معادلة الميدان السورية ومجلس التعاون الخليجي!

معادلة الميدان السورية ومجلس التعاون الخليجي!
الإثنين ٠٥ مايو ٢٠١٤ - ٠٩:١٧ بتوقيت غرينتش

ليلة الاول من حزيران/ يونيو القادم على الثاني منه سينام امير الكويت في طهران ضيفا على الرئيس الايراني ويلتقي كبار المسؤولين والقيادة الايرانية العليا ما سيعني ليس فقط تسوية للخلاف التاريخي بين البلدين حول الجرف القاري المشترك كما ترغب الكويت من الزيارة ، بل بداية النهاية للهدف الاساسي الذي من اجله شكل مجلس التعاون الخليجي كما يقرأ متابعون مهتمون بما يجري على مستوى العلاقات الخليجية الايرانية والعلاقات الثنائية بين دول المجلس.

نقول هذا ليس اعتباطا ولا من فراغ بل ان كل الوقائع المتسارعة في المنطقة وعلى خلفية تحولات الميدان السوري تشي بانقلاب موازين القوى لغير صالح الذين حاربوا ايران طوال ثلاثة عقود من الزمان وشكلوا مجلس التعاون الخليجي على قاعدة مواجهة الخطر الايراني.

فزيارة الامير صباح الاحمد الصباح هي الاولى له للجمهورية الاسلامية منذ توليه الامارة بعد وفاة الامير جابرالصباح الذي زار ايران في اطار حضور مؤتمر القمة الاسلامي في العام 1997م رغم انتظار الايرانيين لها على نحو عقدين من الزمان وهذا الحدث بحد ذاته له دلالات مهمة جدا.

فالمتابعون الجيدون للعلاقات الثنائية الكويتية الايرانية لاتزال كلمات وزير الخارجية الاسبق علي اكبر ولايتي وزير رفسنجاني ترن في اذنهم … وهو امر مضى عليه اكثر من ستة عشر عاما على الاقل وهو يقول لسفراء الكويت المتتاليين: كلما نقول لكم اين اصبحت زيارة الامير ترسلون لنا وزيرا، وتوقيت الزيارة نفسه يشي بامور اكثر اهمية لا يعرفها الا الراسخون في متابعة تحولات الموقف الخليجي من امور عديدة هامة في المنطقة ليس الموقف من ايران الجمهورية الاسلامية النووية سوى الابرز من بين قضايا لا تقل اهمية …
نبدأ بالموقف من ايران:
يقول ديبلوماسي كويتي عريق بان الخليجيين عموما والكويتيين بشكل اخص يتحدثون دوما عن خطرين ايرانيين الاول التشييع والثاني الايران فوبيا اي الخوف من النفوذ الايراني ….!

الاول برأيه صناعة خليجية بامتياز غير موفقة قامت على وهم صنعوه هم ثم صدقوه والثاني مستورد من "اسرائيل" لاهداف باتت معروفة للرأي العام الخليجي وسقطت مع تطورات الاوضاع المتسارعة على اكثر من صعيد …

زيارة امير الكويت الى طهران ستعني فيما تعني:
اولا: سحب هذين الخطرين الموهومين من التداول في المحادثات والنقاشات على مستوى الكويت – ايران وكذلك وضع مسافة معلنة واضحة مع اي طرف خليجي لا يزال يكابر في مثل هذا الوهم المصطنع.

ثانيا: وهو الذي لا يقل اهمية عن الاول اعلان كويتي صريح بان الحرب العراقية التي فرضت على ايران في ثمانينات القرن الماضي وبدعم خليجي وكويتي صريح وفاضح والتي كان من تداعياتها الاهم تأسيس مجلس التعاون الخليجي تنتهي اليوم رسميا مع وصول امير الكويت الحالي الى طهران.!

واما على مستوى المسألة السورية :
يضيف الديبلوماسي الكويتي نفسه قائلا: ان كل ما اتخذ من قرارات ضد سوريا تحديدا وكل ما يتعلق بمحور المقاومة ثانيا انما صدر من عاصمة خليجية كبرى لم يكن اغلب اعضاء مجلس التعاون راضين عنها فضلا عن ان يكونوا متماهين معها والزيارة المرتقبة ستضع حدا لهذه الازدواجية ….
وعليه ايضا فان تحولا هاما سيظهر في الافق وبشكل متسارع حول العلاقة مع سوريا واطراف محور المقاومة ليس فقط من جانب الدولة الكويتية بل وكذلك من جانب غالبية مجلس التعاون الخليجي..

واما على مستوى الوضع الخليجي نفسه:
فان المطلعين على كثير من خبايا وخفايا الخلافات الحادة والجوهرية بين اغلبية اعضاء المجلس الخليجي وبين تلك الدولة الخليجية الكبرى ستكون محل نقاش جدي وعميق في هذه الزيارة التاريخية …
ويعتقدون ان الزيارة ستكشف للايرانيين ما يلي :
اولا: ان ما حاولته الكويت من رأب صدع داخلي بين اعضاء المجلس وتلك الدولة الخليجية الكبرى والذي كان اخره اعادة مصالحة ‘بوس خشوم’ بين قطر وتلك الدولة وحليفاتها قد وصل الى نهاياته ولم يعد ناجعا.
ثانيا: ان العلاقة البينية التي تنام على مؤامرة اسقاط نظام خليجي على يد نظام خليجي آخر من خلال محاولة انقلاب مفضوحة وفاشلة، ثم تستيقظ على دعوة لوحدة خليجية كاملة تريد محو الخصوصيات لم يعد بامكانها الاستمرار لا بالطريقة ولا بالاسس التي قام عليها المجلس.

وعليه فان دعوات ضم الاردن والمغرب، او تشكيل مجلس تعاون امني موسع لمواجهة اخطار موهومة قديمة او مستحدثة لا يعدو عن كونه اجترار فشل الماضي وحرب طواحين هواء احترفها البعض مكابرة وهروب الى الامام.

بالمختصر المفيد .. ما جرى في العالم العربي من تحولات خطيرة منذ العام 2010 م ولاسيما بعد اندلاع الحرب الكونية على سوريا انما يصل اليوم الى واحدة من اهم محطاته الا وهي اسدال الستار على مجلس التعاون الخليجي..

اخيرا وليس آخرا لاحظوا ان الزيارة الاميرية الى طهران قد تم توقيتها مع الاستحقاق الرئاسي السوري ما يؤكد مرة اخرى واخيرة هذه المرة بان كثيرين قرروا التنصل منها وان معادلات الردع الميدانية لمحور المقاومة على الارض السورية قد بدأت تأتي اكلها واول الغيث انحلال مجلس التعاون الخليجي..

* محمد صادق الحسيني/ القدس العربي