صالحي:العنف في سوريا يهدد استقرار المنطقة والعالم

صالحي:العنف في سوريا يهدد استقرار المنطقة والعالم
الأربعاء ٢٩ مايو ٢٠١٣ - ٠١:٥١ بتوقيت غرينتش

طالب وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي اليوم الأربعاء بالحوار السياسي بدلا من الحل العسكري لتجاوز الازمة السورية، مؤكدا أن ما يجري في سوريا سيؤدي الى انعدام الاستقرار في المنطقة والعالم.

واضاف في كلمته، التي افتتح فيها اجتماع "أصدقاء سوريا" في طهران بمشاركة 40 دولة، ان المبادرة الإيرانية السابقة بخصوص سوريا لم تنفذ بسبب التدخلات الخارجية.

وأقترح صالحي تشكيل مجموعة إتصال لحل الأزمة السورية.

وفيما يلي نص كلمة وزير الخارجية الايراني بالاجتماع: 

بسم الله الرحمن الرحيم
السادة وزراء الخارجية ، الوفود السياسية ، أصحاب المعالي
باديء ذي بدء أرى لزاماً علي أن أعرب عن ارتياحي لحضوركم القيم أيها الزملاء و الشخصيات السياسية الفاضلة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية . آمل أن تؤدي مشاركتكم البناءة في هذا المؤتمر الدولي إلى التوصل لحل سلمي لخروج سورية من أزمتها الحالية .

إننا نجتمع اليوم في ظروف تحولت فيها الأزمة في سوريا إلى أزمة معقدة جراء الاعتداءات الصهيونية مما يتطلب مشاركة ً بناءة و مؤثرة من جميع الدول الصديقة .لاريب في أن سوريا بمكوناتها السياسية و السكانية و الجيوسياسية الخاصة هي أحدى الدول الهامة و ذات الثقل في الشرق الأوسط و استمرار الأزمة فيها يمكنه أن يشكل تحدياً جاداً للامن و الاستقرار في المنطقة برمتها.
و منذ بداية الأزمة أكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أولوية وقف نزيف الدم و التركيز على الحل السياسي و الإجراءات السلمية لعودة الهدوء الى هذا البلد بغية تنفيذ الإصلاحات السياسية و تحقيق مطالب الشعب السوري المقاوم في أجواء مفعمة بالاهتمام الوطني الشامل و لم‌ تدخر إيران جهداً بهذا الخصوص .و في وتيرة التطورات في المنطقه ينبغي الاستجابة لمطالب الشعوب في مختلف البلدان لذلك فإن نظرتنا واحدة حيال التطورات في المنطقة على الأخص في سوريا و البحرين و اليمن إذ نعتقد بأنه في سوريه كما هو الحال في البلدان الأخرى ثمة مستوى من المطالب الشعبية الحقيقية التي يجب تلبيتها . و عليه فإننا نعارض قتل الناس و المواطنين العزل من أي طرف كان .
الضيوف الكرام
لقد كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية طوال السنوات الماضية و ماتزال جزءاً من الحل للأزمات الاقليمية و قامت بدورها الإيجابي و المؤثر في قضايا أفغانستان و العراق و لبنان في إطار استتباب الامن . وعلى هذا الأساس تولي طهران اهتماماً خاصاً للحفاظ على السلام و الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الهامة و الاستراتيجية و تابعت بحساسية و دقة بالغة التطورات في سوريا منذ بداية الأزمة و دعمت أي إجراء لإعادة الهدوء و الاستقرار إلى هذا البلد. و أرى هنا من الضروري أن أشير بإيجاز إلى أهم هذه الإجراءات كما يلي :
1- في شهر آب-إغسطس من العام الماضي عقدت طهران اجتماعاً تشاورياً حول سوريا بحضور ممثلين عن 30 دولة في العالم بغية مساعدة الشعب السوري حيث عبرت مختلف الدول عن مواقفها المبدئية و الواقعية و قدمت مقترحات للخروج من الأزمة . و تم تقديم مقترح لوقف إطلاق النار في أيام عيد الأضحى إلا أنه للأسف لم يستمر بسبب التدخل الخارجي .
2- إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤمن إيماناً راسخاً بأن الحل السياسي و الحوار الوطني الشامل هو الطريق الأمثل لخروج سوريا من محنتها ..لذلك حاولت طهران لحد الآن من خلال دعم المجموعات و الأحزاب وابناء الشعب ممن لديهم توجه سلمي حاولت توفير الأرضية المؤاتية للحوار الوطني بغية إقامة عملية ديمقراطية شاملة و تنافسية منبثقة من أصوات الشعب السوري . و قمنا في هذا السياق بخطوات مؤثرة منها عقد ثلاث جولات من "مؤتمر الحوار الوطني" بمشاركة جماعات المعارضة من الداخل و الخارج و الأحزاب و ممثلي العشائر و ابناء الشعب السوري في طهران و دمشق و جنيف كانت حصيلتها تشكيل لجنة متابعة ( و تضم هذه اللجنة ممثلين عن المجموعات المشاركة في مؤتمر طهران و تم تشكيلها بهدف التباحث مع المجموعات المعارضة الأخرى بغية إنضمامها إلى الحوار "توسيع المشاركة" و من جهة اخرى التباحث مع مختلف الدول لإيقاف العنف و ماتزال هذه اللجنة ناشطة و من المزمع أن تزور عما قريب الجمهورية الإسلامية الإيرانية ) ، و مواصلة مسار الحوار الداخلي و بذل الجهود لوقف العنف و إرسال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري.
3- و قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتواصل البناء و المؤثر مع جميع مجموعات المعارضة التي تحترم السيادة الوطنية و تعارض التدخل الخارجي و ظلت متمسكة باستخدام إمكانيات الحل السلمي مما يعتبر إنجازاً للدبلوماسية الفاعلة للجمهورية الإسلامية الإيرانية حيال الأزمة السورية.
4-و قد دعمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية كل الإجراءات الاقليمية و الدولية مع التأكيد على الحل السياسي و في هذا الإطار أعلنا عن دعمنا لمشروع السيد كوفي أنان و جهود السيد الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص للأمين العام المتحدة في شؤون سوريا . و في هذا السياق فإن طهران باعتبارها جزءاً من الحل للأزمة السورية رحبت بجهود موسكو لعقد مؤتمر دولي بمشاركة جميع الأطراف و اعتبرت ذلك خطوة هامة لحل الأزمة السورية.
5- كما إننا رحبنا بمقترح فخامة السيد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية القاضي بتشكيل لجنة رباعية ، و في هذا الإطار عقدت اجتماعات على مستوى كبار الخبراء و وزراءالخارجية لدول إيران و تركية و مصر في القاهرة و نيويورك و على هامش اجتماع مجموعة دي 8 في إسلام آباد و وفر ذلك الأرضية للتعاون بين هذه الدول للمساعدة في حل الأزمة السورية.
6- و بغية تقديم مبادرات بناءة لحل الأزمة و بثقة كاملة بإمكانية إيجاد حل سياسي قدمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة و بعض دول المنطقة و المنظمات الدولية و الحكومة السورية في عام 2013 قدمت خطةً من 6 نقاط تقوم على إيقاف العنف و وقف إطلاق النار و استمرار الحوار الوطني و توفير الأرضية لإقامة انتخابات حرة و تنافسية بتشكيل برلمان جديد و مجلس تأسيسي لصياغة الدستور . و بتنفيذ هذه الخطة تتوفر الفرصة للشعب السوري لإملاء إرادته الحقيقية بالطرق الديمقراطية المقبولة بعيداً عن التدخلات الخارجية.
7- من جهة أخرى لم تألوا الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهداً في تقديم المساعدات و الخدمات الإنسانية‌ للشعب السوري . وفي هذا السياق فقد شاركنا في الجهود الدولية و مساعدة النازحين السوريين المقيمين في لبنان و الأردن و العراق فضلاً عن جهودنا لإرسال شحنات لتأمين المواد الضرورية للشعب السوري تشمل المواد الغذائية و الأدوية و سيارات الإسعاف و المازوت و تعزيز شبكة الكهرباء في سوريا للتخفيف من معاناتهم . و هنا من الضروري أن أنوه بأن المساعدة في حل مشكلات سوريا الاقتصادية في مواجهة العقوبات غير العادلة و إرسال المساعدات الإنسانية إلى هذا البلد يعتبر سبيلاً ينبغي أن يحظى باهتمام جاد من جميع الدول و المنظمات الدولية .لإن هذه العقوبات لم‌ تكن في خدمة مصالح الشعب السوري فحسب بل إدت إلى زيادة معاناته.
8- إثر الطلب الذي تقدمت به سويسرا حول توفير المجال لتقديم المزيد من المساعدات للشعب السوري قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعقد اجتماع ثلاثي بحضور ممثلين عن الحكومتين السورية و السويسرية في مرحلتين في طهران و دمشق في الشهر الماضي أفضى إلى إنجاز هام هو تشكيل لجنة للمتابعة وإنشاء مكاتب إرسال (خلال المباحثات الثلاثية وافقت الحكومة السورية على قيام سويسرا بإنشاء مكاتب لإيصال المساعدات في دمشق و حمص و درعا ) و تنظيم المساعدات الإنسانية للشعب السوري بمساعدة الهلال الأحمر في هذا البلد.
أصحاب المعالي ، الضيوف الكرام
إن زيادة العنف و سفك الدماء و التأخير في التسوية للأزمة الحالية لايصب أبداً في صالح الدول المحيطة و المنطقة و العالم لإن تصعيد الأزمة و انتشار الغليان إلى البلدان الأخرى في المنطقة سيوسع أرضية النزاعات و يؤجج نار الفلتان الأمني و سيكون لمخاطر ذلك تداعيات مدمرة لايمكن للنظام الدولي التعويض عنها ، و بالتأكيد فإن إدارة هذا الأمر سيكون أكثر صعوبةً من إدارة الأزمة الراهنة .
وترى الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنه من دون اجماع الأطراف المتنازعة لايمكن الحد من التفجيرات و قتل المواطنين العزل و احتواء الزيادة المطردة لنشاطات الجماعات المتطرفة اللامسؤولة .و جدير بالذكر بأن تكلفة التضحية بالشعب السوري و الاستقرار في هذا البلد سيكون لها تداعيات مضرة ستؤدي بالتأكيد إلى عدم الاستقرار في المنطقة و العالم.
و على هذا الأساس ترفض الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمويل الجماعات المسلحة ومدها بالسلاح و تصعيد مؤامرة الفتنة الطائفية و المذهبية المشؤومة و ترى أنه من الأجدر بالأطراف المنادية بالديمقراطية و التي تزعم بإنها تدعم الشعب السوري أن تقوم بتوفير ظروف يقرر فيها الشعب السوري بالذات مستقبله من خلال عملية ديمقراطية و إقامة انتخابات حرة .
و لذلك فإننا إذ ندين بشدة الاعتداءات الصهيونية الأخيرة على الأراضي السورية و نرفض أي تدخل أجنبي و عسكري لحل الأزمة السورية ندعم مفاوضات جنيف و إجراءات الأمين العام للأمم المتحدة لحل الأزمة سلمياً . و بالتأكيد فإن الشعب السوري و الشعوب المقاومة في المنطقة بانتظار الاهتمام الشامل للمجتمع الدولي بمكافحة الإرهاب و التطرف .
الضيوف الكرام ، أصحاب المعالي
و النقطة الهامة هنا هي التفهم الاقليمي و الدولي لتجاوز الأزمة السورية عبر الحوار السياسي بدل الحل العسكري . و مع أن هذا الإنجاز بحد ذاته يحظى بأهمية لكن علينا أن ننتبه إلى مغبة التدخل في الشان الداخلي السوري بأدات المؤسسات الدولية و تبرير عمليات اتخاذ القرار للمؤسسات أعلاه يحول دون قيام الشعب السوري بتقرير مصيره بنفسه.و لاشك في أن اتخاذ القرار بالنيابة عن الشعب السوري لن يساعد في حل الأزمة فحسب بل سيجعل المشكلة الحالية أكثر تعقيداً. و من جهة أخرى فإن أي إجراء في المجالات الدولية و الاقليمية ينبغي أن ينطلق باتجاه رفض العنف و الوقف الفوري للاشتباكات و من أجل ضمان هذه العملية علينا الحؤول دون تدفق الأموال و السلاح إلى داخل سوريا من خلال إجراء جماعي و ضبط الحدود السورية و إجراءات السيطرة لمنع إرسال الجماعات المسلحة المتطرفة إلى داخل سوريا و ذلك يتطلب جهود شاملة على الأخص من دول الجوار السوري. لذلك نعتقد بأن الشرط المسبق لنجاح الحل السياسي هو التزام كل الأطراف بالمباديء المذكورة . و عليه فإن اجتماعنا اليوم يأتي للمؤازرة لتحقيق الحل السياسي لتسوية الأزمة في سوريا على أساس حقيقي و واقعي بغية مساعدة الجهود الاقليمية و الدولية البناءة و المؤثرة . و في هذا السياق نقترح أن تتشكل مجموعة اتصال مؤتمر طهران الدولي بأسرع وقت و باتفاقكم أيها الأعزاء من أجل المضي قدماً بأهداف المؤتمر على الأخص للتواصل مع الحكومة و المعارضة السورية .
مرةً أخرى أعرب عن شكري و تقديري لحضوركم في هذا المؤتمر الدولي . و لاشك في أن إرشاداتكم و آرائكم العلمية أيها الزملاء المحترمون ستكون فاعلة و بناءة لتحقيق أهداف مؤتمر طهران التشاوري الثاني .
و في الختام أرى لزاماً علي أن أعبر عن شكري و تقديري لزملائي في وزارة الشؤون الخارجية و جميع الذين شاركوا في تنظيم و عقد هذا المؤتمر الهام.