التمسك بسقف عال للمطالب الفلسطينية المحقة

التمسك بسقف عال للمطالب الفلسطينية المحقة
الأربعاء ٢١ نوفمبر ٢٠١٢ - ٠٨:٤٥ بتوقيت غرينتش

لأول مرة في تاريخ الفلسطينيين يتوسل الكيان الإسرائيلي الغاصب إليهم القبول بالتهدئة العسكرية بعد أن فوجئ بالصواريخ التي دكت الحي الإسرائيلي في القدس المحتلة ومدينة تل أبيب إلى الشمال منها فضلا عن المستعمرات في الأماكن القريبة من القطاع.

الولايات المتحدة والغرب، خصوصا منه القوتان الاستعماريتان الشهيرتان بريطانيا وفرنسا سارعوا بكل وقاحة وصلافة إلى الوقوف كعادتهم إلى جانب المعتدي الإسرائيلي ضد المعتدى عليه التاريخي المتمثل بالفلسطينيين.
ورغم أن الكيان الإسرائيلي هو الذي بدأ عدوانه على قطاع غزة باغتيال القائد أحمد الجعبري وتدمير المباني والمؤسسات على مرأى العالم وسمعه فإن هؤلاء رأوا بحَوَل تام أن غزة هي المعتدية.
صواريخ المقاومة الفلسطينية التي نجت من الضربة الإسرائيلية الأولى وتجسس العملاء نشرت حالة من الرعب فسارع العالم الغربي والأممي والعربي إلى مصر لكن ليس لحضها على الوقوف إلى جانب الفلسطينين في القطاع وفك الحصار عنه بل للضغط عليهم بما أوتوا من قوة لتلجم الحكومة المصرية المقاومة الفلسطينية عن حقها المشروع بالمقاومة ضد الاعتداءات الإسرائيلية التي لا ترحم.
كما سارعت الوفود إلى غزة ولكن ليس لتقدم لها العون المناسب أو المساعدات المادية أو التسليح كما تفعل ضد النظام السوري بل لتذرف لها دموع التماسيح ولسان حالها الاعتذار بأن سيوفنا عليكم وإن كانت دموعنا معكم.
والأسوأ من ذلك الحديث عن ضغوط هائلة تمارس على مصر ومن ورائها على الفلسطينيين وخصوصا قادة فصائل المقاومة كحماس والجهاد الإسلامي بعد هذا النصر الاستراتيجي الهائل في تاريخ الصراع مع الكيان للقبول بالتهدئة ولكن ليس بالحد الأدنى من شروطهم بل بالشروط الإسرائيلية!!.
شروط عجزت إسرائيل عن تحقيقها بالاعتداءات والطائرات والقبب الحديدية وغيرها لتضغط واشنطن وباريس ولندن وأنقرة والدوحة والرياض على القاهرة لتقديمها مجانا إلى المتطرفين اليمينيين في الكيان ليفوزوا في الانتخابات ولسان حالهم يجب أن يكون حظ الفلسطينيين هو الخسارة دوما ولا يجوز مطلقا أن يربحوا مهما صمدوا وقدموا من تضحيات.
ومن الغريب حقا أن تكون المطالب الفلسطينية هي فقط في حدود تسهيلات تسمح بها إسرائيل أو مصر بدلا عن أن تكون فكا نهائيا للحصار (على الأقل من جانب مصر وحكومتها الجديدة التي جاءت على صهوة الربيع العربي) ووقفا لإطلاق النار قبل أي تهدئة.
هل نبالغ إذا قلنا إن أقل المطالب الفلسطينية يجب أن تتمثل في الحق في امتلاك الأسلحة والصواريخ لتحييد سلاح الطيران الإسرائيلي الذي طالما أذاق الفلسطينيين الموت والخوف؟!.
يجب على قادة المقاومة من جميع الفصائل من حماس والجهاد إلى الفصائل الأخرى أن يتمسكوا بقوة برفض الشروط الإسرائيلية للهدنة والتأكيد على الشروط الفلسطينية برفع الحصار الجائر على قطاع غزة لتتمكن حكومته من إعادة بناء ما تدمره آلة الحرب الإسرائيلية من خلال القصف والتدمير والصواريخ الذكية وغيرها ومن خلال الحروب العمياء التي شنتها في العام 2008 وهذه الحرب الأخيرة.
كما يجب أن تتضمن الهدنة شرطا صريحا ينص على وقف أي انتهاك للسيادة الفلسطينية في غزة بأي شكل من الأشكال وفي مقدمة ذلك وقف سياسة الاغتيالات الإسرائيلية للفلسطينيين المقاومين منهم قبل المدنيين والسياسيين.
كما يجب ترسيخ معادلة ردع مع الكيان لا يتمكن معها الكيان من القيام بأي اعتداء ضد أي مظهر من مظاهر السيادة الفلسطينية أيا كان وفي أي مجال كان برا أو بحرا أو جوا وضد أي نشاط فلسطيني تجاري أو أمني أو غيره.
يضاف إلى ذلك ضرورة أن تدفع تل أبيب تعويضات كاملة عن كل ضحية أو مصاب سقط في غزة وعن كل بناء تم تدميره وعن كل ضرر لحق بالفلسطينيين شبعا وحكومة وقطاعا.
ويجب على العرب والمسلمين قبل غيرهم أن يساندوا غزة فيها في كل تلك المطالب وأن يسارع خبراؤهم لتقديم مختلف أنواع الاستشارات الفاعلة والحقيقية التي تخدم مصالحهم الآنية والمستقبلية والاستراتيجية على ضوء المعطيات السياسية والقانونية والأمنية والعسكرية السرية والعلنية.
ودعما للموقف الفلسطيني المقاوم في القطاع يجب أن يستمر فلسطينيوا الضفة الغربية المحتلة وداخل أراض ما يعرف بالخط الأخضر أولا بالتحرك بجميع الأشكال الممكنة لإطلاق انتفاضة فلسطينية جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي والسكوت الأمبريالي عليه وفتح أبواب فلسطين من البحر إلى البر أمام الربيع العربي الذي تأخر وصوله كثيرا إلى الفلسطينيين وهم بأمس الحاجة إليه اليوم كما أن اللحظة التاريخية مناسبة بكل معنى الكلمة.
كما يجب على علماء المسلمين جميعا من جميع المذاهب والأديان أن يقوموا بالدعوة إلى الجهاد الحقيقي لنصرة الفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم صفا كالبنيان المرصوص بكل الأشكال الممكنة ماديا ومعنويا مدنيا وعسكريا.
كما يجب أن لا ننسى أن على الخيرين من أبناء الأمة الإسلامية وخصوصا من الدول النفطية أن يسارعوا إلى جمع التبرعات وإيصالها إلى القطاع ليس لكفكة دموع الثكالى واليتامى فيه بل ليتمكن هؤلاء من شراء السلاح والصواريخ للدفاع عن أنفسهم ووطنهم.
وينبغي أن لا تنسى الأمة الإسلامية جمعاء وخصوصا دول الطوق بكل مكوناتها المدنية والعسكرية أن تسارع إلى نصرة الفلسطينيين بجميع الأشكال الممكنة ولو بالإعلام والحرب النفسية فضلا عن المساعدة على تهريب السلاح والاحتياجات الأخرى لمزيد من الصمود الذي بدا اليوم بصنع كرامة الأمة وعزتها ويضعها على البوصلة الصحيحة لبناء مستقبلها وأمجادها.

• رياض الأخرس صحفي سوري