وكانت اخر خطوة قام بها الرئيس الاميركي باراك اوباما ضد ايران حسبما نقلت صحيفة نيويورك تايمز امره سرا بزيادة الهجمات الالكترونية ضد ايران في 2010 بعد تسرب المعلومات عن الفيروس ستاكس نت الذي يقول البعض انه جاء من الولايات المتحدة او اسرائيل او كليهما.
ولا يخفي مراقبون خشيتهم من ان تكون الولايات المتحدة واسرائيل هما من صنعتا الفيروس فليم (اللهب) الإلكتروني الذي تم اكتشافه مؤخرا في إيران ومناطق أخرى بالشرق الأوسط، حيث تعتزم وكالة الأمن الإلكتروني للاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة، إصدار تحذير شديد اللهجة من مخاطر هذا الفيروس ، فيما أكدت طهران تمكنها من صنع فيروس مضاد للفيروس فليم .
الخطوة أو الخطوتان الاميركيتان ضد ايران تعتبران حلقة في سلسلة من الخطوات العدائية التي تقوم بها الولايات المتحدة منذ عهد كارتر الى عهد باراك اوباما ضد ايران والتي تستهدف اسقاط النظام الاسلامي واقامة نظام عميل لها يضمن مصالحها في المنطقة .
فمواقف الولايات المتحدة المعادية ضد ايران لم تكن تتعلق بالبرنامج النووي فقط كما يدعي المسوولون الاميركان حاليا ، بل ان مواقفها ارتبطت بقضايا اكثر اهمية وخاصة فقدانها دولة حليفة لها في المنطقة ، كانت قواتها تسرح وتمرح في الاراضي الايرانية لعقود طويلة وتتخذ الاراضي الايرانية منطلقا لعملياتها العسكرية و الاستخباراتية والتجسسية ضد الاتحاد السوفيتي السابق . والانكي من ذلك كانت القوات الاميركية المرابطة في ايران في عهد الشاه ذات حصانة دبلوماسية بحيث اذا ما ارتكب جندي اميركي جريمة بحق مواطن ايراني كان لا يسجن ولا يحاكم في ايران ولم تكن المحاكم الايرانية من حقها محاكمته ، بل كان يبعث الي الولايات المتحدة لكي يحاكم هناك.
وكانت القوات الاميركية العاملة في ايران تتلقي مرتباتها من نظام الشاه ، كما كانت تتلقي اضافة الى مرتباتها الشهرية مزايا تسمي ب " حق التوحش" اي ان القوات الاميركية كانت تعتبر نفسها اعلي مرتبة من الايرانيين بل تعتبر الايرانيين بمستوي الوحوش وكانت تتلقي مزايا لانها كانت تعيش بين شعب تعتبره متوحشا. ان الذين عاشوا في ايران قبل الثورة يروون التعامل الاستعلائي للقوات الاميركية للايرانيين ونفور الايرانيين منهم .
لقد تدهورت العلاقات الايرانية الاميركية عام 1979 عندما انتصرت الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني علي نظام الشاه محمد رضا بهلوي حيث وافقت الولايات المتحدة علي استقبال الشاه للعلاج وهذا ما اغضب طلبه الجامعات الايرانية الذين هاجموا سفارة الولايات المتحدة في طهران في 4 تشرين الثاني / نوفمبر 1979واحتجزوا 52 موظفا في السفارة ودعوا الي اعادة الشاه الي ايران وقد قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع ايران في السابع من نيسان/ ابريل 1980 بمبادره من الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر .
وكانت قضية الرهائن سببا في هزيمة الرئيس الاميركي كارتر في الانتخابات التي جرت في عام 1981 وانتخب رونالد ريغان مكانه ، و افرجت ايران عن الرهائن ال52 يوم تنصيب الرئيس الاميركي رونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني / يناير/1981.
ايران ترى بان الولايات المتحدة دعمت شاه ايران طيلة ثلاثة عقود وان عليها بعد سقوط الشاه واقامة الجمهورية الاسلامية ان تعامل ايران علي انها دولة مستقلة كسائر دول العالم ولا تتدخل في شؤونها .
ولكن الولايات المتحدة ترفض المطلب الايراني وتتعامل معها من منطلق استعلائي ولهذا السبب لا ترى ايران اي مسوغ لاعادة العلاقات مع الولايات المتحدة .
الخلاف القائم بين الولايات المتحدة وايران يتعلق بعدة نقاط منها : الارصدة الايرانية المجمدة في البنوك الاميركية منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979 والتي تقدر بنحو 12 مليار دولار و الحظر التجاري والتكنولوجي والعسكري الشامل المفروض علي ايران .العلاقات الايرانية الاميركيه ظلت متوترة حتي الثالث من تموز/ يوليو 1988 حيث اسقطت الفرقاطة الاميركية فينسين طائرة تابعة للخطوط الجوية الايرانية من طراز ( ايرباص ) حيث قتل اثر ذلك 290 من ركابها الايرانيين .
وفي 30 من نيسان/ ابريل 1995 فرضت واشنطن حظرا تجاريا وماليا علي ايران وتبني الكونغرس الاميركي في 19 حزيران / يونيو من نفس العام قرارا يفرض عقوبات علي الشركات التي تريد الاستثمار في قطاع النفط والغاز في ايران .
المواقف الاميركية من ايران كانت مواقف عدائية بامتياز ، وقد اعتذر الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون لايران عن الظلم الذي سببه لها . وبعد انتخاب جورج بوش رئيسا للولايات المتحدة اتخذ بوش موقفا متشددا ازاء ايران و صنف ايران في 29 كانون الثاني / يناير2001 ضمن محور الشر . وفي 17 كانون الثاني / يناير 2005 المح الرئيس الاميركي جورج بوش الي امكانية تدخل عسكري لبلاده في ايران لمنعها من امتلاك اسلحة نووية .
وقد ارسل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعد انتخابه رئيسا للجمهورية وفي 8 ايار/ مايو 2005 رسالة الي الرئيس الاميركي جورج بوش يقترح فيها وسائل جديدة لتخفيف الاحتقان في العالم .وقد ابدت الولايات المتحدة في 31ايار/ مايو2006 استعدادها للمشاركة في محادثات متعدده الاطراف مع طهران اذا تخلت هذه الاخيرة عن برنامجها النووي .واقترح الرئيس الايراني في 6 ايلول / سبتمبر 2006 علي الرئيس بوش حوارا ابان دورة الجمعية العامة للامم المتحدة ولكن واشنطن رفضت الاقتراح.
الخلاف الايراني الاميركي واسع ومتعدد الجوانب فايران تتهم الولايات المتحدة بالتدخل في شوونها الداخلية واصدار تقارير تدين ايران بانتهاك حقوق الانسان .كما ان هناك خلافات بين البلدين حول القضايا الاقليمية واهمها الموقف من القضية الفلسطينية ودعم ايران لحق الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد اسرائيل .
وخففت الولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج بوش بعض القيود علي ايران للسماح باستيراد السلع الايرانية الا ان ذلك لم يمنع بوش من تجديد الحظر الاميركي علي التجارة و الاستثمار في ايران .الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق جورج بوش كانت تهدد ايران بشن حرب عليها بسبب عدم تعليقها تخصيب اليورانيوم وتري بان ايران تعمل علي حيازة الاسلحة الذرية ونفس التهمة يكررها الرئيس باراك اوباما حاليا ، بينما تنفي ايران الاتهامات الاميركية وترى بان الولايات المتحدة لا تملك الارادة لاجراء مباحثات معها لانها منحازة لاسرائيل ولا تقبل بما لا يرضي اسرائيل .
وبعد فوز الرئيس الاميركي باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ، اعرب اوباما عن رغبته في الحوار مع ايران ، وكشف قائد الثورة الاسلامية في ايران اية الله علي خامنئي وللمرة الاولي عن رسائل خطية وشفهية عديدة بعث بها اوباما له ودعا في رسائله الي تعاون ايران مع الولايات المتحدة لحل المشاكل العالمية.
واكد القائد في كلمته التي القاها في جمع من طلبة الجامعات بمناسبة حلول الذكري الثلاثين لاحتلال السفارة الاميركية في طهران ان الرئيس الاميركي اعلن في رسائله المتكررة عن نيته في التغيير مشيرا الي انه ( اي القائد ) لم يعلق علي رسائل اوباما وانتظر ان يقوم الرئيس بتنفيذ وعوده ولكنه لم ير اي تغيير في المواقف الاميركية بل استمرت التهديدات الاميركية لبلاده ،
وفي اخر تصريح له دان قائد الثورة الاسلامية في ايران "اكاذيب" الولايات المتحدة التي اعتبرها "المجرم النووي الوحيد في العالم" الذي يتهم ايران بالسعي الى امتلاك السلاح النووي.وقال آية الله خامنئي ان "الحكومة الاميركية هي الوحيدة التي ارتكبت جريمة نووية"، مؤكدا ان "المجرم النووي الوحيد في العالم يكذب ويقدم نفسه على انه يعارض انتشار الاسلحة النووية في حين انه لم يتخذ اي قرار جدي في هذا المجال".
وأكد آية الله علي خامنئي أن الغرب والولايات المتحدة الداعمين للكيان الاسرائيلي يعانون اليوم من أزماتهم الحادة ونفرة الشعوب منهم.
وقال اية الله خامنئي في كلمة القاها في الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل الامام الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية ان الغرب يريد مصادرة ثورات المنطقة عبر إثارة الخلافات والفتن بين شعوبها وعلى جميع المسلمين ان يكونوا واعين لمؤامرات العدو ومخططاته موضحا ان الاميركيين يستفيدون من تجربة الاستعمار البريطاني في اثارة الفتن في المنطقة.
وفيما يتعلق بالمسألة النووية الايرانية قال قائد الثورة إن الشعب الايراني اثبت أن تحقيق التقدم يمكن بالاعتماد على الذات وليس بالاعتماد على المساعدات الاميركية داعيا الشعب الايراني الى مواصلة التقدم والصمود والتغلب على كافة التحديات. وأشار خامنئي الى أن كل المنشات الايرانية تم بناؤها وتشغيلها بكفاءات ايرانية وأن ايران اليوم لم تعد بحاجة للخبرات الاجنبية واصبحت تتميز بحركة علمية سريعة وواسعة بشهادات العالم مضيفا ان المرتبة العلمية لايران ارتفعت 11 مرة للنمو العلمي بعد الثورة الاسلامية مؤكدا أن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على ايران كانت باعثا لتقدمها وتطورها .
الولايات المتحدة تواصل اتخاذ مواقف عدائية تجاه ايران وقد اثبتت خلال السنوات الماضية انها مستمرة في مواقفها وخاصة معارضتها للبرنامج النووي الايراني وتهديداتها المستمرة لايران بالهجوم العسكري علي منشاتها النووية .
وقد اكد الامام اية الله علي خامنئي موقف ايران من العلاقة مع الولايات المتحدة بالقول :" انه طالما لم تكف الادارة الاميركية عن التهديد ونزعتها الاستكبارية فان الشعب الايراني لن ينخدع بالتصريحات التصالحية ظاهريا ".
*شاكر كسرائي