هل سيبقى أردوغان الحاكم الفعلي في تركيا؟

هل سيبقى أردوغان الحاكم الفعلي في تركيا؟
الإثنين ١٢ مايو ٢٠١٤ - ٠١:٤٥ بتوقيت غرينتش

مع اقتراب موعد أول انتخابات رئاسية ستنظم عن طريق الاقتراع المباشر في تركيا، يزداد المشهد السياسي التركي تعقيدا، فالمعارضة غاضبة من انتخابات رئاسية ترك مصيرها بين يدي رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ورئيس الجمهورية الحالي عبد الله غول، بينما يسعى الحزب الحاكم لايجاد صيغة توافقية لترتيب البيت الداخلي بشكل يرضي قياداته ويمنح أردوغان كرسي الرئاسة بسلطات تسمح له بأن يستمر في حكم تركيا.

منذ مطلع العام الحالي فتح حزب العدالة والتنمية الطريق خطوة خطوة أمام أردوغان ليستمر في تصدر المشهد السياسي التركي على مدى السنوات المقبلة من خلال القوانين الأخيرة بهدف الهيمنة على السلطة، وقد تجلى ذلك عبر إصدار مجموعة من القوانين منها قانون الرقابة على الانترنت للحد من نشاط المعارضة، وقانون منح السلطة التنفيذية الحق في فتح تحقيقات ضد قادة الجيش، وصولا إلى قانون الهيمنة على السلطة القضائية، بالإضافة إلى كثير من القرارات التي ضيقت على تحركات المعارضة، كل ذلك يوضح الأهداف الأساسية التي يسعى إليها أردوغان وحزبه، والذي على ما يبدو لن يتخلى عن السلطة.

الأجواء العامة داخل الحزب الحاكم لم تتحمس لفكرة التمديد للرئيس الحالي عبد الله غول وهو ما سعى اليه نواب الحزب خلال اجتماعات مطلع هذا الأسبوع في مدينة أفيون التركية، فاحتمال فوز أردوغان من الدورة الأولى في الانتخابات الرئاسية هو ما يرجح كفته بفارق كبير على الرئيس الحالي عبد الله غول في حال قرر الأخير اختبار شعبيته والدخول في منافسة مع أردوغان على مقعد الرئاسة، أردوغان الذي ما زال منتشيا بفوزه في الانتخابات المحلية الأخيرة والتي أظهرت أن حزب العدالة والتنمية يتمتع بقاعدة شعبية، قد تراها قيادات الحزب شعبية لأردوغان، ورغم أن كل المؤشرات تقول إن الحزب اختار رئيس الوزراء ليخلف رئيس الجمهورية في منصبه إلا أن مؤتمر حزب العدالة والتنمية لن يعلن عن مرشحه وسيبقيه سرا على الأقل إلى أن يعدل الدستور ليمنح صلاحيات السلطة التنفيذية لكرسي الرئاسة، فأردوغان لن يرض بمنصب شرفي لا سلطة له، خشية أن يلقى مصير الرئيس التركي السابق  تورغوت أوزال الذي استقال عن رئاسة الحكومة، حتى يشارك في الانتخابات الرئاسية عام 1989 على أمل أن يتمكن حزبه من إجراء تعديلات دستورية من خلال تصويت داخل البرلمان، لكن التصويت تم بالرفض، مما جعله رئيسا شرفيا للبلاد.  

إذا أردوغان يريد أن يكون رئيسا بصلاحيات واسعة ليكون الحاكم الفعلي في تركيا، وربما سيسعى لتحويل النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى شبه رئاسي كما ألمح سابقا، لكن مسألة توسيع صلاحيات رئاسة الجمهورية ولعب ورقة النظام شبه الرئاسي بتعديل الدستور يمكن أن يفتح أمامه جبهة مواجهة دستورية سياسية مع المعارضة والمحكمة الدستورية التي تتربص بخطى أردوغان تجاه رئاسة الجمهورية، الأمر الذي سيجعل أردوغان يحارب على جبهتين، الأولى تتعلق بمصير الانتخابات الرئاسية التركية والثانية بمستقبل المعادلات والترتيبات الداخلية في حزب العدالة والتنمية، وإن بات أمر الأولى شبه محسوم فإن ترتيب البيت الداخلي لا يزال بابه مواربا أمام عدة احتمالات.

خطط أردوغان هذه قد تربك أعضاء حزب العدالة والتنمية وعلى رأسهم الرئيس الحالي عبد الله غول الذي لم يجد له مكانا إلى الآن في مستقبل المشهد السياسي التركي، بالإضافة إلى الكثير من قيادات الحزب التي شغلت مناصب رسمية لثلاث فترات انتخابية، ولا يسمح لهم القانون الداخلي للحزب بشغل المنصب الرسمي لفترة رابعة، وهو ما يمكن أن يشعل صراعات داخل الحزب الحاكم قد تقلب حسابات أردوغان رأسا على عقب في اللحظات الأخيرة، وتجعله يذهب الى رئاسة الجمهورية بحقيبة صلاحيات فارغة، أو سيمدد رئاسته للوزراء تحت قاعدة " الشعب يطالبني بالاستمرار ".

سامي لسمر مراسل العالم في اسطنبول