الخميني.. إمام التحولات الكبرى في زمن الصحوة الاسلامية

الجمعة ٠١ يونيو ٢٠١٢
٠٩:٣٢ بتوقيت غرينتش
الخميني.. إمام التحولات الكبرى في زمن الصحوة الاسلامية يشكل نهج الامام الراحل آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني (قدس سره الشريف) منظومة دينية وسياسية، يمكن للدراس المتعمق، ان يحصل منها على دلائل عملية فكرية وسياسية وثورية تضيء امامه الكثير من الظلمات، وتفك ما تشابه عليه من التعقيدات، باعتبارها منظومة نابعة من معين الاسلام المحمدي الاصيل، بصفائه ونقائه ووضوحه.

لقد قدم سيدنا الامام ونحن نحيي السنوية الثالثة والعشرين لذكرى رحيله في 4 حزيران 1989، للامة الاسلامية، تجربة ثورية عقائدية متزنة، ما فتئت تداعياتها مستمرة على مستوى ترشيد الوعي الاسلامي الذي اثمر صحوة اسلامية عالمية وثورات شعبية هادرة منذ مطلع عام 2011 وحتى يومنا هذا.
ومهما قيل او يمكن ان يقال للتعتيم على هذه الحقيقة الساطعة، فان الشمس لايمكن ان يحجبها غربال. فلقد آن للمسلمين والاحرار والشرفاء ان يعلنوا بملء الفم ان كل المتغيرات التي وقعت خلال العقدين الماضيين، مدينة لنهضة الامام الخميني، ومنها:
1 ــ انتصار المقاومة الباسلة في لبنان على العدو الصهيوني في حرب تموز 2006.
2 ــ التصدي الاسطوري الذي قام به المجاهدون الفلسطينيون في مواجهة العدوان الاسرائيلي على غزة في ديسمبر 2008.
3 ــ انهيار نظام الطاغية المقبور صدام حسين في العراق، وتمكن الحركة الاسلامية الثورية من اجبار الغزاة الاميركان والاطلسيين على الانسحاب من بلاد وادي الرافدين اواخر 2011، ونجاحها ــ رغم بروز التحديات والخلافات المفتعلة ــ من قيادة العراق وفقا للاسس الديمقراطية والتعدديات الحزبية والحريات السياسية، الشيء الذي كان معدوما في زمن النظام الدكتاتوري البائد الذي حكم البلاد والعباد بالحديد والنار مدة 35 عاما (17 تموز 1968 ــ نيسان 2003).
4 ــ انطلاق الصحوة الاسلامية واجتياح الثورات التحررية الشعبية للانظمة الاستبدادية العتيدة في تونس ومصر وليبيا واليمن، مع بوادر ان يتواصل هذا المد الاسلامي العارم ليشمل البحرين والاردن وبلاد الحرمين الشريفين وافغانستان وباكستان ومناطق اخرى مهيأة لاستقبال رياح التغيير، وتقويم المسارات وتقرير المصائر بالنسبة لشعوبها المضطهدة وبلدانها المنتهبة.
5 ــ تساوق الصحوة الاسلامية المعاصرة، مع النهضة الانسانية المتنامية في اميركا واوروبا وكندا واستراليا، على خلفية تصاعد غضب الجماهير البائسة والمحرومة والمقهورة في العالم الغربي، جراء سيطرة الرأسمالية الجشعة على جل الثروات والذخائر من الاموال والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة والمجوهرات، التي تضخمت بها مستودعات زعماءالحروب واباطرة المصارف العملاقة، الامر الذي حرض على اندلاع ثورة الانسانية المعذبة في اصقاع الارض تحت شعار (احتلوا وول ستريت).
6 ــ وصول الاسلاميين الى مقاليد السلطة والحكم في بلاد كان مجرد الطرح الاسلامي فيها حلما بعيد المنال، لكننا شهدنا ان هذه المعادلة انهارت وانقلبت رأسا على عقب، حيث اصبح رواد الحركة الاسلامية الواعية في الحكم كما هو الحال في تونس وليبيا، او قاب قوسين او ادنى منه، كما في مصر الكنانة التي حاز الاسلاميون فيها على اغلبية مقاعد البرلمان (مجلس الشعب). فيما يتوقع وبشكل اكيد ان يدخل مرشحهم الاكفأ الى القصر الجمهوري في انتخابات جولة الاعادة يومي 16 ــ 17 حزيران 2012، ليتفرغ المصريون المؤمنون بعدها لعملية التخلص من استحقاقات الاذعان لمعاهدة كامب ديفيد المشينة، وطرد السفارة الصهيونية من القاهرة رغم انف اميركا واسرائيل وآل سعود وآل ثاني والمطبعين الخونة الباقين في الاردن ومناطق اخرى في العالم الاسلامي.
7 ــ تصلب عود المقاومة الباسلة وحزب الله بقيادة العلامة السيد حسن نصر الله، وتمكنهم من فرض معادلة توازن القوى، وتبادل الرعب، الامر الذي اعلنه مرارا هذا العبد الصالح الذي هو خريج مدرسة الامام الخميني (طاب ثراه)، والجندي الوفي والمطيع لتوجيهات خليفته المقتدى الامام السيد علي الحسيني الخامنئي (دام ظله). فقد اجبر سيد المقاومة العدو الصهيوني على الرضوخ لهذه المعادلة غير المسبوقة، ووضع اسرائيل امام خيار الازالة من الوجود ان هي اقدمت على حماقة العدوان على ايِّ شبر من ارض لبنان او ايِّ مبنى في حارة حريك بضاحية بيروت، ولربما يزداد سقف هذا التهديد الحازم ، ليشمل مساحات تتجاوز جغرافيا لبنان ، فيما اذا فكرت تل ابيب ــ مثلا ــ في زعزعة الامن والاستقرار في سورية والعراق أو حاولت استفزاز الجمهورية الاسلامية بشكل او بآخر، ولو عبر الضرب على وتر الاتهامات والافتراءات المؤدية الى اشاعة التوتر والمخاوف في منطقة الخليج الفارسي.
8 ــ تخبط العمليات العسكرية الاميركية والاطلسية في افغانستان والعراق وباكستان واليمن، ومحاولة واشنطن وضع استراتيجيات جديدة لتعويض هزائمها المذلة هنا وهناك ، وتلاشي مقولة "الاحادية القطبية" التي حاولت حكومة الولايات المتحدة تكريسها عقب انتهاء الحرب الباردة وانفراط الاتحاد السوفيتي السابق. كما ان ثمة بلدانا صناعية وعسكرية اخذت تفرض استراتيجياتها في الساحة الدولية، مثل الصين واليابان وحتى روسيا ـ بعدما استعادت عافيتها ــ.
9 ــ انتشار انباء ومعلومات مؤكدة عن تزايد الهجرة المعاكسة في الكيان الصهيوني على خلفية تحطم (اسطورة الجيش الذي لا يقهر) على صخرة المقاومة الاسلامية الباسلة، اضافة الى انهيار معنويات المستوطنين الذين بدأوا يؤمنون ان وجودهم صار في عين الاعصار جراء ضربات المجاهدين المؤمنين ولاسيما خلال حرب الـ (33) يوما، عام 2006.
10 ــ ظهور بعض الاشارات والآيات الدالة على اقتراب الفرج الالهي بظهور قائم آل محمد الامام المهدي المنتظر (عج)، الذي تنتظره البشرية جمعاء ليملأ الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وفي ذلك آراء ومشاهدات عرفانية، تعتقد بقرب وقوع هذا الحدث الرباني المأمول، بعدما حول المستكبرون اصقاع الارض الى ساحات تتطاحن فيها النوازع الشيطانية لتجار الحروب ، الامر الذي طبع معظم بلدان العالم بطابع الازمات والهرج والمرج.
11 ــ على صعيد متصل ثمة ظواهر وتطورات طبيعة، يتابعها علماء الارض والنجوم والمعارف الميتافيزيقية، توحي الى ان البشرية مقبلة على احداث جذرية، سوف تغير الكثير من المعادلات العينية والغيبية، وبما يفضي الى تصدع صروح الانظمة الاستكبارية والعالمية وتفكك منظومة زعماء الباطل الدوليين، تمهيدا لسيادة قيم السماء والتعاليم الالهية في ربوع الارض، بعدما ضجّ سكانها تحت نير واعباء الطغيان والاستعباد وتدمير انسانية الانسان، وابادة الحرث والنسل كرمى لعيون قلة قليلة من الرأسماليين والمرابين الذين لايبيتون ليلهم الا على وقع آنات المسحوقين والبؤساء واليتامى والارامل في هذا العالم الكبير.
و يؤكد اهل الخبرة ان الامام الخميني (قدس الله سره) ، هو من الافذاذ الذين جمعوا بين العلم والتقوى والزهد والعزم الذي لايلين، وصولا لمرضاة  المولى عزوجل، وقد ادرك عبر جهاد النفس مرتبات لايرقى اليها الا اولياء الله الصالحون. وازاء ذلك لاغرابة ان تكون المعطيات والتحولات والمنجزات التي استعرضناها آنفا، وليدة ايمانه العميق وانشداده الى الواحد المعبود، وتفانيه في ذات الله.
يقول (قدس سره) في احدى فقرات كتابه المعروف "الاربعون حديثا" في مضمار البناء الروحي للانسان المؤمن: (نحن المساكين، كالاطفال، المتمردين على حكم العقلاء بل المخطئين لهم، قد واجهناهم دائما بالعناد والمحاربة والانفصال، ولكن تلك النفوس الزكية والارواح الطيبة الطاهرة ــ عند الانبياء ــ بما يكمن فيهم من الرأفة والرحمة بعباد الله، لم يقصروا ابدا في دعوتهم، على الرغم من جهلنا وتعنتنا، بل ساقونا نحو الجنة والسعادة، بكل ما يملكون من القوة واساليب الدعوة، دون ان ينتظروا منا جزاء ولاشكورا)- من دراسة للمفكر الاسلامي استاذنا الشهيد عزالدين سليم (رحمه الله)، ضمن كتاب "ثورة الفقيه ودولته" لمؤلفه كاتب السطور.
لاحظوا معي كيف يرقى العابدون المتفانون الوالهون الى مدارج السمو وهم يتمتمون بأدعية لايعيها ولايدركها الا اصحاب اليقين، مثل هذه الفقرة الواردة في المناجاة الشعبانية :(الهي هب لي كمال الانقطاع اليك، وأنر ابصار قلوبنا بضياء نظرها اليك، حتى تخرق ابصار القلوب حجب النور فتصل الى معدن العظمة وتصير ارواحنا معلقة بعز قدسك).
المؤكد ان الله تبارك و تعالى قيَظ مثل هذا الانسان المطهر من دنس ا لخطايا والآثام، ، لقيادة التحولات الكبرى وتغيير الاوضاع الفاسدة، والمظاهر المنحرفة، ليس على مستوى وحدة جغرافية معينة، بل على مستوى العالم، وازاء ذلك فان الوقائع السابقة، و الراهنة والمستقبلية ايضا، هي لصيقة بالارتباط الروحي والمعنوي مع هذا الامام العظيم ، حتى بعد انتقاله الى جوار ربه ، وان هذا لهو الوسام الالهي الذي يقلده المولى الكريم عباده المنتجبين القادرين على صنع الاحداث المصيرية في محياهم ومماتهم في أن معا.
ويقيننا تام بأن السائرين على نهج هذا المقدس الرباني البرّ، وفي مقدمتهم خليفته والمؤتمن على رسالته، سماحة قائد الثورة الاسلامية المفدى الامام السيد علي الحسيني الخامنئي (دامت بركاته)، هم مشمولون ايضا بهذه الكرامات، فالسيد الخامنئي هو غصن من تلك الدوحة الايمانية التي ضربت بجذورها المباركة في انحاء العالم الاسلامي بل في ارجاء البسيطة ، وحققت خيرات وفوائد للبشرية لم تكن في حسبان قوى الظلم والبغي والاستكبار.

*حميد حلمي زادة

0% ...

آخرالاخبار

استشهاد 411 فلسطينيا منذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة


أوليانوف: المفاوضات مع طهران يجب أن تقتصر على القضايا النووية فقط


البنتاغون: الصين ربما حمّلت نحو 100 صاروخ باليستي عابر للقارات


الإطار التنسيقي يدعو إلى الإسراع بتسمية رئيس وزراء للعراق


مستوطنون إسرائيليون يتسللون مرتين إلى سوريا خلال 24 ساعة


نتنياهو يستضيف قمة ثلاثية بالقدس هروبا من أزماته الداخلية والخارجية


صراع البقاء غرب جنين: قلع مئات الأشجار ومصادرة الأراضي


فضيحة 'الشأن الداخلي'، جريمة اسرائيلية بحق 'أسرى 48'


حريديم يغلقون طريقاً حيوياً قرب تل أبيب احتجاجاً على التجنيد+فيديو


فيدان في دمشق؛ قلق تركي من قوات قسد