في ذكري ولادة الامام الحسن بن علي (عليهما السلام)

في ذكري ولادة الامام الحسن بن علي (عليهما السلام)
الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٢ - ١٠:٥٧ بتوقيت غرينتش

لقد نشأ في بيت الطهر والقداسة، فتفجر من خلاله ينابيع الجود، والفضائل، فأصبح مناراً للسالکين، ومحط رحال القاصدين. لقد نزلت آيات من القرآن الکريم، توضح لنا کم لمنزلته من سمو ورفعة عند الله ورسوله والمؤمنين. وآية المودة لأصدق تعبير، حيث فرض الله على المسلمين، مودة أهل البيت عليهم السلام، بقوله سبحانه وتعالى: ?قُل لا أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى??

الإسم: الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).
أمه: فاطمة عليها السلام بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وآله.
جده لأمه: رسول الله صلى الله عليه وآله.
إخوته لأبيه و أمه: الإمام الحسين عليه السلام، و محسن عليه السلام السقط، و زينب عليها السلام، و قيل أم کلثوم.
ولادته: ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث للهجرة، فجيىء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ” اللهم إني أعيذه بک وولده من الشيطان الرجيم. وأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وسمّاه حسناً، وعقّ عنه کبشاً”.
کنيته: أبو محمد (کناه بها رسول الله صلى الله عليه وآله).
ألقابه: التقي، الزکيّ، السبط، والمشهور بالمجتبى.
أشهر زوجاته: خولة بنت منظور الفزارية، ام إسحاق بن طلحة بن عبيد الله التيميّ، أم بشر ابنة أبي مسعود الأنصاريّ، جعدة بنت الأشعث، هند بنت عبد الرحمن بن أبي بکر، ورملة.
أولاده: زيد، الحسن، عمرو، القاسم، عبد الله، عبد الرحمن، الحسن (المثنى)، طلحة.
بناته: أم الحسن، أم الحسين، فاطمة، أم عبد الله، فاطمة الصغرى، أم سلمة.
بيعته: بويع للخلافة في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة ?? للهجرة.
صلحه: صالح معاوية في النصف من جمادي الأولى سنة?? للهجرة.
شهادته: قضى عليه السلام مسموماً في?? صفر، وفي رواية أخرى في السابع من شهر صفر سنة ?? للهجرة على يد زوجته جعدة بنت الأشعث بإغراء من معاوية.
عمره الشريف: سبع وأربعون سنة.
مدة إمامته: عشر سنوات.
قبره: دفنه الإمام الحسن عليه السلام في البقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بوصية منه في المدينة المنورة.
هدم قبره: في الثامن من شوال سنة ???? هـ.
ولادته عليه السلام: أطلّ الإمام الحسن عليه السلام على العالم الإسلامي في النصف من شهر رمضان أفضل الشهور. إستقبل النبي صلى الله عليه وآله نبأ ولادته بموجات من السرور والفرح غمرت قلب النبي صلى الله عليه وآله، فسارع إلى بيت الصدّيقة، ليهنئها بسلامتها، وبمولودها الجديد المبارک. ويفيض على المولود شيئاً من مکرمات نفسه، ولمّا وصل إلى الإمام نادى: يا أسماء، هاتني إبني.
فضله عليه السلام وشأنه: لقد نشأ في بيت الطهر والقداسة، فتفجر من خلاله ينابيع الجود، والفضائل، فأصبح مناراً للسالکين، ومحط رحال القاصدين. لقد نزلت آيات من القرآن الکريم، توضح لنا کم لمنزلته من سمو ورفعة عند الله ورسوله والمؤمنين. وآية المودة لأصدق تعبير، حيث فرض الله على المسلمين، مودة أهل البيت عليهم السلام، بقوله سبحانه وتعالى: ?قُل لا أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?

وروى ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية قال بعض المسلمين: يا رسول الله من قرابتک الذين أوجبت علينا طاعتهم؟ فقال صلى الله عليه وآله: “علي وفاطمة وأبناؤهما”.
طفولته عليه السلام ونشأته: قطع الإمام الحسن عليه السلام شطراً من طفولته مع جده الرسول صلى الله عليه وآله، ولکن لم تطل فرصة الأنس بوجود المصطفى صلى الله عليه وآله، حتى وافته المنيّة، ومن ثمّ لم تکد تمر فترة زمنية، تنسيه شدة قساوة فقدان النبي صلى الله عليه وآله، حتى جاءت وفاة السيدة الصديقة الطاهرة عليها السلام، لتضيف ابتلاء إلى ابتـلاء، وزادت مــأســاة جديـدة إلى صفحة حياته، ولوعة حديثة إلى سجّل طفولته.
أحداث مريرة تمر بمرحلة الطفولة: لقد مضى الرسول صلى الله عليه وآله والزهراء عليها السلام، وکان عمر الإمام الحسن سبع سنوات، عاش فيها معاناة جده وتجرؤ القوم عليه، ورأى فيها تنکر الأمة لنبيها صلى الله عليه وآله.
شاهد الأحداث الخطيرة التي مرّت بالأمة، قبل وفاة جده النبي صلى الله عليه وآله، من امتناع القوم من الإلتحاق بسرية أسامة وتمرّدهم عليه وعدم استجابتهم للنبي صلى الله عليه وآله، بشأن الدواة والکتف.
الإمام الحسن عليه السلام مع الخلفاء: لم يذکر التاريخ شيئاً يذکر في فترة خلافة أبي بکر، حيث لم يکن بذلک البلوغ الذي يغيّر أحداثاً، وإنّما نراه في عهد عمر يلتزم المرافقة لأبيه، واعتزال أصحاب السلطة، کما فعل أبوه عليه السلام، فلم يشترک في شأن من شؤون القوم، ولم يتدخل في أمر من أمورهم، حتى خَفِتَ صوته من المعارک والحروب والمواقف. ولکن ذلک لم يمنعه من التصدي لأمور المسلمين من الإفتاء وإقامة العدالة. وفي عهد عثمان حاول بعضهم أن يدسّ اسم الحسن عليه السلام في حروب عثمان في فتوحات أفريقيا أو بلاد فارس، ليضفي الشرعيّة لحکومته، لکن محاولاته باءت بالفشل، لعدم صحة ذلک، ولظهور کذبه وبطلانه سريعاً.
الإمام الحسن عليه السلام وسيرته حتى خلافته: بقي الإمام الحسن عليه السلام، إلى جانب أمير المؤمنين عليه السلام، يسانده ويلازمه في حلو الحياة ومرّها في الحرب والسلم، حتى أنّه اشترک في حروب أمير المؤمنين، وأبلى بلاء حسناً، حيث أظهر شجاعته بکل ما للکلمة من معنى، وبيّن عن إخلاصه، وتفانيه لأجل الدين الإسلاميّ الحنيف.
النص على إمامته عليه السلام: وبعد استشهاد أمير المؤمنين، وصلت الخلافة إليه بنص من رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الحسن والحسين إمامان قاما أم قعد”. لکن الخيارات أمام الإمام عليه السلام لم تکن تبشر بالخير، حيث إنّّ الأمة الإسلاميّة قد انتهت من حروب أنهکتها وأتعبت جراحاتها، وخارت قواها، ولم يبق من أصحاب الضمائر، إلا القلة القليلة، ولذا فإنّنا لا نستطيع الحکم على سيرة الإمام الحسن عليه السلام، إذا لم تسبقنا دراسة معمّقة مدروسة لمسرح الأحداث، التي أحاطت بالأمة الإسلاميّة وبالعالم الإسلامي بشکل عام.
مناصرو الإمام عليه السلام: إنّ الذين اتّبعوا الإمام الحسن عليه السلام، وبايعوه للخلافة، وهرعوا إلى التسليم له، لم يکونوا بتلک الکثرة التي يستقل الإمام بخوض معرکة بهم، تکون نتائجها النصر. لأنّ الدسائس من الآخرين، وفتنة الناس، أعانت على إحباطهم، وهدم أي تحرّک صادر عنهم.
اليوم يختلف عن الأمس: من جهة الزمن والظروف تختلف من زمن الإمام علي عليه السلام إلى زمن الإمام الحسن عليه السلام، حيث إنّ العالم الإسلاميّ کان يعتبر معاوية من جملة الصحابة وأنّه يصوم ويصلّي ـ حسب الإعلام الذي أشاعه ـ ولا فرق حينئذ بينه وبين علي عليه السلام، من جهة القرابة والصحابة، هذا ما کان يعتبره السذّج من الناس.
خيارات الإمام عليه السلام: لم يکن أمام الإمام عليه السلام خيارات کثيرة، فإنّها کانت تتلخص:
?ـ إغراء القيادات وأصحاب الزعامة والوجاهة بين قبائلهم، وإعطاء أصحاب النفوذ الکثير من الأموال، کما کان يفعل غيره من الخلفاء، ووعدهم بالمناصب، لاستمالتهم إلى جانبه، ولم يکن في حساب الإمام الحسن عليه السلام فعل ذلک.
?ـ خوض المعرکة الـخـاسـرة مع هذا العدد الضئيل، الـذي لا يتجاوز الخمسين، وهي ما تسمى معرکة استشهاديّة، لا ثمن عسکرياً لها، ولا تعود على الإسلام نفعاً، بل على العکس، ستوقع الأمة بظلام دامس باستشهاده، وأهل بيته، حيث إنّ الأمة لم تکن مهيّئة لهذه الثورة.
?ـ أولاً: أن يسکت عن معاوية أو يقرّه بالولاية.
ثانياً: فيما لو سکت الإمام عليه السلام عن معاوية فإنّ معاوية لن يترکه ولن يسکت عنه، بل سيبقى يناوش على الحدود، بقتل الأبرياء، وهتک الأعراض حتى يصل إلى هدفه من حکم العراقيين.
?ـ ولا يبقى إلا الخيار الأخير، ولعلّه الأقرب وهو الصلح بشروط يضمن من خلالها فوائد، تعود على الأمة الإسلاميّة بالخير الکثير، وسيکشف المستقبل القريب ذلک. لقد وصلت الخيانة بمناصري الإمام الحسن عليه السلام إلى درجة أنّ زعماء الکوفة کانوا يراسلون معاوية بتسليم الإمام عليه السلام مکتوفاً خفية.
الصلح:عقد الإمام عليه السلام الصلح مع معاوية، من خلال المعطيات المتقدمة، وکانت مواده تترکب من خمسة بنود هي:
?ـ تسليم الأمر إلى معاوية، على أن يعمل بکتاب الله، وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله، وبسيرة الخلفاء الصالحين.
?ـ أن يکون الأمر للحسن من بعده، فإن حدث به حادث، فلأخيه الحسين، وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد.
?ـ أن يترک سبّ أمير المؤمنين، والقنوت عليه بالصلاة، وأن لا يذکر علياً إلا بخير.
?ـ استثناء بعض المال الموجود في بيت المال.
?ـ الأمان للناس حيث کانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم وحجازهم، ويَمَنِهِمْ ولا يتعرض لأصحاب علي عليه السلام بسوء.
فوائد الصلح: وکان للصلح هذا فوائد منها:
?ـ کشف القناع عن وجه معاوية.
? ـ تهيئة مقدمات الثورة وذلک من خلال:
أ ـ ظهور المنح الهائلة التي کان يعطيها لأسرته.
ب ـ مصادرة أموال المواطنين بلا مبرر.
ج ـ سياسة التمييز بين العرب وغيرهم.
د ـ وإبادة القوى الواعية المناهضة لسلطته.
?ـ إشاعة المجون والفساد في الحرمين.
?ـ الاستخفاف بالقيم الدينيّة.
?ـ إظهار حقده معاوية على النبي صلى الله عليه وآله.
أخيراً: فکل ذلک، جعل الأمة تعي حقيقة هذا الطاغية، وبذلک يکون الإمام عليه السلام قد وصل إلى ما سعى لأجله، من تمهيد الطريق للقيام بثورة الإصلاح لأخيه الإمام الحسين عليه السلام. فسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.
 

تصنيف :
كلمات دليلية :