كان هذا أيام النكبة سنة وثمان وأربعين من القرن الماضي. الاعتداءات على المسيحيين الفلسطينيين استكملت منذ ذلك الحين وحتى الآن ولا سيما في بيت لحم والقدس المحتلة في صورة مغايرة تماما عن صورة الحرية والديمقراطية التي يروجها الصهاينة عن الكيان في دول الغرب .
جريمة المستوطنين الجديدة التي تمت من خلال قيامهم بكسر النافذة الخلفية لكنيسة شارع الأنبياء في مدينة القدس ثم إلقاء زجاجات حارقة أدت إلى تدمير طابقها الأرضي بكل محتوياته تستهدف بكل تأكيد طرد هؤلاء الفلسطينيين علماً بأن كنيسة شارع الأنبياء يعود بناؤها غلى عام 1897، اعتداءات المستوطنين التي تستهدف مقدسات المسلمين والمسيحيين كان من بينها أيضاً قيام جيش اسرائيل في إبريل 2002 بقصف كنيسة المهد في مدينة بيت لحم مسقط رأس السيد المسيحي عليه السلام.
كتابات بالعبرية مناهضة للمسيحيين عثر عليها على جدران كنيسة في القدس كما وجدت سيارتين غطيتا بالكتابات العنصرية والمهينة.
دان رؤوساء الكنائس في القدس الأحد المعاملة الوحشية التي تعرض لها بشكل جماعي ومن دون تمييز رجال دين وحجاج ومصلون على ايدي شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
نحن لا نتحدث عن ظاهرة بدأت في الأيام الماضية بل عن ظاهرة موجودة بكثرة في لاسنوات الماضية، لقد سمعنا الكثير من الكلام لكن دون نتيجة.
عودة إلى الوراء تظهر حجم اعتداءات المستوطنين التي مورست بطرق مختلفة، فالكانئس والأديّرة أحرقت، وكتبت على جدرانها العبارات النابية، عجلات سيارات المسيحيين ثقبت، المقابر المسيحية دنّست والصلبان حطمت، وحتى رجال الدين لم يسلموا من اعتداءاتهم.
هناك كان يوجد صليب وهنا أيضاً المقابر هي إحدى ضحايا الهمجية هنا، ففي ليلة ظلماء ببساطة لم يعد هناك صليب.
لقد تبعوني في الشارع وحاولوا أكثر من اثنتين عشرة مرة أن يبصقوا عليّ، لقد صرخوا بي شيطان لأنني أرتدي ثياب راهب.
أجواء الكراهية هذه وجدت سبيلها عبر التعاطي والتهاون معها من قبل الشرطة الإسرائيلية التي لم تتعامل معها بحزم.
صفد كان يوجد فيها 7 أو 8 كنائس ولا يوجد فيها أي كنيسة، طبريا كذلك، القدس كان يوجد 250 كان نصفها مسيحيين اليوم 5 آلاف إلى 7 آلاف مسيحي، بيت لحم قبل 25 سنة بيت لحم كان فيها 6% مسيحيين، اليوم من 7 إلى 8%.
المسيحيون المقدسييون خلال تنظيمهم لمسيرة احتجاجية انطلقت من كنيسة القيامة في القدس وجابت شوارع القدس القديمة حتى وصلت إلى القمبرة اللاتينية تهديداً باعتداءات المستوطنين على المقدسات، وكانت المقبرة اللاتينية قد تعرضت لأعمال تخريبية الثلاثاء الماضي حيث خط مستوطنون متطرفون شعارات عنصرية على جدرانها إضافة إلى اعتداء طال أحد القبور من قبل مجموعات تطلق على نفسها تدفيع الثمن.
الارتفاع في وتيرة جرائم الكراهية بحق المسيحيين زاد من انتقادات وجهاء الطوائف المسيحية حيال عجز إسرائيل عن معالجة هذه الظاهرة.
حالياً الأعمال التخريبية المقلقة العقال تسمم الأجواء.
شركة المياه الإسرائيلية تهدد بقطع المياه عن الكنائس المسيحية في البلدة القديمة، تطبيق القرار لا يعني فقط التأثير على اقتصاد الكنائس إنما قد يجر وراءه الكثير من الأمور.
أنا باعتقادي أن الهدف الأساسي من هذا الإجراء هو ابتزاز المؤسسات الدينية والضغط عليها في مدينة القدس لكي لا ترفع صوتها منددة بالاحتلال وإجراءاته.
الإجراءات التي تمارس على الأرض تجبر الفلسطيني إن كان مسيحياً أو مسلماً أن يهاجر.
غيرب أول مرة بحياتي يشعر الواحد كأنه ورقة بمهب ريح لا يوجد تحته أرض صلبة، أين سيذهب كل البلاد غربة بالنسبة لنا.
الحركة الصهيونية تحاول أن تمحي هويتنا وتمحينا كفلسطينيين، وكل الذي يجري الآن على الفلسطينيين بشكل عام والفلسطينيين المسيحيين يحاولوا يمحوا الهوية الخاصة بهم.
أنا لا أفهم بأي حق يستندوا عليه أن يسحبوا الهويات.
كل عربي فلسطيني مقدسي له الحق أن يعيش في القدس بدون أي تعقيدات مهما كانت هذه الدار، وإلا سنفتح أعيننا ولا نجد مسيحيين أكثر فلسطيني عرب في القدس.
كلنا في خطر إذا لم تعود للإنسان إنسانيته وأخلاقه وقيمه، وكلنا في خطر...
المسيحيون في فلسطين المحتلة في خطر، كما هم طبعاً المسلمون، لماذا يمعن الاحتلال في ممارسة العنصرية بحقهم؟
يعني تهجير المسيحيين الفلسطينيين هو الهدف، ولكن برأيك لماذا يغض العالم الغربي النظر عن هذه الانتهاكات بحق المسيحيين من جانب الاحتلال الإسرائيلي؟
الضيوف:
عماد رزق - كاتب ومحلل سياسي