الجولاني-البغدادي: حرب أمراء القاعدة

الجولاني-البغدادي: حرب أمراء القاعدة
الأربعاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٣ - ٠٧:٣٦ بتوقيت غرينتش

وصل الخلاف بين أميري جبهة النصرة وما تسمى دولة العراق الإسلامية حدّ القطيعة، ولم تفلح محاولات التسوية وفق صيغة لا غالب ولا مغلوب بعد، فانعكس الخلاف شقاقا في الميدان وتفرقت السبل بـالمجاهدين.

هنا مستجدات الخلاف والحل المقترح وتسريبات يصف فيها رُسل أبو بكر البغدادي «جبهة النصرة» بـ«العصابة» وأميرها أبو محمد الجولاني بـ«الجندي المنشقّ»
لم يُقطع النزاع بعد. خلاف أُمراء تنظيم القاعدة في «سوريا الكبرى» يزداد احتداماً. والشقاق وصل حد الطلاق بين أمير «دولة العراق الإسلامية» أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي وأمير «جبهة النصرة لأهل الشام» أبو محمد الجولاني. جهود المصلحين لم تثمر بعد، فيما تركز محاولات احتواء الخلاف على «حصره بالقادة من دون تسربه إلى الإعلام والعسكر»، لا سيما أن جبهة القتال في سوريا بدأت تشهد انشقاقات عدد كبير من «المجاهدين» وانضمامهم إلى صفوف فرع القاعدة الوليد المسمّى بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، تحت راية الشيخ البغدادي. كما بدأ يسري بين المجموعات الجهادية خلاف شرعي حيال «خطيئة» مخالفة ولي الأمر التي ارتكبها الشيخ الجولاني برفضه النزول عند رغبة أميره، مقابل من يعتبرون أن البغدادي ارتكب خطأً بإعلانه الاندماج من دون استشارة قيادة «القاعدة»، كون سوريا «ولاية مكانية» لـ«جبهة النصرة» ويرأسها الجولاني، في حين يقتصر حكم البغدادي على العراق. علماً أن الخلاف بين الجهتين مردّه رفض الجولاني عرض البغدادي بدمج الجماعتين تحت مسمّى واحد، وإصرار الأخير على الدمج ما استدعى تدخّل زعيم «تنظيم القاعدة» الدكتور أيمن الظواهري للفصل في الخلاف، فاقترح إبقاء القديم على قدمه حتى يُقضى الأمر بشأن النزاع المستجد. وفي هذا السياق، أكّدت مصادر جهادية لـ«الأخبار» أنّ رسالة الظواهري التي عرضتها قناة «الجزيرة» في التاسع من شهر حزيران الماضي صحيحة مئة في المئة، كون الظواهري دعا فيها إلى «تجميد الوضع على ما كان عليه قبل الخلاف لحين الفصل فيه»، طالباً إلغاء «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وإبقاء «دولة العراق الإسلامية» على اسمها وأميرها البغدادي، و«جبهة النصرة» كما هي وأميرها الجولاني، باعتبار أن كلا الشيخين أخطآ بحسب رسالة الظواهري. خطأ البغدادي إعلانه الدولة من دون مشورة وخطأ الجولاني إعلانه رفض الدولة وإعلان انتمائه للقاعدة من دون استشارة الظواهري. غير أن واقع الميدان نحا باتجاه مخالف لمشيئة الظواهري، إذ انسحب التخبّط الحاصل على مستوى القيادة على العسكر الضائعين بين تعدد الولاءات. فانقسم رفاق السلاح على بعضهم. وعزز ذلك، تنافسٌ قديم بين الظواهري والبغدادي الذي يعتبر نفسه الأوْلى بخلافة زعيم القاعدة المقتول أسامة بن لادن.
وعلى وقع تبادل التّهم بـ«مخالفة شرع الله وعدم الانصياع للفتوى الشرعية الملزمة الصادرة عن إمارة التنظيم»، خرجت فتاوى تُحرّم القتال بين الجهاديين بعدما وصل التوتّر حدّاً غير مسبوق. هكذا شُقّ صف تنظيم «جبهة النصرة» الذي يُعدّ رأس حربة مجموعات المعارضة المسلّحة التي تقاتل الدولة السورية. وعوضاً عن توحّد الصف تحت إمرة واحدة، تفرّق عسكر القاعدة بين «الجبهة» و«الدولة». فقد تناقل موقع «يوتيوب»، أول من أمس، مقطعاً مصوّراً لعملية انتحارية في مطار منّغ في حلب أعلنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» مسؤوليتها عن تنفيذها، علماً أن أبرز هجوم نفّذته «جبهة النصرة» تمثل في اقتحام مبنى قيادة الأركان في العاصمة دمشق في أوائل آب ٢٠١٢. وبحسب المعلومات، ظهر الانقسام إلى العلن عبر اعتماد المجموعات الجهادية ذات الهوى القاعدي شعارين، يعبّر كل واحد منهما عن انتماء الفصيل الذي يرفعه. وبعدما كان شعارها الوحيد راية «جبهة النصرة»، وهي عبارة عن راية الاسلام السوداء، خُطّ في أسفلها «جبهة النصرة»، برز شعارٌ جديد هو راية «الدولة الإسلامية في العراق والشام» التي تقاتل تحت راية تنظيم القاعدة المعروف المرسوم داخله «ختم النبوّة» في دائرة بيضاء (محمد رسول الله)، لكنّه ذُيّل بعبارة (عراق ـــ شام). وفي ظل ترقّب التسوية المنتظر نضوجها إثر اجتماع قادة التنظيم في توقيت لم يُحدد سوى أنه سيُعقد بعد شهر رمضان، أُخليت الساحة لـ«رُسل تنظيم القاعدة» الذين بدأوا جولاتهم على رموز بارزة في التنظيم بين سوريا ولبنان والعراق وباكستان وأذربيجان.
وعلمت «الأخبار» من أوساط جهادية أن «الشيخ البغدادي أوفد رسولين من قبله للمشاركة في المفاوضات الجارية لإنهاء النزاع، أحدُهما يُلقّب بـ«زناد الإسلام» الذي يُعد المنسق الخارجي لـ«دولة العراق الإسلامية»، والذي يُروّج أن «الجولاني فقد التزكية وأصبح جُندي الدولة المنشقّ»، فيما تكشف المصادر نفسها أن الشيخ الجولاني يتولّى بنفسه التواصل مع الشخصيات نفسها إلكترونياً. إزاء ذلك، تكشف معلومات الجهاديين أنّ «دولة العراق الإسلامية» تتقدم على حساب تراجع «جبهة النصرة»، لا سيما بعد مبايعتها من قبل عدد من شيوخ وعشائر وكتائب إسلامية، بينها «كتيبة الليبيين» و«جيش المهاجرين والانصار» و«مجلس شورى المهاجرين». وفي الوقت نفسه، ينقل هؤلاء أن هناك مجموعات جهادية متعاطفة مع «جبهة النصرة» كـ«لواء أحرار الشام» و«لواء أنصار الحق»، أعلنت مبايعتها للشيخ الجولاني مؤخراً. وفي هذا السياق، تنقل المصادر نفسها أنّ أتباع الشيخ البغدادي يُحرّضون ضدّ أتباع «جبهة النصرة» بوصفهم «عصبة الجولاني». ويتهمونهم بأنهم «عصاة وبُغاة ومنافقون يُريدون إسقاط رمزية الشيخ البغدادي في البلاد». وبحسب هؤلاء، فقد تطور الأمر إلى وقوع «إشكال كبير بين قيادات ومجلس شورى جبهة النصرة مع قيادة دولة العراق الإسلامية». إزاء ذلك، تنقل أوساط جهادية سورية أنّ «الجولاني تلقى رسالة جديدة من الظواهري يقترح عليه فيها، لوقف التناحر وإصلاح الأمر، إلغاء الجبهة والمبايعة مع الدولة الإسلامية»، لكن الأخير ردّ عليه بأنه ماضٍ في خياره بانتظار الفصل من إجماع قادة التنظيم.
تجدر الإشارة إلى أنه يُنقل عن الجولاني عدد من المآخذ على البغدادي. أولاً اعتباره أن «إعلان الدولة إلاسلامية حصل من دون استشارة الفصائل المقاتلة في الشام». ومأخذه على «طلب الشيخ البغدادي البيعة لنفسه»، واختياره إخراج الخلاف إلى العلن مع ما يستتبعه ذلك من احتمال وقوع اقتتال داخلي بين الكتائب. فضلاً عن تقديراته التي رأت أن الخطوة جاءت متسرّعة وغير موفّقة بسبب «عدم استقرار الوضع السوري والاضطراب العام الذي يُعطي الفرصة للعدو المتربص، الداخلي والخارجي ، بحيث جاء هذا الإعلان على طبق من ذهب ليُستخدم ضد المجاهدين».

الاخبار- رضوان مرتضى