شيفرة..

حرب الـ12 يوما بعين العدو، صاروخ كوثر 222، ومعتقل عوفر

الإثنين ١٠ نوفمبر ٢٠٢٥
١١:١٥ بتوقيت غرينتش
تناول برنامج "شيفرة" في حلقته اليوم حرب الـ12 يومًا بعيون العدو، وموازين القوى بعد الحرب، بالإضافة إلى صاروخ "كوثر 222" وسجن "عوفر" الإسرائيلي.

شهدت حرب الاثني عشر الأخيرة اختباراً حقيقياً لمعادلات القوة والردع في المنطقة، حيث أظهرت إيران قدرتها على فرض خطوطها الحمراء في مواجهة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، فيما اعتبرها مراقبون منعطفاً استراتيجياً جديداً في توازن القوى الإقليمي.

ووفق تقرير نشرته مؤسسة "جينسا" (Jewish Institute for National Security of America)، وهي من أبرز المؤسسات المؤثرة في دوائر صنع القرار داخل البنتاغون والبيت الأبيض، فإن الحرب لم تكن مواجهة بين طهران وتل أبيب فحسب، بل كانت في جوهرها صراعاً مباشراً بين إيران والولايات المتحدة.

وأشار التقرير إلى أن أنظمة الدفاع الجوي شكلت العمود الفقري في التصدي للهجمات الإيرانية، حيث تم تنفيذ 70% من عمليات الاعتراض عبرها، ما أدى إلى استهلاك نحو 25% من مخزون الدفاع الجوي الأمريكي خلال تلك الفترة. ووصف التقرير ذلك بـ"الحرج الاستراتيجي"، موضحاً أن إنتاج منظومة "ثاد" الدفاعية لا يتجاوز 12 صاروخاً سنوياً، وهو ما يعكس الخسارة الكبيرة في المخزون الأمريكي.

كما كشف التقرير أن المدمرات الأمريكية أطلقت 80 صاروخاً من طراز "SM3" لاعتراض الصواريخ الإيرانية، بتكلفة تراوحت بين 8 و25 مليون دولار للصاروخ الواحد، ما رفع كلفة الدفاع خلال الحرب إلى أكثر من 2.1 مليار دولار، دون احتساب تكاليف نشر الطائرات وأنظمة الحرب الإلكترونية.

وبحسب "جينسا"، فإن الضغط المالي واللوجستي أجبر الولايات المتحدة وإسرائيل على إنهاء الحرب، محذرةً من أن استمرارها لأسبوع إضافي كان سيترك الأجواء الإسرائيلية مكشوفة أمام الصواريخ الإيرانية. وأوصت المؤسسة بضرورة الإسراع في إنشاء شبكة دفاع جوي إقليمية تضم دولاً عربية، لتبادل بيانات الرادارات ومواجهة أي هجمات مستقبلية محتملة من طهران.

تغيّر طبيعة الحروب:

التقرير أشار أيضاً إلى أن الحرب كشفت تحوّلاً في طبيعة الصراعات المستقبلية، حيث بات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة العنصرين الحاسمين في الميدان، إلى جانب استخدام واسع للحرب الإلكترونية والسيبرانية. كما لعبت الحرب النفسية دوراً محورياً في إدارة المعركة إعلامياً وميدانياً.

ورغم نفي واشنطن وتل أبيب في البداية أي تورط مباشر، فإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عاد لاحقاً ليعلن مسؤولية بلاده عن الجانب العسكري في المواجهة، ما اعتبره محللون تناقضاً واضحاً في الرواية الأمريكية.

في المقابل، كثفت طهران جهودها لتطوير قدراتها العسكرية بعد انتهاء الحرب، حيث أكد مسؤولون إيرانيون أن مصانع إنتاج الصواريخ تعمل على مدار الساعة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إيران تخطط، في حال اندلاع مواجهة جديدة، لإطلاق نحو 2000 صاروخ دفعة واحدة على إسرائيل لإرباك منظوماتها الدفاعية.

وفي خطوة رمزية، كشفت إيران عن تمثال للملك الفارسي شاهبور الأول في طهران، يظهر فيه وهو يقف منتصراً على الإمبراطور الروماني فاليريان، في رسالة رمزية اعتبرها مراقبون تلميحاً إلى أن طهران ترى نفسها الوريث التاريخي للقوة التي "تخضع الأعداء تحت أقدامها".

دور الحرب الـ12 في تغيير موازين القوى في المنطقة

وفي سياق متصل، أوضح الخبير العسكري لقناة العالم الفريق الركن عبد الكريم خلف، أن مقترح "الدفاع الجوي الأمريكي العربي المشترك" جرى تطبيقه جزئياً خلال الحرب الإيرانية الإسرائيلية، حيث استخدمت السعودية والأردن ومصر دفاعاتها الجوية لاعتراض بعض الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

وأضاف الفريق عبد الكريم أن الولايات المتحدة لا تمنح حلفاءها، حتى المقربين منها، صواريخ الدفاع الجوي المتطورة، بل يتم تشغيل هذه الأنظمة عبر طواقم أمريكية مؤقتة عند الحاجة، ثم تُسحب بعد انتهاء المهام، كما حدث داخل الأراضي المحتلة حين نشرت واشنطن عدداً كبيراً من بطاريات ثاد، قبل أن تسحب قسماً منها بسبب الكلفة العالية لتشغيلها وصيانتها.

وحول مسألة تبادل البيانات الرادارية وتحميل صواريخ الاعتراض في الموانئ العربية، كشف الفريق الركن خلف أن كل دولة تمتلك "حزمة ترددات" مخصصة لاستخدامها في المجال الجوي، يتم منحها للحليف وليس للخصم، ما يسمح للطائرات الصديقة بالتحليق داخل الأجواء.

وأوضح أن العراق، على سبيل المثال، حجب ثلاث مرات الحزمة الرادارية عن الطائرات الأمريكية بسبب عدم الإذن بالهبوط في القواعد العراقية، الأمر الذي تسبب في صعوبات تشغيلية. وأكد أن تبادل هذه الحزم الرادارية بين الدول المشاركة في منظومة الدفاع الجوي المشترك يمنح الحلفاء حرية أكبر في استخدام الأجواء وتنسيق العمليات الدفاعية.

وأشار الفريق الركن خلف إلى أن أحداث الثالث عشر من حزيران من العام الماضي، موضحاً أن الجانب الإيراني حصل على ضوء أخضر بعدم وجود ضربة استخدمت الاستخبارات، إذ استُخدمت الاستخبارات الأمريكية في عملية "خداع استراتيجي" جعلت حتى الرئيس الأمريكي جزءاً من المخطط.

وأضاف أن الضربة الإسرائيلية التي فجّرت الحرب كانت معدّة منذ نحو ثمانية أشهر، من خلال تجنيد عملاء على الأرض في دولة مجاورة لإيران، واستخدام طائرات مسيّرة لتحديد الأهداف الحيوية، وفي مقدمتها القيادات الإيرانية والمنشآت العسكرية.

وبيّن أن العملية الجوية شملت مشاركة مكثفة لطائرات من طراز F-35 (نحو 39 طائرة)، إلى جانب F-15 وF-16 وطائرات المراقبة سيسنا كارفان وكينغ إير، إضافة إلى طائرات C-550 المخصصة للتشويش والاتصالات، مدعومة بتغطية من الأقمار الصناعية الغربية والإسرائيلية.

في المقابل، تمكنت طهران من سدّ فجوة الدفاع الجوي باستخدام ترسانة ضخمة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية، إلى جانب أسطول واسع من الطائرات المسيّرة، مع قدرات متقدمة في الحرب السيبرانية والتشويش الإلكتروني، ما جعل المواجهة مزيجاً من الحرب الهجينة الحديثة.

وأوضح الخبير أن الضربة الأولى الإيرانية اعتمدت على استخدام صواريخ فرط صوتية دقيقة وعالية التدمير لاستهداف قواعد الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية، وفتح المجال الجوي أمام الموجة الثانية من الصواريخ والمسيرات. وجاءت المرحلة التالية على شكل هجوم مركّب استخدمت فيه إيران مزيجاً من الصواريخ الباليستية والمسيرات والتشويش السيبراني لشلّ منظومات القيادة والسيطرة.

وأكدت القراءة العسكرية للأحداث أن الطرفين استفادا من دروس حرب حزيران بشكل واضح؛ إذ ركّزت إيران جهودها بعد الحرب على تطوير صواريخ ذات رؤوس انشطارية قادرة على تدمير أهداف متعددة بمديات انفجار غير مسبوقة، في حين تعمل واشنطن وتل أبيب على مراجعة منظوماتهما الدفاعية وتطوير وسائل التصدي للحروب المركبة.

ويرى محللون أن حرب الـ12 يوماً أعادت رسم موازين القوى في المنطقة، ورسخت معادلة جديدة مفادها أن أي مواجهة مستقبلية مع إيران لن تكون محدودة أو قصيرة الأمد، بل ستفتح الباب أمام صراع متعدد الأبعاد يشمل الفضاء السيبراني والمجال الجوي والاقتصادي على حد سواء.

في تقييمه لموازين القوى بعد الحرب، اعتبر خلف أن إيران حققت «نصراً غير مسبوق» من خلال استهداف قواعد الدفاع الجوي والمطارات ومراكز بحث واستخباراتية إسرائيلية، وأنها «استعادت قدرة دفاعها الجوي خلال 12 ساعة»، وهو معدل سريع استثنائي على المستوى العسكري.

وأضاف أن طهران وسعت مواقع إطلاقها إلى أعماق داخلية وجبلية، وزادت أعداد قواعد الإطلاق لتصبح أكثر تشتتاً وصعوبةً في الرصد، موضحاً وجود نشر واسع للصواريخ في «مناطق ميتة» يصعب اكتشافها.

وردّاً على تصريحات متباينة بشأن دور القواعد الأمريكية، قال خلف إن بعض الإدعاءات حول انطلاق ضربات من قواعد بعيدة داخل الولايات المتحدة «مبالغ فيها أو خاطئة»، موضحاً أن الحلفاء استخدموا قواعد جوار إيران وبلدان مجاورة في العمليات الأخيرة، وأن أي مواجهة مقبلة ستستعين بالوسائل والقدرات القريبة من إسرائيل وحلفائها.

وعن احتمالات تجدد المواجهة، رأى الخبير أن احتمال اندلاع مواجهة مع إيران «عالٍ جداً»، وتوقّع حدوث تصعيد خلال «أشهر قليلة» لا تتجاوز الربع القادم من السنة، مشيراً إلى أن الهدف المعلن لدى بعض الأطراف هو تصفير التخصيب، بينما ترفض طهران ذلك رفضاً قاطعاً، وتدرس سيناريوهات أخرى إذا تعرّضت لهجوم.

القدرات العسكرية: صاروخ كوثر 222

في ملف القدرات العسكرية لمحور المقاومة، كشف الخبير الأمني والاستراتيجي، الفريق الركن عبد الكريم خلف، عن تفاصيل الترقيات التي خضع لها صاروخ "كوثر222" الإيراني، مؤكداً أن النسخة الجديدة التي حملت اسم "كوثر 222" أصبحت تمتلك قدرات معالجة متقدمة للأهداف البحرية والجوية، ضمن منظومة دفاع ساحلي واسعة تعمل عليها طهران منذ سنوات.

وقال الفريق خلف إن الصاروخ ينتمي إلى عائلة "كوثر 200" قبل تطويره إلى النسخة الحالية، موضحاً أن إيران زودت به عدداً من الزوارق السريعة من طراز "عاشوراء" و"ذو الفقار"، القادرة على المناورة بسرعة كبيرة وإرباك القطع البحرية الضخمة. وأشار إلى أن امتلاك إيران لمئات الزوارق السريعة يمنحها قدرة انتشار واسعة وحزمة نارية كثيفة يصعب على السفن المعادية التعامل معها.

وأوضح الخبير أن المناورات البحرية الأخيرة أظهرت أن الزوارق المسلحة بالصاروخ غطّت مساحة تقدَّر بـ 30 إلى 40 كيلومتراً، وهو ما يعني أن أي سفينة معادية ضمن مدى يصل إلى 17 كيلومتراً تصبح عرضة للإصابة بحزمة من الصواريخ قد تؤدي إلى شطرها أو إغراقها بالكامل، خصوصاً أن الإطلاق لا يتم من زورق أو اثنين، بل من مجموعة قتال متكاملة.

وبيّن الفريق خلف أن النسخة البحرية تعتمد على منظومات توجيه داخلية لا ترتبط بنظام الـGPS، بل تُغذّى ببيانات من داخل الزورق لضمان دقة إصابة عالية. أما النسخة الجوية من صاروخ "كوثر"، فأُضيف إليها رادار ثلاثي الأبعاد قادر على تتبع الأهداف ذات البصمة الرادارية المنخفضة، ما يمنحها دقة شبه ثلاثية الأبعاد ويقلل هامش الخطأ إلى مستويات ضئيلة جداً.

وأضاف أن إيران تعتمد في مواجهة السفن المعادية على حزم صاروخية وليس على صاروخ واحد، الأمر الذي يُربك أنظمة الدفاع على الفرقاطات، والغواصات، والمدمرات، التي لا يتجاوز مخزونها الدفاعي fنحو 90 صاروخاً في أفضل الحالات، بينما تمتلك إيران مخزوناً صاروخياً كبيراً على امتداد سواحلها في الخليج الفارسي وخليج عمان.

وأكد الخبير الأمني أن توزيع هذه الزوارق والصواريخ على طول شريط ساحلي يُقدر بـ 1400 كيلومتر، من مضيق هرمز وصولاً إلى السواحل الجنوبية للعراق، يجعل أي حركة بحرية معادية داخل تلك المنطقة تحت التهديد الدائم، لا سيما أن خطوط الملاحة معروفة وضيقة، ما يرفع من حساسية مرور السفن الحربية فيها.

واختتم قائلاً أكدت المناورات الأخيرة ذلك. التمرين يظهر توقعات بوجود جهود بحرية موازية للجهد الجوي، كما أن الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية تمكنت من تجاوز مشكلات داخلية في ملف تصفية العملاء. لذلك صدرت توجيهات قيادية بالتوسع في العمليات البحرية والبرّية وتغيير المسارات وزيادة التغطية والجاهزية، باعتبارها حزمة متكاملة لتهيئة القوات لمواجهة محتملة في المستقبل.

معتقل عوفر.. السنة بألف سنة

وصف أحد الأسرى الفلسطينيين يومه في معتقل عوفر بأنه "كالسنة"، في إشارة إلى قسوة المعاملة وطول المعاناة فيه. تأسس هذا المعتقل خلال فترة الانتداب البريطاني، ثم تحول إلى معتقل عام عام 1981 على خلفية الانتفاضة الأولى، وأُغلق في عام 1995 بعد اتفاقية أوسلو، ليعاد فتحه مجددًا بعد الانتفاضة الثانية.

يتبع المعتقل مصلحة السجون الإسرائيلية، ويقع غرب رام الله في الضفة الغربية. يتألف من 16 قسمًا، يحتوي كل قسم على حوالي 12 إلى 16 زنزانة، تتسع كل زنزانة لخمسة إلى ثمانية سجناء. ويعتبر هذا السجن المحطة الأولى أمام الأسرى الفلسطينيين قبل إعادة فرزهم إلى سجون ومعتقلات أخرى.

ويعاني الأسرى في هذا المعتقل من حرمانهم من الماء إلا لمدة 45 دقيقة خلال 24 ساعة، بالإضافة إلى التعرض لجميع أشكال التنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي، مع وجود إهمال طبي متعمد. كما يتم رش الغاز على الأسرى من مسافة صفر داخل الزنازين، ما يزيد من معاناتهم اليومية.

ووصف أحد الأسرى الحياة في المعتقل بأنها "تشبه الموت"، مؤكدًا أن هذا يعكس واقع جميع المعتقلات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الإنسان والمواثيق الدولية. ومع ذلك، يُعرف سجن عوفر بأنه شهد عمليات هروب للأسرى الفلسطينيين في أعوام 2002 و2013، ما دفع السلطات الإسرائيلية لتشديد الإجراءات الأمنية لمنع تكرار مثل هذه السيناريوهات.

ومن هذا السجن خرج معظم الأسرى الفلسطينيين خلال صفقة التبادل الشهيرة صفقة شاليط عام 2011.

0% ...

آخرالاخبار

ايران تستخدم تتقنية جوية متقدمة لمواجهة الجفاف


من موسكو إلى ميامي: تحركات دبلوماسية ترسم ملامح التسوية


التصعيد الإسرائيلي مع مصر.. ومسيرة جاس 313 البحرية


"كاس العالم 2026".. مواجهه إيران في صدارة حديث المدربين


"يوروفيجن".. إسبانيا تفضح وتنسحب..."إسرائيل" تتلاعب وتتسلل!


جراء العدوان الاسرائيلي.. استشهاد ضابط دفاع مدني شمال غزة


دول عربية وإسلامية تستنكر خطة صهيونية في رفح


إعلام عبري يحذر من انهيار وشيك في جيش الإحتلال الاسرائيلي


طوباس.. الأهداف الحقيقية وأبعاد الجغرافیا


القرار 2803.. إلغاء حق تقرير مصير الفلسطينيين