تعاقد البحرين مع "تيموني" هدفه إخماد الاحتجاجات

تعاقد البحرين مع
الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٢:٥٣ بتوقيت غرينتش

كتب الصحفي في صحيفة الغارديان البريطانية ان تعاقد الحكومة البحرينية مع "جون تيموني" رئيس شرطة ميامي سابقا يهدف الى اخماد الاحتجاجات نظرا لتاريخ تيموني في قمع التظاهرات واستخدامه العنف ضد المتظاهرين.



وقال صحفي الغارديان "انه في عام 2003 وبصفتي طالب تصوير فوتوغرافي في شيكاغو؛ سافرتُ إلى ميامي لتغطية الاحتجاجات التي يقوم بها نقابيون ونشطاء آخرون على اجتماع لمنطقة التجارة الحرة للأمريكتين. كنتُ قد عدتُ لتوي من الشهادة على الأساليب القمعية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ومنها الإغارة وحظر التجول وممارسة حملات فرض النظام العنيفة ضد المحتجين العُزَّل، ولكني لم أتوقع أن أرى هذه الأساليب وهي تنتشر في موطني وفي مدينة أميركية".
 
لقد صُدِمتُ عندما وصلتُ إلى ميامي ووجدتُها مشابهةً لبلدة واقعة تحت الاحتلال في الضفة الغربية. كان الآلاف من رجال الشرطة الذين ارتدوا ملابس مكافحة الشغب وتسلحوا بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والهراوات وأسلحة الصعق الكهربائي -والتي استعملت جميعاً ضد المحتجين والصحفيين- موجودين في كافة أنحاء ميامي.
 
كان "النموذج" كما سمَّاه المسؤولون الحكوميون في ميامي في ذلك الوقت من بنات أفكار رئيس الشرطة جون تيموني. بعدة قيادته للاعتداء على المحتجين بصفته القائد العام لشرطة فيلاديلفيا أثناء المؤتمر الوطنية للحزب الجمهوري في عام 2000؛ تم التعاقد مع تيموني من قبل ميامي وأُعطِيَ أكثر من 8 مليون دولار لتقديم مستوى من وحشية الشرطة يختلف مع أيٍ من المستويات التي رأيناها في أي وقتٍ مضى في الولايات المتحدة.
 
في الأسابيع التي تلت الاحتجاجات كتب الصحفي جيرمي سكاهيل قائلاً: "لا ينبغي لأحدٍ أن يطلق اسم قوات الشرطة على ما يديره تيموني في ميامي. إنها مجموعة شبه عسكرية. آلاف الجنود ارتدوا الأزياء الرسمية الخاكية اللون مع بدلات واقية سوداء اللون وأقنعة للغازات وساروا مع بعضهم البعض خلال الشوارع وهم يضربون دروعهم بهراواتهم هاتفين: إلى الوراء .. إلى الوراء .. إلى الوراء . كانت هناك ناقلات جند مدرَّعة وطائرات عمودية".
 
الصحفيون الذين لم يتم تطويقهم بواسطة الشرطة تم استهدافهم بشكل متعمد. أنا بنفسي تعرضتُ للضرب بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وتمت مطاردتي من قبل رجال الشرطة الذين حاولوا اعتقالي ومصادرة آلة التصوير الفوتوغرافي الخاصة بي.
هذا الاستعراض المتزمِّت لقوات الشرطة العنيفة أصبح معروفاً باسم نموذج ميامي ، والذي استعملت عناصر منه كثيراً في السنوات التالية ضد المظاهرات واسعة النطاق التي جرت في الولايات المتحدة.
 
الآن؛ نموذج ميامي قادمٌ إلى البحرين. وكالة الأسوشيتد بريس ذكرت يوم الخميس بأن وزارة الداخلية في المملكة قد تعاقدت مع تيموني "كجزء من الإصلاحات"، وذلك بعد إطلاق تقرير في الأسبوع الماضي من قبل لجنة تقصي حقائق مدعومة من قبل الحكومة.
 
وبينما تواصل العائلة الحاكمة حملة قمعها للمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية؛ لم يكن من الصعب إيجاد علب الغاز المسيل للدموع المستهلكة ومواد أخرى عُلِّمَت بعبارة "صُنِع في الولايات المتحدة الأمريكية" وهي تغطي شوارع القرى.
 
في عام 2010 أعطت الولايات المتحدة 20.5 مليون دولار للبحرين من أجل "السلام والأمن والاستقرار". بحساب النسبة لكل فرد؛ فإن المساعدة العسكرية المُعاطة للمملكة (التي تستضيف الأسطول البحري الأميركي الخامس) تعادل تقريباً 10 دولارات للشخص الواحد، وهي النسبة الأكثر من النسبة في الـ 1.3 مليار دولار التي أعطتها الولايات المتحدة إلى نظام حسني مبارك الدكتاتوري في مصر في العام ذاته.
 
متطلعاً للولايات المتحدة ليس فقط لتمويل حملة القمع ولكن للمساعدة على تسريعها؛ تعاقد النظام مع عدد من شركات العلاقات العامة الأميركية. أحد وكلاء العلاقات العامة وهو توم سكويتيري التابع لشركة TS Navigations تم إعطاؤه مساحةً في مدونات صحيفة هوفينغتون بوست ومجلة فورين بوليسي لكتابة المواضيع المدافعة عن العائلة الحاكمة.
 
واضاف يقول : أغلبية سكان البحرين الاصليين "لم يمنعوا فقط بشكل جوهري من العمل في قوات الأمن الحكومية منذ أيام السيطرة البريطانية؛ ولكن العائلة الحاكمة تنظر إلى دول مثل اليمن وسوريا وباكستان وذلك للتعاقد مع مقاتلين محترفين ومنحهم الجنسية البحرينية".
 
على أية حال؛ خلال الاحتجاجات الأخيرة لم يكن حتى رجال الشرطة المولودون في الخارج -والذين يطلق عليهم المحتحجون لقب "المرتزقة"- كافين لقمع المظاهرات الشعبية، ولهذا كان لابد على الحكومة أن تنظر مرة أخرى إلى الخارج للحصول على المزيد من الدعم.
 
في نفس الوقت تقريباّ الذي كان فيه النُقَّاد في معظم وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنجليزية يشجعون "التدخل الخارجي" في ليبيا؛ جلس هؤلاء صامتين عندما عبرت الآلاف من القوات السعودية الجسر المؤدي للبحرين وساعدت في سحق الاحتجاج غير المسلح الذي دام لأسابيع في دوار اللؤلؤة الذي أصبحمهدماً الآن في المنامة.
 
تلا ذلك ثلاثة أشهر تقريباً من العمل بالأحكام العرفية، وهي الفترة التي تعرض فيها الناس للضرب في الشوارع وتم طرد أو إنزال رتبة الموظفين وهُدِّمت أماكن دينية وتعرَّضت منازل للمداهمة في منتصف الليل واعتقل الآلاف من البحرينيين الذين تمت محاكمة العديد منهم بشكلٍ سريعٍ وحُكِمَ عليهم بالسجن لفترات طويلة من قبل محاكم عسكرية. مات على الأقل أربعة أشخاص وهم محتجزون لدى الشرطة، وتم إطلاق سراح جثثهم لاحقاً وهي تحمل كدمات قالت عنها مجموعات حقوق الإنسان أنها كانت ناتجة عن التعذيب الشديد.
 
الآن وقد تم رفع العمل بالأحكام العرفية وأكملت القوات السعودية مهمتها؛ لا تزال الاحتجاجات ضد عائلة آل خليفة مستمرة. في الشهر الذي قضيته في كتابة التقارير -غالباً بشكل سري- من البحرين مؤخراً؛ شهدتُ الاحتجاجات في القرى في مختلف أنحاء البلد وبشكل يومي.
 
بالتعاقد مع رجل شرطة أميركي ذي قبضة حديدية مثل تيموني؛ يبدو أن عائلة آل خليفة أكثر اهتماماً بالإبقاء على السلطة المطلقة بينما يواصلون فقدان المزيد من الشرعية، وذلك بدلاً من تطبيق أية إصلاحات حقيقية لتجاوز الأزمة السياسية في البلد.
 
في هذه الأثناء في الشوارع؛ لا يزال الموقف الذي لا يكل من قبل المحتجين الشُبَّان باقياً، وليس من المحتمل أن تستطيع أية قوات أمنية تم جلبها من الخارج -سواء كانت باكستانية أو سعودية أو أميركية كما الآن- أن تسحق حركتهم.