لبنان... معركة معلومات

لبنان... معركة معلومات
الأحد ٢٩ يونيو ٢٠١٤ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش

يجتمع من في لبنان هذه الايام على قناعة واحدة بأن الوضع خطر جدا، أمنيون سياسيون ودبلوماسيون لا تغادر ألسنتهم جملة واحدة "الحذر واجب لأن المرحلة صعبة".

يقول أحد الدبلوماسيين لدى سؤاله عن رأيه فيما يجري: "كلنا نترقب، فالوضع على الارض لا يطمئن أحد، والمعلومات كثيرة لدرجة يصبح معها التنبه أمراً ضرورياً" يكمل الدبلوماسي وهو العارف بخبايا الامور "العواصف في المنطقة كبيرة جداً، وإبقاء لبنان بمنأى عنها يحتاج الى كثيرٍ من الجهد الأمني الإستباقي".
ينطلق القلق هذا من معلومات أمنية حصلت عليها الدولة اللبنانية، وإطلعت  السفارات الموجودة في لبنان على الجزء الممكن منها، وهي تفيد بأنه وُضع  كساحة ضمن لائحة عمل الجماعات المتطرفة، وأن القرار هذا يتعلق بإعادة ضرب أهداف معينة لحزب الله وبيئته الحاضنة، وأن الجيش لا يبتعد عن  كونه أيضاً هدفاً من ضمن الأهداف الموضوعة، لقناعة هذه الجهات أنه يحاربها ويضيق الخناق عليها.
تبعاً للمعطيات المتوافرة تحاول القوى الأمنية إستباق ضربات هذه المجموعات، وهي ما كانت لتتمكن من فعل الكثير في هذا الملف لولا معلومات أمنية غربية كانت لها حصة الاسد في تنبيهها الى ما يجري على أرضها. من هنا جاء الهجوم المسبق على فندقي "دو وري" و"نابوليون" في العاصمة واستمرار البحث عن متورطين آخرين من جنسيات مختلفة تملك معلومات عن تورطهم في الملف الارهابي. ولتسهيل المهمة هذه ولتلافي ضربات أوسع أبلغت الاحزاب المستهدفة تحديدا والقيادات التي أتت ضمن قائمة الاستهداف بضرورة أخذ الحيطة والحذر، حيث عمد حزب الله وحركة امل في هذا السياق الى إتخاذ إجراءات احترازية مشددة علنية وسرية في مواقع كثيرة، والغاء احتفالات بمناسبات عدة، كما إلى الغاء افطاراتها في شهر رمضان على أن تلاقيها جمعيات ومؤسسات شيعية أخرى بالخطوة نفسها، على إعتبار أن مثل هذه التجمعات هي اهداف سهلة للمنفذين الساعين إلى احراز ارقام اكبر في دفتر خسائر الارواح.
لم تقف أمور التصدي عند هذا الحد فجراء التخبط السياسي الذي أدى الى ضياع قرار فرض تأشيرات على الخليجيين القادمين الى لبنان مسبقاً، إتخذ الامن العام اللبناني إحتياطات من نوع آخر حيث سيتم التدقيق أمنيا بكل خليجي أو عربي قادم عبر مطار بيروت الدولي، قبيل مغادرته المطار وهو ما لم يكن يتم سابقا ًحيث كانت تمنح التأشيرات مباشرة دون أي تدقيق  بهوية طالبها.
بكل الاحوال، هي تبقى بكليتها إجراءات احترازية، ذاك ان الحرب التي يخوضها الامن اللبناني هي حرب جديدة لم يشهد لها مثيلا من قبل. فالمعركة هنا هي أن تواجه موتاً يبتغيه اصحابُه لانفسهم، وللوصول اليه يفعلون اي شئ، وهذا ما حصل في تفجيرات الروشة الطيونة وضهر البيدر مؤخرا، بما أن الانتحار هو الغاية الاصلية. وعليه يصبح "التنسيق" بحسب ما يقول أحد الامنيين الكبار "وامتلاك المعلومات الامنية هي أبرز أسلحة الحرب هذه". حيث يكتب النجاح لمن يملك اكبر كمية من المعلومات عن عدوه قبيل توجيهه لضربته ولو حتى بدقائق فقط .

* فاطمة عواضة