وطبقاً للمصادر، فقد غادر قسم من الجنود الأميركيين من أصل 200 كانوا في الكيان الإسرائيلي لإقامة المركز.
أمّا هدف واشنطن من تقليص حضورها، فهو إخضاع مركز التنسيق لنا يسمى بـ"مجلس السلام" المزمع إنشاؤه قريباً؛ إذ أوضح مصدر أميركي أن "مجلس السلام الذي سيترأسه دونالد ترامب، يعد مُركباً جوهرياً في الخطة الأميركية"، مضيفاً: "بناءً على ما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي الذي أقر (الاثنين الماضي)، فإن المجلس سينسق إدخال المساعدات الإنسانية ويدفع باتجاه تطوير قطاع غزة".
وتابع المصدر الأميركي ذاته، قائلاً إن "مجلس السلام سيدعم اللجنة التكنوقراطية الفلسطينية المفترض أن تتولى تنفيذ الخدمات اليومية المدنية في غزة وإدارتها، بموازاة انشغال السلطة الفلسطينية في إنفاذ خطة الإصلاحات الخاصة بها".
وفي الصدد، لفتت الصحيفة إلى أن المصدرين الأميركيين الدبلوماسيين المطلعين على ما يدور في مركز التنسيق، فضلاً عن مصدر آخر موجود في مركز التنسيق، قالوا إن تطوير القطاع، أو على وجه الدقة إن بناء "مجمعات سكنية بديلة مؤقتة" تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي شرق "الخط الأصفر"، يتبوأ مكانة عالية في سلّم الأولويات الأميركية.
وفيما لفت أحد الدبلوماسيين، أن للأميركيين هدفين وهما فتح المزيد من المعابر لإدخال المساعدات، وبناء المجمعات السكنية المؤقتة، مقدّراً أن ما سبق قد يتسق مع المصلحة الإسرائيلية، إذ إن إقامة تلك المجمعات ستقسم قطاع غزة إلى شطرين.
ومن غير الواضح إلى الآن ما إذا كان تقسيم القطاع يهدف إلى تحقيق ما يسعى إليه الاحتلال تحت ذرائع أمنية (كنزع السلاح) يربطها بوجوده العسكري وانتشار قواته في أحد الشطرين، أو لتنفيذ مخطط توسيع المستوطنات؛ إذ ظهرت عرّابة مشروع إحياء مستوطنات "غوش قطيف" في غزة، دانييلا فايس، مساء أمس، على شاشة "كان"، متوعدة بأنه "أعددنا خطة للاستيطان في غزة تشمل مليوناً و200 ألف مستوطن"، وأضافت بثقة أن "التنفيذ يبدأ مع عيد الحانوكا (الأنوار)"، في إشارة إلى عيد عبري يحل منتصف ديسمبر/ كانون الأوّل المقبل.
وبالرجوع إلى مركز التنسيق المدني العسكري، ذكرت الصحيفة أن أكثر من 20 دولة من بينها دول أوروبية وعربية كمصر والإمارات ممثلة في هذا المركز. وفي إطار مشاركتها في الأخير، تطرح هذه الدول على الأميركيين أسئلة قانونية وأخلاقية بشأن الخطة التي تنص على بناء أحياء جديدة في القطاع. ومن بين الأسئلة المطروحة: من سيسكن فيها؟ بناءً على أية معايير؟ هل سيتمكن السكان من مغادرتها؟ وما مصير الملاك الأصليين للأراضي؟
أوامر أميركية تسمح ببناء "غزة الجديدة": الخط الأصفر جدار برلين جديد
وطبقاً لأحد الدبلوماسيين، فإن التوجه الأميركي الحالي يقوم على مصادرة الأراضي من أصحابها و"تعويضهم"، مشيراً إلى أن العمل التخطيطي في مركز التنسيق، والمتعلق بإزالة الأنقاض والركام استعداداً لبناء المجمعات المؤقتة، يتقدم بوتيرة سريعة.
وبحسب ما قالته مصادر أخرى، فإن الدول المشاركة في مركز التنسيق "لا تُظهر معارضة حادة للخطة الأميركية حالياً، فيما تحاول بعض هذه الدول إقناع واشنطن باستغلال إنشاء الأحياء الجديدة لمنح السلطة الفلسطينية دوراً في القطاع"، وتوازى ما سبق مع ما قاله دبلوماسي أوروبي أقر بأنه "سيكون هناك من يدير المدارس والمستشفيات في غزة"، دون أن يحدد هويّة الجهة وما إذا كانت السلطة الفلسطينية أو جهات محلية فلسطينية أخرى.
أمّا بالنسبة إلى دور الدول المشاركة، وطبيعة الضغط الذي تمارسه هذه الدول على الولايات المتحدة، فقد أكدت عدّة مصادر أن الجهة التي تتخذ القرارات الفعلية بشأن بناء الأحياء ليست موجودة في مركز التنسيق، مشيراً إلى أن دور الأخير يقتصر على توفير حلول تقنية وهندسية للبناء، بينما تُتخذ القرارات في البيت الأبيض أو من خلال مشاورات مع المستوى السياسي الإسرائيلي.
إدخال المساعدات الإنسانية
بموازاة التطورات الآنفة، أكّد مصدر رسمي أميركي ومصدر آخر داخل المركز أنه نُقلت، الأسبوع الماضي، صلاحيات "منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (الضفة الغربية وغزة المحتلتين)" والمتعلقة بتنسيق دخول المساعدات الإنسانية، من الأخير، إلى مركز التنسيق. وعلى خلفية ما تقدّم، "ساد جو متوتر بين الإسرائيليين والأميركيين في المركز"، على حد زعم عدد من المصادر.
وعلى الرغم من ذلك، قال دبلوماسي مطلع إن "الجانبين (الإسرائيلي والأميركي) يتوصلان إلى تسويات بشأن عدد الشاحنات وأنواع البضائع المسموح بإدخالها (في ظل المزاعم الإسرائيلية بشأن "الاستخدام المزدوج" لبعض المواد وتحويلها لاستخدامات عسكرية)". وأضاف دبلوماسي آخر أنه "لم يُلحظ أي تغيير كبير في الموقف الإسرائيلي على الأرض في ما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية".
وطبقاً لمصدر أميركي، فإنه على الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار يُلزم الكيان بإدخال 600 شاحنة يومياً من المساعدات الإنسانية، فقد ارتفع العدد أخيراً إلى نحو 800 شاحنة في المتوسط، مشيراً إلى أن ذلك بفضل عمل مركز التنسيق.
وشدد المصدر على أن "وحدة منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق" هي "جزء لا يتجزأ" من المركز، وتعمل "بتنسيق كامل لضخ أكبر قدر ممكن من المساعدات لسكان غزة المحتاجين"، على حد زعمه.