حلب..العاطل يبيع مدخراته والتاجر يسرقه المسلحون

حلب..العاطل يبيع مدخراته والتاجر يسرقه المسلحون
الثلاثاء ٠٢ أبريل ٢٠١٣ - ١١:٤٤ بتوقيت غرينتش

بات بيع الذهب رائجا في حلب، كبرى مدن شمال سوريا، بعدما اضطر الناس وبسبب البطالة لبيعه بكثرة لتوفير مصاريف معيشتهم في المدينة، بينما يتعرض اصحاب المتاجر ومنهم الصاغة لعمليات سطو وسرقة يقوم بها مسلحون بعضهم تابعون الى ما يسمى بـ"الجيش الحر".

وتقول وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، ان محال الصاغة لا تفرغ من زبائنها في هذه المدينة التي بات الآلاف من سكانها عاطلين عن العمل. وبقيت حلب، التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا قبل بدء النزاع قبل عامين، مدة طويلة في منأى عن النزاع الدامي في البلاد، لكنها تشهد منذ تسعة اشهر معارك يومية بين القوات النظامية والمسلحين المعارضين للرئيس بشار الاسد.
وتأتي ام محمد (50 عاما) وهي والدة لسبعة اولاد، الى المتجر يوميا للسؤال عن سعر الذهب الذي يرتفع في شكل دائم. وتقول لوكالة فرانس برس "كل ما تبقى لدي قلادة من الذهب تعود لابني. لن اتأخر في بيعها لانني مضطرة لشراء الطعام والملابس لاولادي".
خسر زوجها الذي كان يعمل في احد المصانع، وظيفته منذ بدء انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميا عن المدينة. ومنذ ذلك الحين، باتت العائلة بلا مصدر اعالة.
وتأمل ام محمد في ان يساعدها بيع الذهب على توفير لقمة العيش لاسرتها مدة اطول.
خلف المنضدة التي وضع عليها ميزانا وبعض القلادات، يقول الصائغ ابو احمد (42 عاما) "يوميا يأتي اشخاص لبيع 10 غرامات او 20 غراما من الذهب. في احد الايام، اتى شخص حاملا معه 200 غرام على شكل حلق للاذنين وخواتم. كان يريد بيعي مجوهرات زوجته".
وفي حين يعمد البعض الى بيع حلى زوجاتهم لتوفير متطلبات عائلاتهم، يفضل آخرون شراء الذهب وبيع الليرة السورية التي فقدت نحو 120 بالمئة من قيمتها منذ بدء النزاع منتصف آذار/مارس 2011.
وقبل اندلاع الاضطرابات في سوريا، كان غرام الذهب يباع بثلاثة آلاف ومئتي ليرة سورية، اي ما يعادل في حينه 49 دولارا (65 ليرة للدولار).
اما اليوم، فوصل سعر الغرام الى 4900 ليرة، بينما تراجعت قيمة العملة الوطنية الى نحو 113 ليرة للدولار الواحد.
ويقول ابو احمد انه مع تراجع قيمة العملة "يعمد الراغبون في الحفاظ على مدخراتهم لتحويلها الى الذهب" الذي تحدد سعره الاسواق العالمية ولا يرتبط بالوضع الاقتصادي المحلي.
على بعد امتار من متجر ابو احمد، افتتح ابو سالم (40 عاما) محلا لبيع المجوهرات استثمر فيه كل ما يملك، وذلك بعدما ارغمه بدء المعارك في حلب وتكرار انقطاع التيار الكهربائي، على اقفال متجره لبيع السندويشات.
ويقول لفرانس برس "هرب العديد من تجار المجوهرات بعد بدء المعارك. كانوا يملكون ما يكفي من المال لترك البلاد، واعدت استثمار احد متاجرهم. اقوم حاليا ببيع الذهب وشرائه لتوفير الغذاء لاولادي الخمسة".
لكن هذه التجارة باتت تثير حسد الآخرين. ويقول ابو خلدون (49 عاما) ان "رجالا مسلحين يأتون لسرقتنا، وبعضهم عناصر في الجيش السوري الحر" الذي ينتمي اليه غالبية المسلحين المعارضين للنظام.
يضيف "لا مكان آمنا ونحن هدف حقيقي للسارقين. البعض (من الصاغة) يخفون الذهب او المال الذي يملكونه في ثقوب يحفرونها في الارض".
من جهته، يرفض ابو ابراهيم البالغ من العمر 45 عاما امضى عشرين منها في ادارة متجره لبيع المجوهرات، ان يثير غضب اي من طرفي النزاع.
ولانه يعبر في شكل دوري الحواجز للانتقال الى الاحياء الخاضعة لسيطرة النظام في حلب، لا يرغب في الحديث عن امن متجره البراق الذي تغطي المرايا جدرانه.
لكنه يستعيض عن ذلك برواية عن صائغ مجاور له "كان ثمة 12 كيلوغراما من الذهب في متجره. خسر 60 مليون ليرة الاسبوع الماضي بعدما دخل مسلحون اليه وافرغوه مما فيه".