الإمام الكاظم عليه السلام نبراس للمقاومة والجهاد

الإمام الكاظم عليه السلام نبراس للمقاومة والجهاد
السبت ٢٤ مايو ٢٠١٤ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

الإمام موسى بن جعفر عليه السلام هو سابع أئمة المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والتاسع من أعلام الهداية الذي جسد الكمالات النبوية في العلم والهداية والعمل والتربية وتوسعت بجهوده العلمية الجبارة مدرسة أهل البيت عليهم السلام وأتضحت معالمها وأيعنت ثمارها ولازلنا نتفيّأ ظلالها حتى عصرنا هذا.

وهو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. 
ولد الامام موسى بن جعفر علية السلام في نهاية العهد الاموي سنه (128ه) وعاصر ايام انهيار هذا البيت الذي عاث باسم الخلاقة النبوية في أرض الاسلام فسادا. وعاصر ايضا بدايات نشوء الحكم العباسي الذي استولى على مركز القيادة في العالم الاسلامي تحت شعار الدعوة الى الرّضى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وعاش في ظل ابيه الإمام الصادق عليه السلام عقدين من عمره المبارك وانتهل من علوم والده الكريم ومدرسته الربانية التي استقطبت بأشعتها النافذة العالم الاسلامي بل الانساني أجمع.

لقد سار الإمام موسى الكاظم عليه السلام على منهاج جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآبائه المعصومين عليهم السلام في الاهتمام بشؤون الرسالة الالهية وصيانتها من الضياع والتحريف، والجدّ في صيانة الامة من الانهيار والاضمحلال ومقارعة الظلمين وتأييد الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر للصدّ من تمادي الحكام في الظلم والاستبداد. وكانت مدرسته العلمية الزاخرة بالعلماء وطلاب المعرفة تشكل تحديا اسلاميا حضاريا وتقف امام تراث كل الحضارات الوافدة وتربي الفطاحل من العلماء والمجتهدين وتبلور المنهج المعرفي للعوم الإسلامية والانسانية معا.

وتبعا لطبيعة الظروف التي مرّ بها الإمام الكاظم علية السلام في حياته يمكن تقسيم هذه المراحل الى ثلاث:
المرحلة الأولى، إذا اعتبرنا المرحلة الاولى من حياة الإمام عليه السلام هي مرحلة ما قبل التصدي للإمامة الشرعية اي منذ ولادته في سنة (128ه) او(129ه) حتى استشهاد ابيه الإمام الصادق عليه السلام سنة (148ه)، هي مرحلة نشأته وحياته في ظلّ ابيه عليه السلام وهي تناهز العقدين من عمره الشريف. وقد تميزت هذه المرحلة بظهور علمه الربّاني وقدرته الفائقة على الحوار والحجاج حتى افحم مثل أبي حنيفة وهو صبي لم يتجاوز نصف العقد الواحد من عمره الشريف. 

المرحلة الثانية، وتبدأ بتسلّمه لزمام الامور الدينية (العلمية والسياسية والتربوية) بعد استشهاد ابيه في ظروف سياسية قاسية كان يخشى فيه على حياته المباركة حتى اضطر الإمام الصادق عليه السلام لان يجعله واحدا من خمسة اوصياه في وصيته المشهورة التي بدّد فيها تخطيط المنصور لاغتيال وصي الامام الصادق عليه السلام.

واستمرت هذه المرحلة حتى مات المنصور سنه (158ه) واستولى المهدي ثم الهادي سنه (169ه) على مركز السلطة فهي تبلغ حوالي عقدين او مايزيد بقليل وكانت مرحلة انفراج نسبي لأهل البيت عليهم السلام واتباعهم سيما في عهد المهدي العباسي.

المرحلة الثالثة، وهي مرحلة معاصرته لحكم هارون الرشيد حيث استولى على زمام الحكم سنة (170ه) وهو المعروف بحقده للعلويين بعد أخيه الهادي وابيه المهدي. واستمرت هذه المرحلة حتى سنه (183ه) وهي سنة استشهاد الامام الكاظم عليه السلام بيد احد عمّال الرشيد. وهذه المرحلة هي من أحرج مراحل حياة الإمام الكاظم عليه السلام وادقها من حيث التضييق عليه ولم ينته العقد الاول من حكم الرشيد إلا والإمام في مطامير سجونه المظلمة والرهيبة، تارة في البصرة واخرى في بغداد. وتميزت هذه السنوات العجاف بالتخطيط المستمر من قبل الرشيد لادانة الإمام عليه السلام والسعي المتواصل لسجنه واغتياله.

وقد اخذ الامام يكثف نشاطه ضد الحكم القائم، فيما إذا قيس الى مواقفه من المنصور والمهدي، وانتهت هذه المرحلة بالتضييق والتشديد على أهل البيت عليهم السلام واتباعهم والإمام الكاظم عليه السلام بشكل خاص بالرغم من عدم قيام العلويين بالثورة ضد هارون الرشيد. ولكن الإمام قد استثمر كل طاقاته رغم حراجة الظرف وتشديد القبضة على العلويين. وكان الإمام عليه السلام فيها يعلم بسياسة هارون وقراره النهائي باغتياله مهما كلف الأمر حتى انه لم يتقبل وساطة ايّ واحد من مقربي بلاطه.

وانتهت هذه المرحلة بمقاومة الإمام عليه السلام وثباته على موقفه وعدم تنازله عند رغبات الرشيد ومحاولاته لاستذلال الإمام عليه السلام بشكل وآخر ليركع امام جبروته لقاء تنفسه هواء الحرية خارج السجن.

ولكن الإمام باشر مهامه بكل إحكام واتقان واوصى إلى ابنه علي الرضا عليه السلام وضمن للجماعة الصالحة استمرار المسيرة، وقضى مسموما صابرا محتسبا مكللا جهاده بالشهادة في سبيل الله تعالى، وكان استشهاده يوم الجمعة في سجن السندي بن شاهك في 25 من رجب سنة (183ه) وقيل (186ه) وعمره الشريف كان خمسا وخمسين سنة او اربعا وخمسين سنة ،  ودفن في مقابر قريش في  بغداد. 

من مواعظ وحكم الإمام الكاظم عليه السلام:
* قال الامام (ع): قل الحق وان كان فيه هلاكك فان فيه نجاتك ودع الباطل وان كان فيه نجاتك فانّ فيه هلاكك.
* من دعا قبل الثناء على الله والصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله)  كان كمن رمى بسهم بلا وتر.
*من احزن والديه فقد عقّهما. 
* الله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر المصيبة. 
* لاتّذهب الحشمة بينك وبين اخيك، وابق منها، فانّ ذهابها ذهاب الحياء.
* وقال عليه السلام لبعض ولده: يابنيّ إياك ان يراك الله في معصية نهاك عنها. واياك ان يفقدك الله عند طاعة امرك بها. وعليك بالجد. ولاتخرجّن نفسك من التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله لايُعبد حق عبادته. وإياك والمزاح، فانه يذهب بنور ايمانك ويستخف مروتك، واياك والضجر والكسل، فإنهما يمنعان حظّك من الدنيا الآخرة.         
* المؤمن مثل كفّتي الميزان كلّما زيد في ايمانه زيد في بلائه.
فسلام علية يوم ولد ويوم جاهد في سبيل الله ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّا.
**

تصنيف :