزما بها. وما سيحدث عملياً سيتضح في السنوات القادمة. لكن في الرسالة المشتركة التي قدّمتها إيران وروسيا والصين إلى مجلس الأمن، تمّ التأكيد بوضوح على رفض إعادة فرض العقوبات.

يعتمد الأوروبيون والوكالة الدولية للطاقة الذرية على الولايات المتحدة في مواقفهم. يجب الآن حلّ القضية في واشنطن، لكن واشنطن لديها شروط عديدة للمفاوضات، منها خفض مستوى تخصيب اليورانيوم إلى الصفر، وبرنامج الصواريخ الإيراني. ما موقفكم من المفاوضات مع الولايات المتحدة؟

موقفنا واضح تماما، ولطالما كان موقفنا ثابتا؛ نحن على ثقة بسلمية برنامجنا النووي، ومستعدون للتفاوض مع أي دولة لإظهار هذه الثقة. إذا كانت هناك أي أسئلة أو مخاوف، فسنبددها من خلال المفاوضات والتوصل إلى حل مُرض ،هذا ما فعلناه في اتفاق عام ٢٠١٥. في ذلك الوقت، كانت إيران والدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا، في غاية السعادة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه. في ذلك الاتفاق، اتفقنا على اتخاذ خطوات لضمان سلمية برنامجنا النووي مقابل إلغاء العقوبات. في ذلك الوقت، احتفل العالم أجمع بهذا الاتفاق، وكانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث والعالم أجمع راضيين تماما. لكن من خرق الاتفاق؟ الولايات المتحدة خرقته بلا سبب. الآن، نحن مستعدون تماما لمفاوضات عادلة، من منطلق المساواة، وعلى أساس مبدأ الربح للجميع والمنافع المتبادلة.اعتقد أن التوصل إلى اتفاق بشأن القضية النووية ممكن تماما.

في عام ٢٠١٥، وُقع الاتفاق النووي، وانسحبت الولايات المتحدة منه في عام ٢٠١٨. شهدنا عُمان تتوسط في الجولة الجديدة من المفاوضات بينكم وبين الولايات المتحدة. ما هو الملف المطروح حاليا بينكم وبين الولايات المتحدة؟

ما زلنا مستعدين للدخول في مفاوضات قائمة على المصالح المشتركة. لا يزال من الممكن استخدام الصيغة التي استُخدمت في عام ٢٠١٥. ووفقا لتلك الصيغة، كان من المقرر أن تبني إيران الثقة بشأن برنامجها النووي، وفي المقابل، تلغی العقوبات.

دخلت إيران المفاوضات بناء على هذا الموقف، والموضوع الوحيد للتفاوض هو الملف النووي. نحن لا نتفاوض مع أحد بشأن قدراتنا الصاروخية. لا يوجد سبب للتفاوض مع أحد بشأن أمننا.

وفيما يتعلق بقضايا أخرى، نعتقد أنه لا أساس للتفاوض. لذا، جوابي واضح تماما: هناك احتمالات عديدة لاتفاق نووي عادل، لكن الأمريكيين يفرضون مطالب غير معقولة ومفرطة ، ويضعون شروطا لا يقبلها أي عاقل. وعندما يصلون إلى نقطة يصبحون فيها مستعدين لمفاوضات عادلة من منطلق المساواة، فسنفكر في استئناف المفاوضات.

نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول أمريكي قوله إن الولايات المتحدة لديها أربعة شروط أساسية للمفاوضات مع إيران، منها أن تكون المفاوضات مباشرة؛ وأن يصل تخصيب اليورانيوم إلى الصفر؛ ويجب أن يكون برنامج الصواريخ الإيراني محدودا ؛ وأن توقف إيران دعمها الإقليمي، بما في ذلك دعمها لحزب الله والحوثيين( حرکة انصارالله الیمن) والمقاومة الفلسطينية. ما هي شروطكم لمثل هذه المفاوضات؟

ما نقلتموه عن الشروط الأمريكية وتلك التي نشرتها هذه الصحيفة دليل على وجهة نظري بأن الأمريكيين لديهم شروط غير معقولة وغير عادلة، وهذه الشروط غير ممكنة على الإطلاق. لو كانوا مستعدين لمفاوضات عقلانية كما في عام ٢٠١٥، لكان الوضع مختلفا.

التخصيب الصفري غير ممكن. تخصيب اليورانيوم هو إنجاز العلماء الإيرانيين. وقد عملنا بجد طوال تلك السنوات، واغتيل علماؤنا في الماضي. والآن، بعد أن حاربنا مرة واحدة من أجل هذا التخصيب، وفُرضت علينا حرب لمدة ١٢ يوما وقدمنا أكثر من ألف شهيد، ما الذي يدفعنا لقبول التخصيب الصفري؟ ما لم يحققوه في الحرب، لن يتمكنوا من تحقيقه في المفاوضات.

وفيما يتعلق بمسألة الصواريخ، لا يمكن لأي عاقل القبول بتجريدها من السلاح. لماذا نتفاوض بشأن صواريخنا، وقد أثبتت حرب الـ 12 يوما أن الدفاع عن إيران يعتمد على صواريخنا، وأن صواريخنا لعبت دورا مهما في الدفاع عنها.

لذلك، لا فائدة من المطالب غير المعقولة. لا فرق بين المفاوضات المباشرة وغير المباشرة في العلاقات الدولية. أمريكا نفسها كانت وسيطا بين مختلف الدول في مواقف مختلفة. لذا، فإن إصرار أمريكا على أن تكون المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة هو ذريعة من جانبها.

وأكرر مرة أخرى أنه استنادا إلى الصيغة التي اتفقنا عليها في عام 2015، فإن إيجاد ضمانات بشأن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي مقابل الغاء العقوبات لا يزال ممكنا.

لماذا لا تُجرون محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة؟

هناك دول كثيرة لا ترغب في إجراء محادثات مباشرة مع بعضها البعض لأسباب مختلفة، منها التاريخية والسياسية. لقد أجرينا محادثات مباشرة مع الأمريكيين مرة واحدة، ولم نصل إلى أي نتائج. إذا كانوا جادين في هذا الأمر، يُمكننا الوصول إلى نتيجة من خلال المحادثات غير المباشرة. لذلك، يجب ألا نركز كثيرا على شكل المحادثات، بل علینا أن نرکزعلی مضمونها. لا نثق بهم بناء على تجاربنا الشخصية، كما أننا لا نرغب في المفاوضات المباشرة. لكنه یمکن للمفاوضات غير المباشرة أن تقودنا أيضا إلى نفس النتيجة.

لذلك، لا فائدة من المطالب غير المعقولة. لا فرق بين المفاوضات المباشرة وغير المباشرة في العلاقات الدولية. أمريكا نفسها كانت وسيطا بين مختلف الدول في مواقف مختلفة. لذا، فإن إصرار أمريكا على أن تكون المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة هو ذريعة من جانبها.

وأكرر مرة أخرى أنه استنادا إلى الصيغة التي اتفقنا عليها في عام 2015، فإن إيجاد ضمانات بشأن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي مقابل الغاء العقوبات لا يزال ممكنا.

لماذا لا تُجرون محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة؟

هناك دول كثيرة لا ترغب في إجراء محادثات مباشرة مع بعضها البعض لأسباب مختلفة، منها التاريخية والسياسية. لقد أجرينا محادثات مباشرة مع الأمريكيين مرة واحدة، ولم نصل إلى أي نتائج. إذا كانوا جادين في هذا الأمر، يُمكننا الوصول إلى نتيجة من خلال المحادثات غير المباشرة. لذلك، يجب ألا نركز كثيرا على شكل المحادثات، بل علینا أن نرکزعلی مضمونها. لا نثق بهم بناء على تجاربنا الشخصية، كما أننا لا نرغب في المفاوضات المباشرة. لكنه یمکن للمفاوضات غير المباشرة أن تقودنا أيضا إلى نفس النتيجة.

وصلت إيران الآن إلى تقنية تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، ولديها 400 كيلوغرام من المواد المخصبة بنسبة 60%. أين هذه المواد الآن؟

إنها في نفس المكان الذي كانت فيه قبل الهجوم. جميعها تقريبا تحت الأنقاض، وليس لدينا نية لإخراجها من تحت الأنقاض حتى تتهيأ الظروف المناسبة. بالطبع، لا نعرف كم بقي من هذه الـ 400 كيلوغرام وما دُمر منها، ولن نعرف حتى نخرجها من تحت الأنقاض.

ما حجم الأضرار التي سببها الهجوم الأميركي على منشآتكم النووية؟

الضرر كبير، دمرت المباني، ودمرت معداتنا وآلاتنا، لكن التكنولوجيا لم تُدمر. لا يُمكن تدمير التكنولوجيا بالقنابل. والأهم من ذلك، لم تُدمر إرادتنا، بل ازدادت بعد الحرب.

لقد اغتيل العديد من علمائكم وقادتكم العسكريين

استشهد عدد من علمائنا النوويين، لكن الصناعة النووية الإيرانية صناعة ضخمة جدا، وعدد علمائنا ومتخصصينا كبير جدا. كما أن عدد قادتنا العسكريين كبير جدا. لقد شهدتم أنه عندما استشهد بعض قادتنا العسكريين في اليوم الأول، تم استبدالهم على الفور. وبدأ القادة الذين تم استبدالهم عملهم، وبدأنا ردنا وهجماتنا المضادة منذ الليلة الأولى. هناك مقولة جميلة جدا للإمام الخميني: "كلما سقطت راية من يد قائد كفؤ، حملها قائد آخر ودخل الميدان". وهذا ما حدث في حرب الـ12 يوما.

فيما يتعلق بنتائج حرب الـ ١٢ يوما، هناك تقييمان؛ أولًا، أثبتت إيران أنها أصبحت أكثر قوة من ذي قبل ، وثانيا، أن إيران کانت ضعيفة في المواجهة مع "اسرائيل" والولايات المتحدة. ما تقييمكم؟

أعتقد أن العالم أجمع شهد جزءا من قوتنا في الحرب الـ ١٢ يوما. على الرغم من الضربات التي وجهها لنا الکیان الإسرائيلي بشكل مفاجئ في اليوم الأول، تمكنا من الرد فورا. في الأيام الأولى، غرّد السيد ترامب بضرورة الاستسلام غير المشروط، لكن في اليوم الثاني عشر، اقترحوا وقفا غير مشروط لإطلاق النار. هذا يدل على أن إيران أقوى بكثير مما كانوا يعتقدون. لا سيما أن الوحدة الوطنية ومقاومة الشعب ودعمه للحكومة كانت مفاجأة مهمة للعالم أجمع. لقد تعلمنا دروسا كثيرة من الحرب في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وإذا اندلعت الحرب مرة أخرى، سنكون أكثر استعدادا.

هل كنتم تتوقعون اندلاع حرب قبل الهجوم؟

كنا نعلم، وكانت جميع معلوماتنا تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة، كان يستعد للحرب. كنا نراقب جميع تحركاتهم. بالطبع، فوجئنا ببعض التكتيكات، ولكن ليس بجوهر الحرب. ولذلك، تمكنا من إيجاد الاستعدادات اللازمة للدفاع منذ اليوم الأول.

ربما لم يخطر ببال أحد أن الکیان الإسرائيلي قد يصل إلى هذه الدرجة من الإجرام لیغتال قادتنا العسكريين في منازلهم مع عائلاتهم وهم غير موجودين في أماكن عملهم وتفاجأنا في هذا الصدد.

هل تعرضتم شخصيا لهجوم خلال الحرب؟

كانت هناك احتمالات كثيرة خلال حرب الـ12 يوما، وكنتُ في مكتبي طوال هذه الأیام ، وكنتُ أبذل جهودا دولية لإثبات حق الشعب الإيراني في الدفاع عن نفسه، وبالطبع هناك خطر.

زار نائبكم السياسي سلطنة عُمان مؤخرا. هل جاءت هذه الزيارة في إطار العودة إلى المفاوضات؟

کانت هذه الزیارة زيارة دبلوماسية عادية. ونعقد اجتماعات دورية لإجراء محادثات سياسية مع عُمان والعديد من الدول الأخرى وحان الوقت لعقد هذه الاجتماعات في عُمان حيث زار نائبي مسقط وأجرى محادثات مثمرة للغاية حول الوضع في المنطقة والعلاقات الثنائية. ولا علاقة لهذه الزيارة بالولايات المتحدة، ولم يكن هناك تبادل للرسائل في هذا الصدد.

متى يُمكن العودة إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة، بشكل مباشر أو غير مباشر؟

يمكن العودة إلى المفاوضات عندما يكون الأميركيون مستعدين للتفاوض من موقع متساو وعلی أساس المصالح المتبادلة..يبدو أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم ونحن أيضا لسنا في عجلة من أمرنا.

كان يُعتقد أن حلفاءكم الإقليميين سيقفون إلى جانبكم في الحرب الأخيرة، خاصة بالنظر إلى الدعم الواسع الذي قدمتموه للحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وكذلك في العراق. لكن عمليا، لم يقف حلفاؤكم إلى جانبكم في هذه الحرب الكبرى.

لطالما دعمنا حزب الله في لبنان، وحماس في فلسطين، وجماعات أخرى في اليمن والعراق، لأنهم يقاتلون من أجل قضية مشروعة ومبررة تماما. ندعمهم انطلاقا من واجبنا الإنساني والسياسي. ولقد تعرضوا للهجوم في الحرب الأخيرة، وقرروا بأنفسهم كيف يدافعون عن أنفسهم. إيران قوية بما يكفي للدفاع عن نفسها، ولا تحتاج إلى دولة أخرى أو حليف آخر.

هذه السلسلة من التحالفات كمحور المقاومة تسببت في خلافات مع دول مختلفة، بما في ذلك السعودية.

مسألة خلافات الحوثيين اليمنيين مع السعوديين مسألة تخص البلدين. ما دعمته إيران كان في الحرب مع إسرائيل، حيث وقف اليمنيون إلى جانب أهل غزة، وساندوا أهل غزة ببسالة حقيقية. ولم نتدخل في العلاقة بينهم وبين السعودية. في الواقع، لطالما سعينا ونسعی، إلى حل خلافاتهما، لأنه لا ينبغي لدولتين مسلمتين أن تتقاتلا.

دخل حزب الله الحرب مع العناصر التي قادتها إسرائيل وأمريكا لإسقاط ما يسمى بالنظام السوري و أثبت التاريخ والتجربة والتطورات اللاحقة أن حزب الله كان على حق. ونشهد أنه مع تغير النظام في سوريا، استمر الاحتلال الإسرائيلي، واحتل المزيد من الأراضي السورية. وإن إجمالي الأراضي المحتلة في سوريا أكبر بكثير من مساحة غزة بأكملها، وسوريا تتجه نحو التفكك بسبب المؤامرات الإسرائيلية والغربية وإن حزب الله دعم سوريا من أجل استقرار المنطقة بأكملها.

وتلعب الجماعات الموجودة في العراق، دورا في المشهد السياسي الداخلي العراقي كجماعات سياسية ولها الحق في المطالبة بحقوقها كجماعات سياسية. ولم ولن نتدخل في المنافسات الداخلية لهذه الجماعات.

ولطالما حظيت جبهة المقاومة بدعم إيراني في كفاحها المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي. لم ننكر ذلك قط، وندعم هذه الجماعات دائما ضد الاحتلال الإسرائيلي لأنها تقاتل ضد هدف مشروع. وهذا ليس دليلا على أن هذه الجماعات تکون تابعة لإيران.، والتصورات السائدة غير صحيحة إطلاقا.

ويُطلق علي هذه الجماعات، أحيانا اسم وكلاء أو جماعات تابعة لإيران وهذا خطأٌ تام. هذه الجماعات حركات محبة للحرية تسعى إلى محاربة الاحتلال وهيمنة الکیان الصهيوني، وفي هذه الحالة، تحظى دائما بدعم إيراني.

غادرتم سوريا. هل وصلتم إلى نقطة الصفر فيما يتعلق بسوريا الجديدة بقيادة أحمد الشرع؟

لطالما دعمنا الشعب السوري واستقلال سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها. نريد سوريا مستقرة لأن ذلك يصب في مصلحة استقرار المنطقة بأسرها. نريد سوريا خالية من الاحتلال لأن ذلك مهم للسلام والاستقرار في المنطقة. وكان دعمنا لنظام بشار الأسد جاء في هذا الإطار أيضا. والآن، نواصل دعم وحدة أراضي سوريا واستقلالها، ونريد سوريا مستقرة. الحكومة الحالية في سوريا لا تسعى إلى علاقات مع إيران، ولسنا في عجلة من أمرنا، بل ننتظر. للأسف، لا تسير التطورات في سوريا في الاتجاه الصحيح، ونحن نكتفي بالمشاهدة. ونأمل أن يسود الاستقرار والسلام في سوريا، وأن تتحرر سوريا من احتلال الکیان الصهيوني. ونأمل أن تتعايش جميع الأعراق والجماعات السورية بسلام، وإذا طُلب منا المساعدة، فسنساعد بالتأكيد. لكن ليس لدينا أي علاقة مع الحكومة السورية بهذا الشأن حاليا. نحن فقط نشاهد وننتظر.

هل هم غير راغبين في إقامة مثل هذه العلاقات أم أنتم غير راغبين؟

هم غير راغبين، ولسنا في عجلة من أمرنا.

كيف تقيمون علاقتكم بتركيا، كدولة کبیرة في المنطقة خاصة بعد التطورات في سوريا؟

تركيا جارتنا العريقة والكبيرة، وتفاعلاتنا معها واسعة جدا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.لقد كنا وما زلنا جيرانا جيدين لبعضنا البعض ولدينا مصالح واهتمامات مشتركة، وبالطبع، لدينا اختلافات في الرأي في بعض الأحيان. في بعض القضايا، كالقضية السورية مثلا، نختلف في الرأي وأعتقد أن العديد من المخاوف التي كانت لدينا بشأن سوريا قد أوضحت لأصدقائنا في تركيا. تربطنا علاقات وثيقة بالمسؤولين الأتراك وعقد الرئيس بزشکیان والسيد أردوغان العديد من الاجتماعات والزيارات، وأنا أيضا صديق مقرب لهاکان فيدان.

وأعتقد أن اختلافنا الرئيسي كان حول القضية السورية. وكانت نظرتنا إليها مختلفة والآن، أعتقد أنه بعد التطورات التي حدثت، أصبح من الواضح أن مخاوفنا كانت في محلها. أعتقد أن ما حدث الآن لا يرضي أحدا في المنطقة ولقد ازداد الاحتلال الإسرائيلي لسوريا، ولا يزال خطر تفككها قائما وهذا لا يرضي أحدا في المنطقة. وما زلنا نتشاور مع الحكومة التركية وحكومات أخرى وإذا دعت الحاجة إلى مساعدة إيران في استقرار سوريا ووحدة أراضيها، فسنفعل ذلك.

ما رأيكم في مستوى العلاقات الحالية بين إيران والسعودية، كدولة إسلامية كبيرة؟

علاقتنا مع السعودية اليوم مبنية على الاتفاق في الرأي، وهي علاقات ودية للغاية.وكانت بيننا خلافات في الرأي، وصلت في بعض الأحيان إلى حدّ قطع العلاقات، لكننا لم نعتبر أبدا السعودية عدوا لنا.

واجه أصدقاؤنا في المنطقة بعض سوء الفهم بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وربما كانت هناك أخطاء من جانبنا زادت من سوء الفهم هذا. كانت هناك قضايا مختلفة في الماضي لا أريد التطرق إليها الآن. نتمتع الآن بعلاقات ودية للغاية ولدي مشاورات وعلاقات جيدة مع أخي فيصل بن فرحان. لقد قمت بالعديد من الزيارات خلال العام الماضي. ونتفق بشأن القضايا والتهديدات الإقليمية. تتفق إيران والسعودية على الاستقرار في البلدين وفي المنطقة بأسرها. ونتفق أكثر من أي وقت مضى على أن لدينا عدوا مشتركا.

نعلن عن إرادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في توسيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية في جميع المجالات وإن إيران والمملكة العربية السعودية دولتان کبیرتان في المنطقة والعالم الإسلامي، وبرکات علاقاتهما الطيبة واتفاقهما في الآراء تصب في مصلحة المنطقة بأسرها.

التقيت أربعة مرات ولي العهد السعودي خلال العام الماضي وأستطيع أن أقول إنني لاحظت أيضا الإرادة في المملكة العربية السعودية للتعايش السلمي وإرساء السلام والاستقرار في المنطقة.

هل طرأ تغيير على نظرة إيران للعلاقات الخارجية الآن، لتظهر مزیدا من المرونة تجاه العالم؟

إن كنت تقصد المرونة في مواجهة أعدائنا الذين اعتدوا علينا، فلا! لا توجد مثل هذه الإرادة لدى الشعب الإيراني.إن الشعب الإيراني شعب عزيز وشريف، ولا يقايض استقلاله وكرامته وعزته بأي شيء. أما إن كنت تقصد علاقات حكيمة وتفاعلا عقلانيا مع العالم أجمع، فهذه كانت سياستنا في الماضي وستکون سیاساتنا أیضا.

لا تنسوا أن الحرب فرضت علينا في خضم المفاوضات، لذلك، الدبلوماسية مبدأ لدينا. نحن مستعدون للتفاعل مع العالم والغرب، وقد أثبتنا ذلك علی أرض الواقع، وهم من خانوا الدبلوماسية. إن سياستنا واستراتيجيتنا مبنيتان على الدبلوماسية والتفاعل. وأولويتنا هي جيراننا، وقد بدأنا سياسة حسن الجوار بالقوة وسنوسعها بعد الحرب.

نحن أيضا نتفاعل مع الغرب، ونتفاوض، لكننا لا نُملي ولا نطيع الأوامر أبدا. وإن التفاوض يختلف عن الإملاء.

0% ...

آخرالاخبار

إنطلاق المرحلة 2 من مناورات القوات البحرية لحرس الثورة الإسلامية


منتخب إيران للتايكواندو یحصد ذهبيتين في بطولة العالم للشباب


اتفاق غزة بين الاعتداءات الإسرائيلية وخطة ترامب


بعد هلاك 'أبو شباب'.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال للاستسلام


الرئيس الروسي.. سنواصل 'دون انقطاع' تصدير الوقود للهند


متحدث الفيفا يرحب بحضور ممثلي إيران في حفل قرعة كأس العالم


فنزويلا تواجه عزلة جوية بعد وقف شركات طيران رحلاتها إليها


منصّات التواصل تغلي.. تعيين"كرم" يفجّر عاصفة جدل على المنصّات اللبنانية!


مسؤول أممي يدعو للضغط على كيان الإحتلال لإنهاء خروقاته


بيان لرئاسة العراق حول إدراج حزب الله وأنصار الله على قائمة الإرهاب