ربط النزاعات : يفك الحصار ويحقق الانتصار!

 ربط النزاعات : يفك الحصار ويحقق الانتصار!
الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٣:٢٥ بتوقيت غرينتش

ثمة حزمة اشتباكات تتقاطع احيانا وتتنافر اخرى في فضاءات الكلام كما في مشاهد الميادين، القدر المتيقن منها انها تدور في مجملها حول نزاعنا التاريخي والحقوقي والقانوني مع العدو القادم من وراء المحيطات الى قلب وطننا العربي والاسلامي لانتشال الكيان الذي يكاد يغرق نتيجة تسونامي الصحوة العربية والاسلامية وليس الربيع العربي بالتأكيد!

ننقل لكم من بين الكم الهائل من هذه التشابكات مثلا فقط راشد الغنوشي يقول وفي ندوة له في معهد واشنطن للشرق الادنى : انا مهتم بتونس لدي نموذج وتجربة اريدها ان تنجح فيما الآخرون مهتمون بفلسطين وليبيا، الكل مهتم بمصلحته الخاصة ومصلحتي هي تونس !

المثل المذكور اعلاه لا يعني بالضرورة ابدا بان جمهور هذا البلد يفكر بنفس ما يفكر به بعض النخبة فيه!

بل العكس تماما فان كل التقارير القادمة من تونس وتلك القائمة في دمشق موالاة ومعارضة تقول بان الشعبين التونسي والسوري يضعان في صدر اولوياتهما مشروع مناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني والعداء المطلق للكيان الغاصب.

بالمقابل فان ثمة تشابكات من نوع آخر تلف العالمين العربي والاسلامي على مستوى التجمعات الجماهيرية كما على مستوى الاحزاب والمنظمات والفصائل المنتمية لثقافة المقاومة وبعض من بقي من الدول الممسكة بجمرة دعم قضية فلسطين، القدر المتيقن فيما بينها من قواسم مشتركة هو انها ربطت امنها القومي بقضية انهاء الاحتلال الصهيوني باي شكل كان!

وهنا ربما يكمن بيت القصيد فيما نريد قوله:

فالجنس الاول يؤمن بفصل النزاعات ايا تكن مشروعية القضايا كل واحدة على حدة والاهم من ذلك انه يعتقد ان بامكانه ان يحقق عدالة اجتماعية وتنمية سياسية واقتصادية في بلاده بل وان يقدم نموذجا راقيا ومتميزا من الديمقراطية بمعزل عن حصار ميزان القوى العالمي المدجج بكلب الحراسة الصهيوني النووي!

بينما يعتقد الثاني متسلحا ببصيرة الفطنة الوجدانية والعلمية التي لا تخطئ بان ما من تنمية سياسية ولا اقتصادية فضلا عن عدالة اجتماعية ناهيك عن اجواء ديمقراطية سليمة ممكنة ومتاحة لاي من بلداننا العربية والاسلامية ما لم بتم ربط نضال شعوبها بالحرب المفتوحة على الصهيونية الاسرائيلية تحديدا واسيادها المستعمرين القادمين من وراء البحار عموما!

يقول السفير الالماني المسلم مراد هوفمان في محاضرة له حول القرآن الكريم ومقولة الحرب الشاملة على الكفار ومقارنة ذلك بقوانين حلف الاطلسي اي الناتو:

ما ذنب محمد بن عبد الله اذا كان قد جاءه الامر مبكرا من الله سبحانه وتعالى اي قبل اكثر من اربعة عشر قرنا من منظومة حلف الناتو بان المطلوب مقاتلة المنافقين والكفار على طريقة الحرب الشاملة وذلك في تفسيره للآية الكريمة: واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل وهي القاعدة المتبعة حاليا في حلف الناتو كما هو وارد في البند الرابع والتي تقول بان من حق اي طرف من اطراف حلف الناتو ان يهاجم اي طرف من اطراف خصمه حيثما اتيح له ذلك اذا ما هوجم من طرف من اطراف ذلك الخصم المشترك في اي مكان كان!

انها معركة ربط النزاعات يا عرب ويا مسلمين، ولا يظنن احد اي احد ان بامكانه اي يبقى في معزل عن هجمات او اعتداءات او مؤامرات حلف العدو الاستعماري القادم من اعالي البحار لاسيما من قبل الكيان الصهيوني لمجرد انه يقرر بالنأي بنفسه عن المواجهة من طرف واحد!

وان هذه الاعتذارية التي باتت منتشرة في صفوف البعض من المنهكين او المتعبين من نخب النضال السابق سواء كانوا في المعارضة او في الحكم لن تغفر لهم مطلقا انهم كلوا او ملوا من النضال وقرروا ان يتفرغوا للبناء بعدما هرموا ونالوا نصيبهم من الحرية او السلطة بعد طول انتظار، او انهم قاموا بمراجعات فكرية او غير فكرية افضت بهم الى اولوية الحرية والعدالة والثورة على اولوية تطهير بلادهم ووطنهم الاصغر والاكبر من رجس الصهاينة!

انها حرب مفتوحة عرفنا كيف ننتصر فيها في حصار شعب ابي طالب كما في غزة هاشم كما في الضاحية الابية، وبامكاننا اليوم كذلك ان نحقق فيها انصع الانتصارات!

حرب نحن الذين سنحدد مصائرها بطريقتنا ومنظومة قيمنا، شرط ان تكون قواعد الاشتباك فيها قاعدة ربط النزاعات!

وعندها لن يكون لنا فيها خيار اما ان ننتصر او ننتصر، بعد ان ولى زمن الهزائم الى غير رجعة وبدأ ميزان القوى العالمي يميل بقوة لمصلحة الشعوب والحكام والنخب البصيرة من اصحاب ارادة التحضير للمنازلة الكبرى مع الشيطان الاكبر وزبانيته، ولا وقت فيها للتردد او الانتظار!

* محمد صادق الحسيني