الجماعات السلفية أدوات بناء أم هدم؟

الجماعات السلفية أدوات بناء أم هدم؟
الثلاثاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٢ - ٠٣:١٣ بتوقيت غرينتش

عندما فازت الجبهة الاسلامية للانقاذ الجزائرية في الانتخابات البلدية والولائية عام 1989 وعززت إنتصارها ثانية في الانتخابات البرلمانية عام 1991 وقدمت الالاف من أعضائها ومناصريها شهداء في المواجهات مع الجيش الجزائري المدعوم انذاك من قبل الولايات المتحدة وفرنسا ،

إتخذ السلفيون الجزائريون موقف المتفرج من كل ما جري في الجزائر من أحداث ، بل كان السلفيون بلحاهم الطويلة وشواربهم الحليقة ولباسهم الافغاني يلازمون مساجدهم وهم منشغلون بقراءة كتب وفتاوي احمد بن حنبل و ابن تيمية وابن قيم الجوزية ومحمد بن عبد الوهاب والشاطبي وابن باز والشوكاني وسعيد حوى  والالباني والشقير والعثيمين الداعية الى العودة الى سيرة السلف الصالح والعمل بالنصوص القرآنية والاحاديث النبوية وتصفية الدين الاسلامي مما علق به مما سموه بالبدع والخرافات . ووصل الامر بالسلفيين في الجزائرالذين درس جلهم في الجامعات السعودية وتعلموا جيدا الافكار الوهابية ليطبقوها في الجزائر ، الى القيام بتحركات ثورية على حد زعمهم لمناصرة الحركة الاسلامية في الجزائر وذلك  بالاستيلاء على المساجد التي كانت تسير من قبل الحكومة وهدم أضرحة الاولياء كحد اقصى في الدفاع عن الاسلام والمسلمين .
وكانت مهادنة السلفيين التقليديين للنظام الجزائري ووقوفهم موقف المتفرج من مقتل الاف الشباب من أنصار الجبهة على يد الجيش واعتقال زعماء الجبهة ولا سيما عباسي مدني وعلي بلحاج ، قد دفعت أبناء الشعب الجزائري الى اتهام السلفيين بأنهم ادوات طيعة بيد النظام الذي كان يحظى آنذاك بدعم سعودي كبير.
ولكن عددا من زعماء الجبهة الاسلامية للانقاذ وعلى رأسهم علي بلحاج رغم تبنيهم افكارا سلفية جهادية ، فقد وقفوا بوجه آلة القتل التي كان يستخدمها النظام والجيش الجزائري آنذاك وعارضوا في نفس الوقت الهجوم الامريكي على العراق واتخذوا مواقف مشرفة تجاه الدول العربية في الخليج الفارسي وعلى رأسها السعودية لدعوتها القوات الامريكية والغربية لاجتياح العراق .
وهكذا ، يكرر التاريخ نفسه ، ها هم السلفيون التقليديون يظهرون  الآن في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن ، يستغلون الفرص والاوضاع هناك  ليقفزوا فوق رؤوس الثوريين وليقطفوا ثمار نضال الثوريين ضد الحكومات المستبدة وليواصلوا تعليمات زعمائهم  بمناهضة المرأة ومعاداة الافكار الديمقراطية و المخالفة لهم وهدم الاضرحة والمقامات وتبرير عمل الحكومات الموالية للغرب والعمل على اقامة إمارات اسلامية .
الكثير من هؤلاء السلفيين هم شباب لا تجربة لهم في العمل الجهادي صدوقوا زعماءهم
الذين كانوا يعملون ضمن اجندات امريكية وغربية في المنطقة وانخرطوا في صفوف تنظيم القاعدة  واصبحوا مطية للانظمة المرتبطة بالولايات المتحدة والغرب ، وكان على هؤلاء الشباب التواقين للجهاد والعمل الاسلامي أن ينفذوا عمليات عسكرية ظاهرها اسلامي وباطنها  طائفي .وهكذا رأينا بدء سلسلة عمليات تفجير السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والقنابل اللاصقة في طول المنطقة وعرضها ابتداءً بافغانستان ومرورا بباكستان والعراق واليمن و... تستهدف طائفة من المسلمين  لم يقبلوا تنفيذ الاستراتيجية الامريكية في المنطقة.
وكانت الولايات المتحدة والدول الغربية قد استخدمت الشباب ممن يدعون انفسهم بالسلفيين الجهاديين لتحقيق أهدافها في المنطقة ، ونجد اليوم هؤلاء الشباب يُستخدمون في تنفيذ اجندات معينة في المنطقة ويرسلون على شكل مجموعات جهادية لخوض معارك ضد انظمة بعينها ولكن في حقيقة الامر ينفذون استراتيجيات للولايات المتحدة والغرب.
فعندما بدأت الثورة في ليبيا توجه الشباب المنتمي للقاعدة والحركات السلفية بتشجيع من الامريكان وحلف الناتو وأذيالهم في المنطقة  ، الى بنغازي لخوض المعارك  ضد نظام معمر القذافي ولا يهم من أرسلوا هؤلاء الشباب كم من هؤلاء قتلوا في المعارك ، بل المهم انهم ينفذون اجندات امريكية وغربية في المنطقة بدلا من ارسال جنود امريكيين وغربيين لخوض القتال.
والان نرى الشباب أنفسهم الذين قاتلوا في ليبيا  بالامس يذهبون اليوم الى سوريا لقتال طائفة من المسلمين ومواجهة النظام في هذا البلد ، بدعم سياسي امريكي غربي تركي وبأموال وتسليح دول الخليج الفارسي وربما سيذهب هؤلاء مستقبلا الى اي بلد يحدده الامريكان والغربيون لهم لخوض ما يسمى بالجهاد في سبيل تحقيق ألاهداف الامريكية والغربية .
إذن ، أصبح هؤلاء الشباب البسطاء السذج الذين يتعرضون لغسيل دماغ مستمر وأغلبهم من الطبقات الفقيرة المعدمة ، ادوات طيعة بيد عصابات  تتاجر بدمائهم مقابل دولارات قليلة و تحت مسميات الجهاد ومكافحة  الانظمة الديكتاتورية ومحاربة  طائفة من المسلمين لا تتوافق أراءها مع أراء طوائف اخرى .
أن بعض  الانظمة العربية التي لا تؤمن بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وتحكم شعوبها بديكتاتورية مطلقة ، تريد عن طريق صرف أموال النفط ونيابة عن الامريكان والغربيين  إقامة ديمقراطيات في بلدان عربية غير بلدانها مستخدمة شبابا غير شبابها لتغيير هذه الانظمة وبالنيابة عن الولايات المتحدة ودول حلف الناتو بعد أن فقد الامريكان والغربيون الافا من جنودهم في كل من العراق وافغانستان.
والان  نتساءل ، ماالذي يخططه الغرب للسلفيين البسطاء في الوقت الحاضر ومستقبلا ، هل سيستخدمهم ادوات لتنفيذ خططه لإضعاف العالم الاسلامي وبث الفرقة والطائفية فيه ؟ والى متى يظل الشباب المسلم العوبة بيد الغرب ؟ ، ألم يحن الوقت ليعي هؤلاء بأن عليهم أن يكونوا عنصرا إيجابيا و بناءً بدل أن يكونوا عنصر هدم وتخريب ؟
شاكر كسرائي