تياران اميركيان يتنازعان كيفية حرف الصحوة العربية

تياران اميركيان يتنازعان كيفية حرف الصحوة العربية
الأربعاء ٢٦ أكتوبر ٢٠١١ - ٠٢:١٤ بتوقيت غرينتش

أفادت صحيفة "السفير" اللبنانية أنه لا يكاد يخلو تقرير دبلوماسي أميركي من الإشارة الى وجود تباين داخل الإدارة الاميركية حول كيفية تحريك وقائع الصحوة الشرق أوسطية ببعدها العربي.

وذكرت السفير في مقال الثلاثاء بقلم "داود رمال" في هذا السياق أن تقريراً دبلوماسياً أميركياً كشف عما أسماه "الصراع القائم بين تيارين في الادارة الاميركية يتنازعان على تحديد الأولويات من خلال الربط بين ما ينتظر خط الدفاع الأساس عن الولايات المتحدة، أي اوروبا، من تغييرات ديمغرافية ستؤثر حكماً على أنظمة الحكم فيها، وبين ضرورة إحداث التغيير المطلوب عربياً للحد من تغييرات مستقبلية كهذه.

وبحسب الصحيفة، يوضح التقرير الدبلوماسي أن "هذا الصراع ينطلق من الالتقاء على الاستراتيجية ذاتها، ولكنه يختلف على الأداء، حيث يبرز تياران أميركيان، الأول، يقول إن الوجود الإسلامي المتنامي في اوروبا اصبح يشكل خطراً على مستقبل القارة الأوروبية وأنظمتها الديمقراطية، وبالتالي هذا الوجود المتزايد ديمغرافياً يؤشر الى أن المسلمين المقيمين بات عددهم أكبر بكثير من المسلمين المجنسين، بحيث اذا جمعنا المجنس مع المقيم، فإنهم سيشكلون في وقت ليس ببعيد كتلة بشرية أكبر من عدد سكان أوروبا الأصليين، الأمر الذي سيفرض تغييراً في الانظمة الاوروبية، وهذا كان من الأسباب الجوهرية لمعارضة دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، كما انه بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وانضواء دول أوروبا الشرقية تحت لواء الاتحاد الاوروبي، أضحت مجموع دول الاتحاد محاطة بزنار من الدول الاسلامية".

ويضيف التقرير الأميركي نفسه، بالاستناد الى نظرية أصحاب التيار الأول، أنه "كي نحافظ على اوروبا كخط دفاع أول واساسي عن المصالح الاستراتيجية الاميركية في العالم، في مواجهة روسيا والصين، يجب البحث عن خطة ناجعة لإزاحة المسلمين من أوروبا، لا سيما المقيمين غير المجنسين، لأنهم اصبحوا يفرضون تقاليدهم الدينية والاجتماعية، ولاحقاً سيتغلغلون في الحياة السياسية ليغيروا في السياسات الاوروبية، لذلك يجب تغيير الانظمة التي صنعناها بأيدينا في الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الثانية واستبدالها بأنظمة إسلامية شبيهة بالنظام التركي والاندونيسي، على ان تبقى تدور في فلكنا وفق ما هو سائد في ظل الانظمة الحالية على ان يكون «حزب العدالة والتنمية» التركي هو النموذج، ومن ثم ندفع بالمسلمين في أوروبا للعودة الى بلادهم، حيث يستطيعون ممارسة كل المعتقدات والتقاليد التي يصعب عليهم ممارستها في أوروبا، وبذلك نحافظ على الحليف الاستراتيجي في العالم، أي الاتحاد الاوروبي".

وجاء في مضمون التقرير نفسه، بحسب "السفير"، أن أصحاب التيار المذكور يشترطون أن "تترافق عودة المسلمين الى بلدانهم مع تهجير المسيحيين من الشرق وتوطينهم في اوروبا تحت ذريعة الخوف من الانظمة الاسلامية، والهدف هو إعادة التوازن الديمغرافي في اوروبا، بحيث تعود الكفة الديمغرافية لمصلحة المسيحيين، وهذا التيار متقدم في الادارة الأميركية".

أما التيار الأميركي الثاني، فهو، بحسب التقرير الأميركي، يقول بـ"عدم إمكان اقامة انظمة اسلامية في العالم العربي على شاكلة النموذج التركي، لأن الثقافة الاسلامية السائدة راهناً في العالم العربي هي ثقافة وهابية - سلفية، وبالتالي فإن الانظمة الاسلامية التي ستنشأ لن تكون شبيهة بالنموذج التركي، انما ستكون شبيهة بحركة "طالبان" الافغانية، اي أننا سنكون أمام انظمة متشددة، وفي ظل وجود الثروة النفطية، قد تتحول هذه الانظمة الى خطر على المصالح الاميركية في المنطقة".

ويشير التقرير الدبلوماسي الى أن أصحاب التيار الأميركي الثاني يعتبرون أنه "من غير الجائز المقارنة بين نظام الحكم في تركيا من جهة، وبين الانظمة الاسلامية التي قد تنشأ في الدول العربية من جهة ثانية، لأن النموذج التركي لن يطبق، فأنظمة الحكم الاسلامية في العالم العربي ستتحول تلقائياً في ظل طغيان الثقافة الوهابية الى أنظمة طالبانية"، كما ورد في التقرير الأميركي.

ولفتت "السفير" الى أن التقرير الدبلوماسي يخلص الى أن جزءاً كبيراً مما يجري الآن على ساحة المنطقة يحمل في طياته تعبيرات عن استمرار الصراع بين هذين التيارين داخل الإدارة الاميركية، ومن هنا يمكن فهم المخاوف التي عبّر عنها البطريرك الماروني بشارة الراعي، خصوصاً بعد الذي سمعه من نيكولا ساركوزي خلال زيارته الرسمية الى فرنسا، ما عزز المعلومات المتوافرة لدى الفاتيكان عن مشروع خطة لإفراغ الشرق من مسيحييه".