صمود السعودية بوجه الاطماع الايرانية !!

صمود السعودية بوجه الاطماع الايرانية !!
الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٨:٤٢ بتوقيت غرينتش

الذي ينظر الى المشهد الاقليمي من زاوية الدعاية السعودية وبعين قناة العربية وصحيفة الحياة والشرق الاوسط واخواتهن، سيعجب وینبهر من مبدأية المملكة السعودية وصلابة مواقفها وصمودها بوجه "الاطماع" الايرانية والسياسة الاميركية والتيار الهادر الذي احدثه اتفاق جنيف النووي بين ايران ومجموعة 5+1... هكذا يريد الاعلام السعودي (والغربي) ان يصور المشهد!!

فالسعودية لازالت تصر على الخيار العسكري في الازمة السورية وتعمل لافشال جنيف 2، لان الديمقراطية من وجهة نظرها هي عدم وجود الرئيس الاسد في السلطة واخراج سوريا من معادلة الصراع، بعبارة اخرى مطلب بدوي وآخر صهيوني!
وهي (اي المملكة السعودية) تعارض الحكومة العراقية وتطالب ايران برد العراق الى العرب!! والا فالمفخخات ستبقى تنهش بالجسد العراقي وسيبقى نزف الدم "الشيعي والسني والمسيحي والتركماني و... الخ" مستمراً!
وفي البحرين.. ترفض اي ربيع للعرب (رغم انها ترفضه في كل مكان) فلا تغيير في النهج الدكتاتوري للسلطة، لان الديمقراطية في البحرين مدفوعة بأجندات اجنبية وهي خروج على العرف الخليجي في الحكم!!
والسعودية ستضرب بيد من حديد الحوثيين في شمال اليمن "العملاء" لايران (حسب إدعاءاتها) والحراك الجنوبي "العملاء" لسوريا في جنوبه (حسب إدعاءاتها)، لان المملكة تعتبر اليمن حديقتها الخلفية!!
والسعودية ستنتصر لمصر "السيسي" ضد مصر الاخوانية حليفة قطر وتركيا، بأمل اعادة امجاد مبارك التليدة معها، ومع اخواتها على ضفة الخليج الفارسي الجنوبية، وهي بالمناسبة تكره كل مصر باخوانييها وسيسييها وبرادعييها وصباحييها، لانها تشعر بعقدة ازاء البلدان العربية الكبرى بمنطق الحضارة والثقافة والتاريخ والحراك السياسي...

والسعودية تعطل تشكيل الحكومة اللبنانية على صيغة "9 ـ9 ـ 6" ومشاركة حزب الله فيها، لأنه حزب ارهابي حسب القائمة السعودية والخليجية (فالمملكة تبرع في استخدام السلاح الطائفي أينما حلت)!!

والسعودية تقف امام التمدد الايراني الذي تصفه بالصفوي وتدافع عن المصالح العربية بوجه ماتسميه الاطماع الفارسية (حسب قاموسها) !!

والسعودية تمتلك السلطة في باكستان النووية، فنواز شريف رجلها هناك والمشروع النووي الباكستاني في الحقيقة هو مشروع سعودي.. ومن هذا المنطلق تكون السعودية دولة نووية لكنها تتنازل عن الاعلان عن ذلك تأدبا منها وتواضعاً!!

بهذه النظرة تتحول المملكة السعودية الى قوة عالمية، تفاوض الروس على سوريا وترفض مفاوضة ايران لأن الأخيرة مجرد قوة اقليمية...!

هذه هي الصورة التي تحاول بعض اجنحة الحكم السعودي إلقاءها من خلال ماكينة اعلامية ضخمة وجيش من المرتزقة الذين ينضح من اقلامهم وتشعر في اصواتهم وحتى تشاهد في بعض نقاط اجسادهم الاخرى!! مخلفات البترودولار السعودي.
في حين ان الحقيقة في مكان آخر وعلى الضفة الاخرى كما يقولون...

الحقيقة تقول ان السعودي اكثر جبنا من يواجه اعداءه بنفسه (لقد جرب ان واجه العراقيين في الخفجي والحوثيين في شمال صعدة وفي كلتا المواجهتين كان الفشل حليفه والقتل والاسر نصيب جنوده) لكنه يستغل امواله لتقوم المرتزقة على اختلاف عناوينها بالحرب وكالة عنه! علماً ان استخدام المرتزقة ايضاً لابد ان يكون بضوء أخضر من اسياده في واشنطن واوروبا وتل ابيب، فحتى هذه لايقوى على التصرف بها بنفسه، فهو كالسفيه المحجور على ماله ولابد له من قيم وولي أمر...

تنكرون علي ذلك؟!
اذكركم بدعم السعودية واخواتها لصدام حسين في حربه مع ايران، ومن ثم التآمر على العراق بتخفيض اسعار النفط لتقليل عائدات العراق من النفط، ثم فتح الاراضي والاجواء والمياه لاميركا كي تسقط صدام حليفها السابق...

وايضا دعم الجماعات السلفية التي قاتلت مع المجاهدين ضد الغزو السوفيتي لافغانستان، ثم عندما انتهت منهم اصبحوا يسمون بالافغان العرب الذين لم تأوهم دوائر المخابرات التي ارسلتهم الى القتال بنفسها..

ونفس الشيء ما تقوم به ضد ايران وحزب الله وسوريا والحوثيين و... الى آخر القائمة، كلها مدعومة من مراكز القرار التي اشرت اليها، بل وبطلب منها.

ان المطلوب من السعودية اليوم هو تحسين شروط التفاوض ان تم في جنيف 2 لصالح الغرب وتل ابيب.
والمطلوب منها عراقيا اعادة العراق ليبقى في مواجهة ايران دفاعا عن الانظمة الخائفة والمرتعبة في المنطقة ومنها السعودية نفسها.
والمطلوب منها في مصر الابقاء على هذا البلد العربي الكبير اسير المصالح الخليجية وموازنة ضعف الاخيرات في مواجهة قوى التحرر داخل الوطن العربي وخارجه.
والمطلوب من السعودية في فلسطين شبه سلطة فلسطينية تسقط حق العودة وتتخلى عن القدس وتكون اقليما اسرائيليا بحكم ذاتي.
والمطلوب من السعودية في البحرين ان تدعم تغيير الديموغرافيا تحت عنوان الوحدة الخليجية!
والمطلوب منها في اليمن ان تنظف حديقتها الخلفية من الاشواك التي توخز السيد الاميركي هناك!!
كله مطلوب، فأي استقلالية في القرار السعودي؟؟!

وبالتالي على السعودي ان يتصور نفسه في اطار صورته الحقيقية والتي هي مجرد وسيلة ابتزاز غربية لتحسين شروط التفاوض مع الروس والايرانيين.. حينها يفهم امكانية صموده بوجه التغييرات التي تشهدها المنطقة، تلك التغييرات التي سيضطر في النهاية الى مجاراتها والقبول بها ونأمل ان يكون متسع من الوقت لذلك، لأن السفينة السعودية البالية والمثقوبة بالاساس ستواجه العاصفة بالتأكيد ولن يفيدها التعويل على الحلفاء..
هكذا قالت التجربة المرة لاصدقاء المملكة السعودية في ايران الشاه ومصر حسني مبارك وتونس زين العابدين بن علي، والاخير لايزال لديها وبإمكانها ان تسأله!!

مروة ابو محمد