طريق اوروبا يختلف عن حقيقة النهج البريطاني

طريق اوروبا يختلف عن حقيقة النهج البريطاني
الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٢:٣٢ بتوقيت غرينتش

اثر قرار المجلس بخفض مستوى العلاقات مع بريطانيا تظاهر بعض الاوروبيين بوقوفهم الى جانب لندن فيما اثير تساؤل للراي العام عن مدى استعدادهم لسلوك ذات الطريق الذي اختبره البريطانيون بالنظر لعلمهم عن ماضي سخط الشعب الايراني على بريطانيا منذ عقود

طريق اوروبا يختلف عن حقيقة النهج البريطاني

خلال العقود الاخيرة من حياة اوروبا وخاصة بعد تاسيس الاتحاد فيها حاول الشركاء الكبار في القارة عرض تحالف ظاهري لعكس صورة ما تحاول ابراز بلدان القارة في جبهة موحدة لاتتوقف عند حد الوحدة النقدية والاقتصادية والتي تزعزعت بفعل الازمات المتصاعدة في منطقة اليورو خلال الاعوام الاخيرة .

ومع كل ذلك يبدو ان موضوع الوحدة يواجه تحديات جادة منها صراعات القوى والمصالح الاستراتيجية من جهة والازمات الاقتصادية المؤلمة في منطقة اليورو من جهة اخرى لذلك لايمكن لهذا الموضوع اعتباره اكثر من مسرحية اوروبية لاتحظي بالدعم في افضل حالات التفاؤل .

ومنذ سقوط اوروبا في امواج الازمات الاقتصادية العاتية التي بدات في 2008 لم تنجح الاجراءات والاليات الباهضة الكلفة التي اتخذها القادة الاوروبيون من انقاذ بعض بلدانها من مخاطر الافلاس والحد من انتشار الازمة الى بلدان اخرى مازاد في الهوة بين بلدانها بصورة غير مسبوقة منذ تاسيس الاتحاد .

وفي نظرة اخرى تعتبر مصالح اعضاء الاتحاد منفصلة عن بعضها البعض في الكثير من الامور .

ولاحت مؤشرات على وجود خلافات حول الحصص والبحث عن الفرص الاقتصادية وعدم التوافق في مجالات الغزو وتقسيم المصالح في الشرق الاوسط والمنطقة كالعراق وافغانستان وليبيا ومصر والمغرب وتونس واليمن والكثير من البلدان التي اصبحت ساحة للمد الاسلامي .

ولو برزت مواقف مشتركة بين البلدان الاوروبية في بعض الامور فان الازمات تنذر بدق اجراس الفرقة اكثر مما تبشر برفع لواء الوحدة وان الهوة فاقت الاشتراك في الجهود .

ومن زاوية اخرى فان امر البريطانيين يختلف عن باقي الاوروبيين الى حدما في بعض الخصوصيات حيث ان اخطاء البريطانيين حيال الشعب الايراني اكثر عمقا واستعمارية مقارنة بالبلدان الاوروبية الاخرى رغم ان بعض البلدان الاوروبية مثل فرنسا وايطاليا ماتزال تعاني من نتائج حضورهما الاستعماري والعسكري في القارة السوداء والتدخلات في المناطق الاخرى .

وفي هذا الوسط فان ماضي النفوذ الاستعماري البريطاني في عهدي الاسرتين الملكيتين في ايران ، القاجارية والبهلوية العميلتين وماقبلهما لاتماثل ممارسات بعض البلدان الاوروبية وتاثيراتها في العلاقات مع طهران الى هذا الحد .

ان مدى سخط الشعب الايراني على البريطانيين يختلف عن الانزعاج من السياسات المعادية لبلدان اوروبية اخرى .

ورغم ان الشعور بالمرارة والاذى من الدعم التسليحي الذي قدمته بلدان اوروبية مثل فرنسا والمانيا وغيرها للعراق الذي شن نظامه السابق حربا على ايران استمرت ثماني سنوات وفسحهما المجال لصدام في استخدام الاسلحة الكيمياوية مااسفر عن اصابة آلاف الابرياء ونهب ثروات ايران في عهد بهلوي ماتزال ماثلة في ذاكرة الشعب الايراني الا ان السخط الشعبي على البريطانيين يختلف عما سواه .

ومن جهة اخرى تصاعدت النشاطات الطلابية في اوروبا المنبثقة عن النهضات المضادة للراسمالية والمناهضة للحكومة الاميركية بسبب ازدياد حدة الازمة المالية والاقتصادية مابرز معها مطالب جديدة لدى الجيل الجديد في هذه البلدان .

في مثل هذه الظروف والاجواء فان المسؤولين الغربيين وخاصة في اوروبا التي كانت القوة الرئيسية على مدى عقود اصبحت تواجه حقيقة تتمثل بوجوب اعادة النظر الى الكثير من الامور بصورة مختلفة .

وفي هذا السياق يمكن القول ان اتخاذ عدد من المسؤولين الاوروبيين جانب الحيطة والحذر الى حد ما حيال التطورات في العلاقات بين طهران ولندن او التصريح بالرغبة في الدخول بحوار مع ايران يندرج ضمن الاسباب السابقة .

لذلك فان من المستبعد تخلي هذه البلدان ، رغم تظاهرها بالتضامن والوقوف الى جانب بريطانيا ، عن مصالحها في بلد ثري ومؤثر على صعيدي المنطقة والعالم مثل ايران .

*وكالة ارنا