البحرين "بین تکفیریة الدرع و سمفونیة الفورمولا"

البحرين
الإثنين ٢٢ أبريل ٢٠١٣ - ٠٦:٠١ بتوقيت غرينتش

فيما يعيش البحرين من اقصاه الى اقصاه غليانا شعبيا متصاعدا منذ انطلاق ثورة (15 فبراير 2011)، وذلك احتجاجا على السلوكيات الخليفية القمعية الظالمة، يتعمد حكام المنامة الامعان في تجاهل تطلعات الشعب المشروعة بتحقيق العدالة والمساواة وكفالة حقوق المواطنة الكاملة بعيدا عن النوازع القبلية والطائفية وحمية الجاهلية الاولى.

فقد اصيب العديد من المتظاهرين السلميين یوم الاحد الماضی جراء استخدام قوات النظام القوة المفرطة لتفريق مسيرة حاشدة كانت متجهة الى دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة للمناداة بالديمقراطية والحريات واحترام حقوق الانسان، والمطالبة بالغاء مسابقات "الفورمولا واحد"، وخروج قوات"درع الجزيرة السعودية" من البحرين.
وتزامنت المسيرة الاحتجاجية الهادرة مع اقدام حكام آل خليفة على اجراء المسابقات الرياضية للسيارات الآنفة الذکر،و التي استغرقت يوما واحدا (الاحد 21 نيسان 2013)، في موقف رسمي لا یتورع عن المجاهرة علنا في الاستخفاف بمطالب المعارضة الشعبية منذ اكثر من عامين وفي التعتیم على ثورة الشعب البحريني الحضارية التي راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى فضلا عن آلاف المعتقلين والموقوفين والمفصولين نساء ورجالا واطفالا.
وافادت جمعية الوفاق الوطني المعارضة ان النظام يستخدم الغازات السامة بكميات هائلة اضافة الى اطلاق الرصاص الانشطاري (الشوزن)، وان قوات الامن الخليفية تلاحق المتظاهرين الى داخل احيائهم ومرابعهم، وتقوم بالقاء القنابل الخانقة عليهم بكثافة في اجراء انتقامي اعتبره المعارضون والمنظمات الانسانية الدولية (عقابا جماعيا) ضد مناطق باكملها، بهدف القتل والتصفية الجسدية للمواطنين العزل ولاسيما كبار السن والاطفال، وليس توخيا لتفريق المسيرات الاحتجاجية، كما يدعي النظام.
واكدت الجمعية في خطاب مفتوح ارسلته الى الاتحاد الاووبي في ديسمبر 2012 على ان استخدام هذه الغازات بكميات كبيرة جدا وخارجة عن المعقول في محيط المنازل والاحياء المكتظة بالسكان، مستمر منذ اكثر من عام ونصف وأن عشرات المواطنين البحرينيين قتلوا جراء هذا العنف الرسمي الخليفي الشرس.
ويعتبر المراقبون وخبراء شؤون المنطقة ان جنوح الامن الخليفي الى الإعتداء علی ارواح المواطنين العزل، يأتي بإیحاء من النهج التكفيري الوهابي لـ "قوات درع الجزيرة" بزعامة السعودية، وهي القوات التي اتخذت من البحرين مقرا دائما لها حسب ما ذكرت صحيفة الحياة اللندنية مؤخرا.
ومن المعروف ان "درع الجزيرة" تمتلك اسلحة متطورة وعددا متنوعا من الطائرات والدبابات ذات القدرات التدميرية الهائلة، وهي تمارس دورا رئيسيا في اعمال القمع الخليفية البشعة ضد المتظاهرين السلميين، خلافا لمزاعم وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة في تصريحاته المتكررة، في ان "قوات درع الجزيرة" لاتقوم بأية مهمات في الشارع او أي احتكاك مع المواطنين، وبانها تقوم بحراسة المنشآت الاستراتيجية فقط".
من كل ماسبق نلمس وجود قاسم مشترك بين "الفورمولا ودرع الجزيرة"، على مستوى اخماد اصوات الاحتجاجات الثوریة في الشارع البحريني، وکبت صراخات العذابات والظلامات للمواطنین الابریاء والتي تجاوزت كل المعايير الانسانية والحضارية والاخلاقية وبشكل خطير.
فالثابت ان "الفورمولا والدرع" تشكلان معا سمفونية مقیتة ونشازا، تسعى معا الى التغطيةعلى اهداف ثورة (15 فبراير) المحقة بطرق باتت مثار سخرية العقلاء والمتنورين في العالم.
وقد تجلى ذلك في التصريح الذي ادلى به البريطاني بريني ايكليستون، مالك الحقوق التجارية لبطولة العالم للفورمولا واحد، عندما وصف في تصريح لاذاعة ال (بي بي سي)، حكومة البحرين بـ (الغبية) لاستضافتها سباق الجائزة الكبرى بسبب الفرصة السياسية التي يتيحها للمتظاهرين.
في هذا المضمار لابد من التوقف مليا عند صمت "ادعياء الشرعية الدولية ومنظمات الحقوق المدنية التابعة للامم المتحدة" في مواجهة الجرائم اللاانسانية التي يرتكبها آل خليفة وآل سعود في البحرين، وهو صمت لايمكن وضعه الا في خانة التواطؤ الغربي المشبوه مع الانظمة القبلیة الاستبدادية التي تسحق شعوبا باكملها دون ان تحرك ساكنا.
فالواضح ان ازدواجية المعايير الاميركية والاوروبية والاممية في التعامل مع قضايا الدول والشعوب، أضحت (فضيحة العصر) بكل معنى الكلمة، وهو امر يستدعي استنفار قوى الخير والعدالة والسلام واحرار العالم اجمع في سبيل تعرية هذا التآمر السافر على انسانية الانسان، والتشهير بالاكاذيب والشعارات الغربية الزائفة في مضمار دعاوى دعم الحريات والحراكات المدفوعة الثمن فی دول تخوض قوى التكفير والارهاب الاعمى فیها حروبا وظیفیة نیابة عن الاستکباروالرجعیة، وقمعها بضراوة في دول اخرى مع انها تطالب بالعدالة والتكافؤ الاجتماعي والمواطنة الناجزة.
* حمید حلمی زادة