في مشهد غير مسبوق في العلاقات الدولية، تتقدم ثمان دول حليفة لواشنطن خطوة إلى الأمام في سبيل تحقيق العدالة، فقد أعلنت تركيا، وسلوفينيا، وليتوانيا، والنرويج، وسويسرا، وإيرلندا، وإيطاليا، وكندا استعدادها لاعتقال رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، في حال دخل أراضيها، تنفيذا لمذكرات الاتهام الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية ضد الفلسطينيين. خبر هز الأروقة السياسية والدبلوماسية حول العالم، وأعاد إلى الواجهة سؤالًا أزعجَ كثيرين في الغرب: هل ما تزال العدالةُ ممكنةً حين يكون المتهمُ حليفا لواشنطن؟
فبينما تتقدّم هذه الدول بخطواتٍ جريئة، تُكثّف الولايات المتحدة ضغوطها السياسية والاقتصادية لمنع أي تنفيذ فعلي لتلك القرارات، وتعمل بحسب تقارير على ترهيب المحكمة الجنائية الدولية وابتزاز بعض الحكومات التي تلوّح بالامتثال لقراراتها.
تلك الضغوط، تقول مصادر دبلوماسية، بلغت حدّ التهديد بقطع المساعدات عن دول إن هي دعمت علنا مذكرة توقيف نتنياهو، بينما يواصل البيت الأبيض حملته في الكواليس لتشويه سمعة المحكمة واتهامها بالتحيز.
ومع تصاعد الجدل جاء صوت من قلب نيويورك ليضيف للمشهد مفارقة مدوية، إثر تصريحات زهران ممداني الفائز بمنصب عمدة مدينة نيويورك التي تعهد فيها باعتقال نتنياهو إذا زار نيويورك، كلمات دوّت كصفعة في وجه المؤسسة الأميركية التي اعتادت الدفاع عن الكيان.
وفي لاهاي، يبدو المشهد أكثر قتامة: محكمةٌ محاصرة بين مطرقة واشنطن وسندان الضمير العالمي، قضاة يستَهدفون بالعقوبات، ومدّعون عامّون يُمنَعون من السفر، لمجرّد أنهم فكروا في تطبيق القانون على من لا يمس. وما يُسمّى النظام الدولي لا يزال يميّز بين دم ودم، وبين ضحية وضحية.
هكذا، في لحظة فارقة من تاريخ العدالة، لا يسأل نتنياهو عما فعل، بل تسأل المحكمة والدول التي تطبق قراراتها عما تجرأت عليه.
التفاصيل في الفيديو المرفق..