حين يجتمع القراصنة تحضرُ "القاعدة".

حين يجتمع القراصنة تحضرُ
الثلاثاء ٣٠ أبريل ٢٠١٣ - ٠٦:٢٠ بتوقيت غرينتش

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس أوباما سيستقبل في الأسابيع القادمة قادة قطر وتركيا والأردن والإمارات، لبحث "الأزمة" في سورية.

هؤلاء هم بعض أركان وأدوات الحرب التي تشن على سورية؛ إضافة إلى السعودية وإسرائيل، ويأتي هذا الاجتماع استكمالاً لزيارة الرئيس أوباما إلى "إسرائيل" قبل أسابيع، وعقده جلسات عديدة مع نتنياهو، وما رافق ذلك من تصريحاته، بتعهد أبدي لحماية "إسرائيل" التي استقبلت بفرح مبايعة "جبهة النصرة" لأيمن الظواهري، زعيم "القاعدة" الإرهابي بالقول: "إسرائيل تفضل حكم القاعدة في سورية على حكم الرئيس الأسد".
لا غرابة في الأمر، فلا عداوة ولا خلاف، بين "إسرائيل وتنظيم القاعدة"، فكلاهما يُحارِبُ سورية، وهناك اطمئنان إسرائيلي من تنظيم القاعدة الإرهابي، فطوال أكثر من أربعة عقود، لم تتعرض لأي عملية من قِبَلِ القاعدة، يضاف إلى ذلك تصريحات من يُسَمَّون بـ "المعارضة" ويتكلمون باسم "جبهة النصرة والجيش الحر" وغيرها..
فقد أكد أولئك "المعارضون" بأنهم مستعدون، لإقامة علاقات سلام وتطبيع مع إسرائيل، وبأنهم لن يطالبوا بالجولان السوري المحتل، ومنهم من أجرى لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، مما يؤكد وحدة الهدف، بإخراج سورية من محور الممانعة، وإحداث خلل فيه لصالح إسرائيل ومشروع الشرق الأوسط.
وهذا ما يجري العمل من أجله، في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة وأدواتها، وتمولها الأنظمة العربية الخائنة كالسعودية وقطر بشكل خاص.
إن الولايات المتحدة لا تستطيع التهرب من معرفتها بأن تنظيم "جبهة النصرة" هو تنظيم تابع "للقاعدة"، فديفيد بترايوس وهو أحد المسؤولين الأمريكيين الذي أنشأ فرع "القاعدة" في العراق عام 2006، هو نفسه من أشرف على إنشاء "جبهة النصرة" في سورية، وقاد غرفة عمليات إدارة الحرب على سورية من تركيا، فيما قدمت السعودية وقطر المال والسلاح لهذا التنظيم الإرهابي.
ولم تكن تسميته بـ "جبهة النصرة" إلا عملية تضليل، ولكنه في الحقيقة كان ينفذ التعليمات الأمريكية، بدليل أن وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، كانت تعطي أوامرها لهذا التنظيم وتطلب منه عدم الاستجابة لدعوة الحكومة السورية، بترك السلاح، والاستفادة من مراسيم العفو والمشاركة في الحوار الوطني، بل تحثه على الاستمرار في العمليات الإجرامية ضد المواطنين السوريين.
ووصف هذا الواقع المأساوي عضو اللجنة الروسية لدعم سورية، الكاتب الصحفي نيكولاي سولوغوبوفسكي، قائلاً: إن الوباء الأسود الذي تشهده سورية، تحت مسمى "الجهاد"، يُذَكّر بالعدوان الهتلري الذي تعرض له المواطنون السوفييت في الحرب العالمية الثانية.
لقد انكشف ما كان مخفياً عن تورط الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وتركيا وإسرائيل والسعودية وقطر، مع تنظيم "جبهة النصرة" وغيره من التنظيمات الإرهابية التي يجري تدريبها في الأردن، والذي انخرط حكّامه كعادتهم في الخيانة، ضد الشعب السوري والشعب الأردني، مقابل مليار دولار من السعودية لتمرير الأسلحة والإرهابيين إلى سورية وهو لا يدري أنه يحفر قبره بيده.
فأما عن الإدارة الأمريكية، التي ارتكبت الفظائع في أرجاء المعمورة، فقد زودت التنظيمات الإرهابية بالأسلحة وبمبلغ 125 مليون دولاراً، وتقدم لهم الخدمات اللوجستية، التي تترصد حركات الجيش السوري ومواقع أسلحته، وتبلغها لها، إضافة إلى تقديم الخبرات والتدريب.
وفي هذا نسمع المستشار السابق في مجلس الشيوخ الأمريكي جيمس جاتراس يقول واصفاً سياسة أوباما: "سياسة بلدنا وحلفائه إزاء سورية، حمقاء وتقترب من مستوى الجريمة".
ونعود إلى الاجتماع المنتظر في واشنطن بين أقطاب قادة التآمر والحرب على سورية لنسأل ما الذي يمكن أن نتوقعه من هكذا اجتماع..؟؟
والجواب بالتأكيد إنه لا يمكن التفاؤل من اجتماع دول مستمرة بسفك دماء السوريين وتدمير مقومات الحياة في بلادهم، فهو اجتماع لن يكون في مصلحة الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط، وسيهدف إلى إعاقة جهود الحل السلمي في سورية، وإلى إطالة الحرب عليها، وزيادة معاناة السوريين، إذا لم يتغير الموقف الأمريكي وأدواته من إعلان دمج تنظيم "القاعدة" في العراق مع تنظيم "جبهة النصرة" في سورية، ولم تتوقف تلك الدول عن تسليح الإرهاب بالأسلحة المتطورة، واستقدام المسلحين من مختلف دول العالم وتقديم المساعدات لهم.
وعلى ذلك فقد يرتب هذا الاجتماع على الأنظمة العميلة مسؤولية إنجاح مشروع إقامة "الدولة اليهودية" ودفع تكاليف افتعال حروب داخلية جديدة بين الدول العربية، أو حروب إقليمية، تحت ذرائع عرقية أو مذهبية أو طائفية، أو تحت أية تسميات أخرى يمكن أن تتفتّق عنها ذهنية العدوان واستعمار الشعوب.. خاصة وأن أوباما كان قد أعلن صراحة، ومن قبله جورج بوش بالقول "نحن الأمريكيين لسنا هنا لبناء الدول وإنما لتدميرها".
مما يجعلنا نرجح، استمرار التحالف الأمريكي مع تنظيم "القاعدة"، الذي اعتمدته في حروبها السابقة، وتعتمده الآن في حربها على سورية، وستعتمد عليه في حروبها المقبلة، ضد دول عربية أخرى، ودول في إفريقيا.. فما الذي يمكن أن ننتظره من اجتماع القراصنة هذا، سوى المزيد من أعمال القرصنة والقتل والسلب..؟
ورغم كل ذلك سنبقى نُذكّرُهم بمصير الطغاة وقتلة الشعوب..!!