وحول دلالات زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى البيت الأبيض، قال الكاتب والمحلل السياسي حمزة البشتاوي إن هناك ملفات متعددة تسبق زيارة الأمير محمد بن سلمان، مشيرا الى ضغوط امريكية مباشرة على السعودية من أجل استحقاقات في قضايا عدة، أبرزها ملف غزة وتمرير الخطة الأمريكية، وكذلك تعزيز العلاقات الأمريكية والسعودية عبر فرض صفقات تجارية جديدة منها طائرات إف 35.
وأوضح البشتاوي أن هناك ضغطاً إسرائيلياً يربط إتمام هذه الصفقات بملف التطبيع، لافتاً إلى أن الطرح بدأ بالتطبيع مقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ثم تراجع إلى التطبيع مقابل وقف إطلاق النار، لينتهي اليوم إلى التطبيع مقابل صفقات الطائرات.
وأضاف أن السعودية، ستدفع ثمن هذه الطائرات دون أن تجني فائدة حقيقية منها، معتبراً أن المكاسب التجارية ستذهب مباشرة إلى الولايات المتحدة وإدارة ترامب، دون أن تستخدم هذه الطائرات.
وأشار البشتاوي إلى أن الطائرات التي ستُسلَّم للسعودية ستبقى خاضعة لرقابة أمريكية صارمة، سواء في تحركاتها أو في آلية تسليحها، مؤكداً أن أي سلاح أمريكي في المنطقة لا يمكن استخدامه دون موافقة مسبقة من الإدارة الأمريكية. واعتبر أن القيود المفروضة سلفاً تؤكد أن الهدف الأساسي لدى ترامب هو الحصول على الأموال وليس تعزيز القدرات العسكرية السعودية.
وفي ما يتعلق بالتحفظات الإسرائيلية على الصفقة، رأى البشتاوي أن هذه التحفظات ليست حقيقية بل تسويقية تهدف إلى رفع قيمة الصفقة وتعقيدها لزيادة المكاسب.
ولفت إلى أن واشنطن وتل أبيب تدركان أن السعودية لن تستخدم هذه الطائرات ضد کیان الاحتلال، وبالتالي هي جزء من سلاح القواعد الأمريكية في المنطقة.
وحول الحديث المتداول بشأن تأثير الصفقة على التوازن الاستراتيجي في المنطقة، جدد البشتاوي التأكيد على أن هذه الخطابات تُستخدم فقط لرفع ثمن الصفقة وتسهيل تمريرها، معتبراً أن الأهم من الصفقة العسكرية هو تغيير الخطاب الأمريكي تجاه المملكة خلال هذه الزيارة.
وأضاف البشتاوي أن على السعودية أن تتخذ موقفاً أكثر جدية أمام الإدارة الأمريكية، مطالباً بمحو صورة "البقرة الحلوب" من الذاكرة السياسية، وأن ترتبط الزيارة بملفات إقليمية تتعلق بمخاطر سياسات الاحتلال الإسرائيلي ودور الولايات المتحدة في المنطقة، مع ضرورة تقديم مواقف سعودية واضحة تجاه هذه التحديات.
وتابع أن المملكة عليها أن تسعى لتغيير طبيعة الخطاب الأمريكي، خصوصاً أن واشنطن تربط علاقاتها بالرياض بالصفقات مقابل الحماية، وليس مقابل استقرار المنطقة أو مراعاة التوجهات السياسية السعودية.
كما رأى البشتاوي أن هناك رغبة لدى القيادة السعودية في إرضاء نرجسية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر تلبية مطالبه، مشيراً إلى أن السعودية ــ بدلاً من استخدام كلمة "لا" ــ قدمت دائماً جواب "نعم"، وهو ما يعكس تنازلاً سعودياً في ملف التطبيع مقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأوضح أن فكرة الدولة الفلسطينية المطروحة هي "فكرة وهمية"، لأن من يطرحها لا يقدم تصوراً لدولة ذات حدود وجغرافيا واضحة، مضيفاً أن الحديث بدأ عن "الحق"، ثم تحوّل خطاب ترامب إلى الدعوة نحو مسار يؤدي إلى "تعايش سلمي" بدلاً من الحديث عن دولة فلسطينية.
وقال البشتاوي إن السعودية تدرك أن ما يهم ترامب هو ملف الطاقة وأمن الكيان الإسرائيلي والنمط السياسي الجديد الذي تسعى الإدارة الأمريكية لفرضه في المنطقة، إضافة إلى المعادلة الأساسية في السياسة الأمريكية التي تضع أمن إسرائيل والنفط في مقدمة أولوياتها.
المزيد في سياق الفيديو المرفق ...