وخلال المنتدى، الذي عُقد في الرياض بالسعودية تحت شعار "عقدان من الحوار للإنسانية: دفع عصر جديد من الاحترام والتفاهم المتبادل في عالم متعدد الأقطاب"، وتزامنًا مع الذكرى السنوية العشرين لتأسيس تحالف حضارات الأمم المتحدة، ألقى غريب آبادي كلمة نيابة عن جمهورية إيران الإسلامية.
وشدد غريب آبادي على ضرورة أن يحظى اتحاد الحضارات، في الظروف الحساسة الراهنة، بمكانة المبدأ الاستراتيجي على جدول الأعمال، مؤكدًا أن هذا الاتحاد يمكن أن يكون له تأثير في مجالات مكافحة الإرهاب، وإحلال السلام والأمن المستدامين، وتعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك تطوير العلم والتكنولوجيا بشكل مشترك.وأعلن عن استعداد إيران الكامل للتعاون مع الدول الأخرى، باعتبارها المبتكر لفكرة "حوار الحضارات" عام 2001، وبلد يتمتع بتاريخ حافل من التفاعلات الثقافية والحضارية.
وأوضح غريب آبادي أن جمهورية إيران الإسلامية تؤمن بأن اتحاد الحضارات يجب أن يكون بمثابة مقاومة في وجه مثيري الحروب ومحاولات الهيمنة. ولتحقيق السلام والأمن المستدامين في العالم، يجب تجنب الترويج للحرب وتصعيد الأزمات، والتركيز بدلاً من ذلك على الدبلوماسية والحوار الصادق القائم على الاحترام المتبادل.
وطالبت إيران جميع دول العالم والأمم المتحدة بإبداء رد حازم تجاه اعتداءات الكيان الصهيوني والدعم الأمريكي غير المشروط لهذا الكيان، وباتخاذ موقف أكثر مسؤولية تجاه حقوق الإنسان والسلام العالمي.وأضاف أن عقد مثل هذه الفعاليات يمنحنا فرصة لتعزيز التفاهم والتضامن بين الحضارات والثقافات والشعوب، والسير على طريق تحقيق السلام والاستقرار والتقدم العالمي.
وأشار إلى أن إيران، كمبتكرة لمشروع "عام حوار الحضارات" الذي أقر بالإجماع في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2001، أكدت وتؤكد باستمرار على الدور الأساسي لثقافة وحضارة الأمم في تعزيز التفاهم المشترك وتقريب الشعوب وتعزيز السلام والاستقرار العالمي المستدام.
وأضاف: "إيران كانت منذ القدم حضارة عريقة ومؤثرة في تاريخ البشرية، حضارة تقوم على أسس العلم والفلسفة والفن والأخلاق، وقد لعبت منذ الأيام الأولى للحضارة البشرية دورًا مهمًا في ازدهار الثقافة والفكر في جميع أنحاء العالم. وعلى مر التاريخ، كانت إيران دائمًا منفتحة على التنوع الثقافي والديني والإثني، ولا يزال هذا الإرث الغني يُلاحظ في المجتمع الإيراني وتفاعلاته الدولية".
وتابع: "الثقافة والحضارة الإيرانية تقومان على أسس الحكمة والتسامح والتفاهم. في هضبة إيران، التي كانت لقرون مكانًا لتعايش الشعوب والثقافات المتنوعة، كان الحوار والتفاعل والدبلوماسية يُعتبرون دائمًا دليلًا على النضج والحكمة والثقة الحضارية، وليس علامة ضعف. هذا التعليم ليس نصيحة مؤقتة أو شعارًا عابرًا، بل هو رصيد أخلاقي وثقافي يمكن أن يكون في خدمة السلام والتعايش العالمي المستدام. نحن نرى أنفسنا ملتزمين بنقل هذا الإرث الثمين إلى الأجيال القادمة، وبناء علاقاتنا الداخلية والإقليمية والدولية على مثل هذه الأسس الحكيمة".
وقال: "يعقد المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف حضارات الأمم المتحدة في مرحلة حساسة للمجتمع الدولي. اليوم يواجه العالم تحديات كبيرة: الحروب والفقر والعقوبات الأحادية الجانب والتغيرات المناخية والأزمات الإنسانية هي من بين القضايا التي تتطلب بشدة التعاون والتعاطف بين الشعوب والحضارات. ميثاق الأمم المتحدة، كأحد إنجازات الحضارة البشرية، يواجه تهديدات خطيرة، وفعالية مؤسسات الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، قد أُضعفت بشكل ملحوظ".
وأضاف: "تشكل التحالفات التي تسعى للهيمنة، واللجوء إلى القوة والإجراءات غير القانونية، واستغلال الآليات متعددة الأطراف كأدوات، ونشر منطق التفوق والاستثنائية والتدخل، هي من بين الأسباب المشتركة للأزمات الحالية في العالم؛ أزمات ألحقت أضرارًا جسيمة بأساسيات القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة".
وأكد مساعد وزير الخارجية الايراني: "في هذا الإطار، من الضروري أن تتعاون الثقافات المختلفة في اتجاه الحوار البناء واحترام الحقوق الإنسانية، بدلاً من نشر العنف والكراهية والصراع. يجب أن يكون اتحاد الحضارات مبدأ استراتيجيًا على جدول أعمالنا. هذا الاتحاد يمكن أن يكون له تأثير في مجالات مكافحة الإرهاب، وإحلال السلام والأمن المستدامين، وتعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك تطوير العلم والتكنولوجيا بشكل مشترك. في هذا الاتجاه، تعلن إيران، كدولة ذات تاريخ حافل من التفاعلات الثقافية والحضارية، استعدادها الكامل للتعاون مع الدول الأخرى. نحن نؤمن بأن الحضارات يجب أن تتفاعل مع بعضها البعض، لا أن تتصادم. فقط من خلال الحوار وتبادل الخبرات يمكننا إيجاد حلول مشتركة للتحديات العالمية. إيران سارت دائمًا على طريق تعزيز السلام والأمن والتضامن العالمي، وهي على استعداد للتعاون مع جميع دول العالم في هذا المسار".
وقال: "في استكمال كلمتي، أود أن أشير إلى أحد أهم التحديات الراهنة، الذي لا يمثل تهديدًا خطيرًا للسلام والأمن في منطقتنا فحسب، بل على المستوى العالمي أيضًا؛ ألا وهو تحدّي الحرب والعدوان من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف: "كما يعلم الكثير منكم، شهدنا في السنوات الأخيرة تصعيدًا للأزمات والاعتداءات العسكرية في بعض مناطق العالم، وخاصة في منطقة غرب آسيا. الكيان الصهيوني، بدعم كامل من أمريكا، يواصل اعتداءاته المتكررة على الشعب الفلسطيني ودول المنطقة، بما في ذلك لبنان وسوريا واليمن وإيران وقطر. هذه الاعتداءات لم تسلب فقط حياة آلاف المدنيين الأبرياء، بل أذكت نيران الحرب في المنطقة وهددت السلام والأمن العالميين".
وتابع غريب آبادي: "هذه الإجراءات، خاصة في مجال الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، تمثل مثالًا واضحًا على السياسات الميالة للحرب والأحادية الجانب، التي لا تستهدف فقط الشعوب المظلومة في المنطقة، بل هي ضد السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي. في هذا الصدد، تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية، كأهم داعم لهذا الكيان، مسؤولية كبيرة في تصعيد التوترات وعدم الاستقرار".
وقال: "لكن في مواجهة هذا الوضع، نحن نعتقد أن اتحاد الحضارات يجب أن يكون بمثابة مقاومة في وجه مثيري الحروب ومحاولات الهيمنة. ولتحقيق السلام والأمن المستدامين في العالم، يجب تجنب الترويج للحرب وتصعيد الأزمات، والتركيز بدلاً من ذلك على الدبلوماسية والحوار الصادق القائم على الاحترام المتبادل. نحن نطلب من جميع دول العالم والأمم المتحدة إبداء رد حازم تجاه اعتداءات الكيان الإسرائيلي والدعم الأمريكي غير المشروط لهذا الكيان، وباتخاذ موقف أكثر مسؤولية تجاه حقوق الإنسان والسلام العالمي".
وأكد غريب آبادي: "في النهاية، نريد إيصال هذه الرسالة إلى العالم: الشعب الإيراني لن يستسلم أبدًا للتهديدات والاعتداءات، وسيقف موحدًا ومتماسكًا في وجه المعتدي". واختتم قائلاً: "دعونا في هذا المؤتمر وفي المستقبل، نعمل يدًا بيد للدفاع عن حقوق الإنسان، وحق سيادة الشعوب، والعدالة العالمية".