مجازر الأحد الأسود بريف اللاذقية وما لم تكشف بعد

مجازر الأحد الأسود بريف اللاذقية وما لم تكشف بعد
الأربعاء ٢١ أغسطس ٢٠١٣ - ٠٨:٥٥ بتوقيت غرينتش

ضج اهالي الساحل السوري بالانباء المتداولة عن المجازر الوحشية التي إرتكبت في ريف اللاذقية الشمالي من قبل مسلحي تنظيم القاعدة الارهابي ومجموعاته، وسط صمت إعلامي مريب، يوازي بصمته افعال هؤلاء القتلة بحق الاهالي المدنيين، فمن يطمس الحقائق، يساهم بشكل او بآخر بالجريمة.

نساء واطفال، شيوخ وعجزة، شبّان في ريعان الشباب، وصبايا صغار في السن، كلهم كانوا ضحية بطش الارهابيين في الأحد الاسود وما لحقه من ايام على مدار اسبوعين، حيث شهدت فيها اثنى عشر قرية في ريف اللاذقية عمليات قتل وإرهاب ممنهج على خلفيات طائفية، كان ابطالها عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة غزت هذه القرى وحولتها من قرى مسالمة، لقرى سالت فيها الدماء حتى وصلت للركب.
في بارودة ومزارعها القريبة كانت البداية من ذاك الأحد الآبي الحار، بدأت القصة فجراً عندما إقتحم مئات الارهابيون القرية وما حولها وبدأوا مسلسل الخطف والقتل. تقول الرويات التي إستطاعت “الحدث نيوز” إحصاءها على مدار الاسبوعين، ان هؤلاء دخلوا فجراً عبر الاحراش، ودخلوا هذه القرى الامنة في لحظة تخلي وآمان، وعلى مدار ساعات قليلة، صب هؤلاء نار حقدهم على الاهالي قتلاً وخطفاً، فدخلوا المنازل والناس نائمة، وبدأوا بإخراجهم إلى الساحات، وإختيار بعضهم للذبخ، وأخرون للسبي والأسر. أُسر وسبي نحو 150 مواطناً في هذه المنطقة، ومنهم الشيخ بدر الدين مهيب غزال مفتى الساحل، وإنقطعت الاخبار من وقتها عنهم. وللامانة، ظهروا في شريط فيديو وخلفهم راية القاعدة. آخرون غيرهم لم يحالفهم حظ الاستمرار في الحياة. إعدموا في عز النهار، بإطلاق الرصاص عليهم.
في قرية بلوطة لم يكن الحال افضل. في ذلك الأحد الأسود وما تبعه من أيام لاحقة تمت عمليات قتل ممنهجة وعن سابق إصرار وتصميم وبخلفيات طائفية للاهالي القرويين. تقول الرواية الخاصة بـ “الحدث نيوز”، ان “الاسلحة التي إستخدمت بهذه الجرائهم هي اسلحة بيضاء، عبارة عن حربات عسكرية وسواطير وخناجر، وايضاً بلطات وسيوف، حيث تم تقطيع رؤوس أكثر من 25 مواطن مدني (هذا ما وجد في مقبرة جماعية)، إضافة لعمليات إنتهاك حقوق أنسان، فضلاً عن إختفاء عدد ليس بقليل من الاهالي، وهم مجهولو المصير حتى اللحظة، في حين ان ما إكتشف اليوم في مقبرة جماعية ضم رفات 25 مواطناً، جلهم بلا رؤوس، على ما تقول مصادرنا في المنطقة التي تحدثت عن عدد اكبر، عن اكثر من 40 شهيداً، بينهم “كريم محرز سليم” الذي ذبح من الوريد إلى الوريد، مع زوجته”سعدى دواي” التي قطعت أطرافها بالبلطات.
”غزوة عائشة أم المؤمنين” التي تم القتل تحت اسمها لتحريك الغرائز الطائفية قد تم التحضير لها قبل شهرين من الان، على ما تقول المصادر، بمساعدة وتمويل سلفيين كويتيين عرف منهم الإرهابي الكويتي شافي العجمي، وكلفت يومها القيام بهذه المذبحة  كتائب أحرار الشام تحت جناح “الدولة الاسلامية” وكتائب قاعدية اخرى منها كتائب “نصر المظلوم” و “حركة مجاهدي الساحل” . قام هؤلاء ايضاً بعمليات إغتصاب ممنهجة للنسوة من غير الحوامل، وقتلهم طعناً بعد ذلك.
رائحة الموت فاحت في كل مكان، 14 يوماً تحولت لـ 14 أحداً اسود، مجازر على مد عينك والنظر، لم تسلم اي قرية في تلك المنطقة من مجازر الوهابيين. ما إنتشل لغاية اللحظة من مجازر ريف صلنفة هم مئة وثلاثون مدنياً قتلوا ذبحاً ونحراً وإعداماً.

الأمر لم يتوقف هنا، مصادر إعلامية تحدثت عن وجود نحو 200 جثة شهيد مشوّهة في مستشفيات اللاذقية المختلفة، حيث ينتظر التعرف عليها، وذلك بعد صعوبة معرفتها بسبب تحللها وتعرضها لتشويه كبير، لا بل ان عدداً كبيراً منها مقطع الاوصال، بسبب إرتكابات هؤلاء المجرمين.
العدد النهائي لضحايا الابادة الجماعية التي تعرض لها ريف اللاذقية على مدار اسبوعين غير معروف، مصادر للــ “الحدث نيوز” رجحت مقتل اكثر من 450 مواطن مدني في ما حصل، مشيرة إلى ان “عدد كبير من المفقودين سجل في مناطق المعارك، وذلك بعد قيام الارهابيين بدفن القتلى في مقابر جماعية”. كل هذا حصل ويحصل ليس فقط في صمت سوري حكومي إعلامي، بل وسط صمت دولي رهيب، هنا يجدر السؤال، اين هم من تداعوا يوم مجازر حمص وحماه لاجتماعات مجلس الامن وحقوق الانسان وإصدار الادانات وتحويلها لمجلس حقوق الانسان؟ اليس من قتل اليوم هو ايضاً إنسان؟ لماذا لا تقدم الحكومة السورية مستندات لهذه الجرائم، بدل المساعدة في طمس ما جرى تحت حجة محاربة الطائفية. هل تكون محاربة الطائفية بإحفاء الحقائق وزيادة غليان الشارع؟ اسئلة بحاجة لاجابات. الرحمة على شهداء الابادة الجماعية في الساحل.
وما خفي كان أعظم.