ويشير مراقبون إلى أن سقوط النظام لم يكن نتيجة معركة عسكرية تقليدية أو تفوق ميداني لطرف معين، بل بسبب تراكم فراغ سياسي وأمني عميق داخل مؤسسات الدولة التي استنزفتها سنوات الحرب الطويلة. ومع تراجع الثقة بين القيادات العسكرية والضباط، غاب مركز القرار في اللحظة الحرجة، ما جعل البلاد عرضة لانهيار شامل بمجرد اهتزاز رأس السلطة.
في هذا الفراغ، تمكن زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، من التقدم على سائر القوى المتصارعة، ليظهر باعتباره الحاكم الفعلي للمرحلة الجديدة في سوريا، مقدماً نموذجاً لسلطة هجينة ذات طابع أمني مركزي، تحظى بدعم من أطراف إقليمية واستخبارات خارجية. هذا التحول لم يكن مجرد تبدل في رأس النظام، بل إعادة تشكيل جذرية لبنية الدولة التي امتدت لعقود، ودخول سوريا طوراً جديداً من الصراع المعقد على قرارها الوطني.
ومع استمرار الغموض حول من يملك القرار الحقيقي في البلاد بعد عام على السقوط، تتصاعد الأسئلة حول مستقبل سوريا ومتى ستعود السلطة إلى داخل حدودها بعيداً عن تأثيرات التمويل الخارجي والتدخلات الإقليمية.