السياسة الايرانية تهرئ الطبول الاميركية وتمزق الاوتار الاسرائيلية

السياسة الايرانية تهرئ الطبول الاميركية وتمزق الاوتار الاسرائيلية
السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٨:٢٠ بتوقيت غرينتش

معروفة هي السياسة الايرانية بهدوئها وتريثها وصبرها الطويل وتحملها الكبير لما يدور من حولها من تطورات اقليمية ودولية لكن الجميع يعرف جيداً من أن ردها سيكون صاعقاً ومذهلاً على المتطاولين والمتجاوزين مما يخطف برق البصر ويسلبهم عقلهم ويفقدهم قواهم ، شأنها شأن طريقة حياكة السجاد الايراني النفيس أو ما يسمونه في عالمنا العربي بالسجاد العجمي والذي يحتاج الى صبر كبير وبراعة ودقة متناهية تخطف في نهايتها ابصار الناظرين وتسلبهم عقلهم.

فبعد التهريج والتضليل الاعلامي بخصوص سيناريو محاولة اغتيال السفير السعودي بواشنطن الهوليودي الساخر والسخيف وفشله حتى في الداخل الاميركي الذي كان يراد من ورائه ايقاف زحف الاعتراضات الشعبية الواسعة هناك والتصدي لحركة "احتلوا وول ستريت" والتضليل على تردي الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعصف باميركا والبلدان الاوروبية الحليفة معها ، "عادت حليمة الى عادتها القديمة" لقرع طبول الحرب والايقاع على اوتار العنف بذريعة النشاطات النووية الايرانية السلمية تلك التي أكدت حتى تقارير اجهزة الاستخبارات الاميركية فضلاً عن تقارير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على سلمية مسيرتها وعدم وجود أية شواهد على انحرافها نحو التسليح العسكري.

عادت واشنطن وربيبتها المدللة تل أبيب وهذه المرة عبر تقرير "امانو" الذي قام غالبيته على تقارير الاستخبارات الاميركية "السي آي أيه" والاسرائيلية "الموساد" كما كشفت عن ذلك وسائل الاعلام الصهيونية طبقاً لتقارير الاستخبارات الاسرائيلية ، تقرير خرق ميثاق الوكالة فيما يتعلق بسرية المعلومات والقواعد المهنية التي يجب أن تتبع قبل اصداره وزور الحقائق بغية اشغال الرأي العام العالمي بادعائاتهم الهزيلة والخاوية الكاذبة بحثاً عن خروج مشرف وتحويل الانتباه عن "هزيمتها وفشلها" في العراق واثارت الدخان والضباب والغبار كي تنسحب تحت النار الاعلامية والسياسية تحت جنح الظلام الدامس من مأزق وحل المستنقع العراقي والذي لم يبق لخروج قواتها المحتلة من هناك سوى ستة أسابيع.

فقد اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الاخير الخاص بالبرنامج الايراني النووي ان "طهران مارست حتى عام 2003 انشطة تهدف لانتاج اسلحة نووية وان مثل هذه الانشطة قد تنفذ حاليا ، و.."، هذا في وقت تقف الوكالة الدولية وخبرائها ومفتشيها وكل دول العالم خاصة مجموعة 5+1 على كذب هذا الادعاء وان طهران كانت قد اجابت على مثل هذه التساؤلات من قبل في اطار التعاون القائم بين الطرفين رغم وقوفها على عدم صحة هذه الادعاءات وخوائها.

هذا الأمر اعاد المسرحية الاميركية – البريطانية – الصهيونية الى ستارها الأول في التصعيد ضد طهران وتهديدها بتوجيه ضربة عسكرية لها في حال عدم الانصياع الى القرارات الدولية وايقاف نشاطاتها النووية رغم انهم يقفون قبل غيرهم على خواء تهديداتهم وانهم غير قادرين حتى بالتفكير بمثل هذا الاجراء فكيف بتنفيذه .

وصبرت ايران كي يزداد لهيب هذا السيناريو وتأملت خروج "الدخان الأبيض" عسى ولعل أن يكون ذلك بادرة خير في تحقيق أملها القديم في ابادة الكيان الصهيوني اللقيط وازالة هذه الغدة السرطانية من الجسد الاسلامي والعربي بعد أن عجزت كل الأنظمة العربية من ذلك طيلة أكثر من ستة عقود ناهيك عن أن هذه الأنظمة الرجعية كانت هي السبب الرئيسي في تعزيز بقاء هذه الدويلة الدخيلة واتساع رقعة الاحتلال والظلم والجور والتهديد ضد ابناء المنطقة برمتها خاصة الشعب الفلسطيني المظلوم عبر تقديمها للتنازلات المخزية والخجولة لهذا الكيان الغاصب على طبق من ذهب يحمل في طياته الدم الفلسطيني والعربي وبأرخص الأثمان.

فتعالت الصيحات السياسية وتمادى التهويل الاعلامي والتهديد بالحرب من الطرف الآخر ضد نظام يختلف كثيراً عن سائر الأنظمة التي يشهدها العالم اليوم خاصة في الشرق الأوسط فهو نظام قوي وصلب ومقتدر وموحد ولديه قاعدة شعبية داخلية وقائد فذ وحكيم وكيس لا مثيل له في العالم ، نظام اسلامي لا يمكن أن يخاف من تهويل ولا من تطبيل ولا من أساطيل يرد الصاع صاعين وأكثر لا يجرؤ أحد على تكرار حماقة الطاغية "صدام" معه مرة اخرى.

كما وان لهذا النظام قاعدة شعبية واسعة النظاق اقليمياً ودولياً تفتقدها سائر الأنظمة في المنطقة وخارجها مما يحصنه كل التحصين ضد مثل هذه الترهات والتطبيلات ، فدفع بردود الفعل الدولية تنهار على المطبلين للحرب قبل أن ترد طهران على هذه التخرصات ، تلك الردود التي حملت في طياتها رسالة واضحة لواشنطن وتل أبيب وحلفائهما عربياً وغربياً من أن "الحرب على إيران لن تدحرج المنطقة بأكملها فقط بل ستمتد الى سائر نقاط العالم ايضاً" مما ادخل ذلك الشك والخوف في نفوس اولئك الذين اطلقوها وطبلوا لها وتشدقوا بتنفيذها .

وبعد ايام جاء الرد الايراني الصاعق ووجه صفعته القاضية على وجه المتطاولين وكل من اطلق ودعم وساند هذه العنتريات السوقية وطبل لها في تصريحاته واعلامه عندما قال سماحة الامام الخامنئي حفظه الله ورعاه " ان على الاعداء لاسيما اميركا وعملائها والكيان الصهيوني ان يعلموا بان الشعب الايراني لم ولن يفكر بالاعتداء على اي بلد او شعب ولكن رده على اي عدوان او تهديد سيكون قويا الى درجة انه يدمر المتطاولين والمعتدين من الداخل" مضيفاً:"   ان الشعب الايراني شعب صامد لن يقف متفرجا امام تهديدات القوى المادية الخاوية التي نخرها الدود من الداخل".

هذا الى جانب التصريحات التي اطلقها بعض المسؤولين الايرانيين من مدنيين وعسكريين عبرت عن وجهة سياسة طهران الصارمة تجاه واشنطن وتل ابيب كشفت فيها عن ان محطة "ديمونا" النووية الصهيونية ستكون من أسهل الأهداف للقدرات العسكرية الايرانية.مما دفع بالطرف الآخر التراجع عن مواضعه السابقة في التهديد والتطبيل للحرب والضربة العسكرية وتصاعد الدخان الاسود من البيت الأبيض والكنيست في آن واحد ليكشف للعالم حقيقة تهريء طبول البوفالو الاميركي رغم قساوتها وشقاوتها وتمزق اوتار قيثارة العزف الاسرائيلي البالية والخاوية رغم عنجهيتها وتخويفها للعرب طيلة اكثر من ستة عقود .

وجاء التراجع الواضح والصريح من الشيطان الأكبر حيث أعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما في حديث لقناة "سي- ان- بي- سي"  الاميركية ، "ان وقوع حرب بين اسرائيل وايران أو توجيه ضربة عسكرية أميركية أو اسرائيلية لايران ليست الطريقة المثلى  لحل الازمة النووية مع طهران".مشدداً : "نحن مستمرون في الانفتاح على الحلول الدبلوماسية لحل هذه المشكلة"!!.

كما ان وزير الحرب الاسرائيلي "إيهود باراك" والذي كان يصرح بضرورة توجيه ضربة عسكرية لايران ، نراه اليوم يرتعد من الخوف ويتراجع عن تصريحاته السابقة ليقول: ان " النقاش حول توجيه ضربة عسكرية لايران كان سطحيًا" ومضيفاً "لو كنت إيرانيا لرغبت في امتلاك السلاح النووي". ومعترفاً:"أن إيران لم تتطلع لإنتاج السلاح النووي من أجل إسرائيل ..فهي صاحبة حضارة وتاريخ يمتد لأربعة آلاف عام..".

كما حذّر وزير الحرب الصهيوني الأسبق "بنيامين بن اليعازر" كيانه المزيف من مغبّة القيام بهجوم عسكري على طهران ، فيما حذر " شاوول موفاز" هو الآخر "إسرائيل" من توجيه ضربة عسكرية لايران خلال اجتماع للحكومة الاسرائيلية المصغرة قبل يومين معرباً عن قلقه لما تناقل عن "نتنياهو" بهذا الخصوص.

وهذا الحال شمل رئيس وزراء العدو الصهيوني "نتنياهو" ورئيسه "بيريز" ايضاً ليعلنا كذب التسريبات الاعلامية التي نسبت اليهما بضرورة توجيه تل ابيب لضربة عسكرية لطهران  مشددين انهم يقفون حاليا "أمام الفرصة الأخيرة لفرض عقوبات قاتلة وشديدة وصارمة على طهران من أجل وقف برنامجها النووي " وهو ما ستثبت الايام خوائه وفشله كما فشلت كل القرارات الاميركية والغربية الاخرى في فرض الحظر الاقتصادي وغيره من قبل، ويخطئ من يتصور أن تقرير الوکالة الدولية هذا أو أي قرار حظر جديد سيوقف عجلة البرنامج النووي الايراني السلمي.

بقلم – جميل ظاهري?