كيف تم إعفاء وزير الإسكان السعودي؟

كيف تم إعفاء وزير الإسكان السعودي؟
الأحد ١٥ مارس ٢٠١٥ - ٠٦:٥٥ بتوقيت غرينتش

عاش وزير الإسكان السعودي السابق شويش الضويحي ساعات حاسمة قبل أن يتلقى خبر إعفائه من منصبه بطريقة غير معهودة في السعودية.

وكان الأمر الملكي الذي نص على إعفاء الضويحي الذي صدر قبل يومين قد جاء بعد 24 ساعة على كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد فيها عزمه على "وضع الحلول العملية العاجلة التي تكفل توفير السكن الملائم للمواطن".
والإعفاء أيضا جاء بعد ساعتين تقريبا على نشر بيان مجلس شؤون الاقتصاد والتنمية، وقال البيان إنه اطلع على عرض مقدم من وزير الاسكان "بشأن التوجهات والرؤى المستقبلية"، وأن المجلس اتخذ حياله عددا من التوصيات.
ويعتبر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، الذي أنشأه الملك سلمان فور توليه عرش المملكة  بمثابة حلقة الوصل والارتباط بين الوزارات المعنية بالشأن الاقتصادي والتنموي.
وكشفت صحيفة محلية إن وزير الإسكان السابق شويش الضويحي، قدما عرضا أمام 23 من أعضاء مجلس الشؤون الاقتصادية ومستشاري الديوان الملكي، استغرق قرابة الساعة، تلاه أسئلة عن أسباب عدم اتخاذ الوزارة أي خطوات عملية طوال السنوات الأربع الماضية لحل مشكلة الإسكان ، رغم الدعم المالي الكبير ، حيث تعرض العرض لانتقادات لعدم وضعه أي حلول وخلوه من أي رؤى مستقبلية.

انتقادات
ونشرت صحيفة "المواطن" الالكترونية، انتقادات كبيرة لعدم احتوائه أي حلول فضلا عن خلوه من أي رؤى مستقبلية، و أشارت الصحيفة إلى أن أغلب النقد تمحور حول إن العرض تحدث عن أرقام مصدرها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ، دون أي خطط أو خطوات عملية لحل مشكلة الإسكان، وهو الأمر الذي أدى لامتعاض الأعضاء ومستشاري الديوان الملكي، بحسب المواطن.

و أوضحت الصحيفة، أن الوزير السابق طلب مهلة زمنية لتقديم عرض جديد يتطرق فيه لرؤى الوزارة والحلول المستقبلية لحل مشكلة الإسكان، غير أن هذا الطلب كان رده مزيدا من الاستياء في المجلس ، ولاسيما أن مشكلة الإسكان لا تتحمل المزيد من التسويف، خصوصا وأن توجيهات العاهل السعودي المشددة بوضع حلول عاجلة لهذه المشكلة بحسب المواطن التي أوضحت انه لم تمض ساعات على انتهاء جلسة المجلس، حتى صدر بيان الديوان الملكي بإعفاء الدكتور شويش الضويحي من منصبه.

إحصائيات غير دقيقة
الضويحي الذي أمضى ٤ سنوات في الوزارة المهمة لم يستطع العمل على بناء قاعدة معلوماتية مهمة حول احصاءات نسبة المواطنين الذين يملكون منازل، وفشل في التعاون مع الجهات المختصة بهذا الموضوع بحسب معلومات تحصلت عليها "إيلاف".

ولكنه بحسب المصادر ذاتها استفاد مؤخرا من حملة قامت بها شركة الكهرباء السعودية لتحديث بيانات مشتركيها، إلا أن الاستفادة لم تكن كافية، ذلك لأن حملة الشركة تستهدف جميع المواطنين والمقيمين دون تحديد وضعه إن كان مالكا أو مستأجرا. وهو ما سبب مشاكل فنية كبيرة للضويحي في القوائم المرشحة أو المستبعدة من الحصول على تسهيلات وقروض سكنية، إذ ظهرت اعتراضات كثيرة على القوائم ثم عادت الوزارة لمحاولة علاجها.

تأجيل الوعود
و كانت وزارة الإسكان قد أعلنت في مارس من العام 2014  عن الانتهاء من صياغة شروط استحقاق الدعم السكني ، ودشنت بوابة إلكترونية تتيح للسعوديين الذين لا يمتلكون سكنا، تسجيل بياناتهم وكل من يستوفي الشروط سوف يحصل على المسكن خلال سبعة أشهر، وبعد الانتهاء من عمليات التسجيل و معالجة البيانات لتحديد المستفيدين والذين بلغ عددهم أكثر من 620  ألف شخص من أصل 960 متقدما ، تخلّفت عن الالتزام بالموعد الذي أعلنته للبدء في توزيع و تخصيص المنتجات السكنية، والتي تنوعت بين وحدات سكنية أو أراض للبناء أو قروض سكنية أو الجمع بين الأرض والقرض.

الوزير الجديد
ويأتي الوزير الجديد للإسكان الدكتور عصام بن سعد بن سعيد ، من مطبخ الأنظمة والأوامر والمراسيم الملكية ، من هيئة الخبراء في مجلس الوزراء السعودي ، حيث عمل رئيسا للهيئة بعد سنوات من تدرجه في المناصب المختلفة داخل الهيئة التي تعتبر جهازا حكوميا بالغ الأهمية والحساسية ، حيث يعمل فيها الكثير من العقول والخبرات ، وتمرّ عبرها جميع القرارات الحكومية ، وهو ما يشير إلى اتكاء الوزير الجديد على مدرسة غنية بالخبرات المعرفية و الإدارية والقانونية
والدكتور عصام حاصل على درجة الدكتورة في القانون العام في جامعة القاهرة  من كلية الحقوق بتقدير ممتاز ، كما حصل على درجة الماجستير في القانون الدستوري من ذات الكلية والجامعة وبنفس التقدير ، ونال درجة البكالوريوس في كلية العلوم الإدارية في جامعة الملك سعود وحصل منها على ليسانس الأنظمة، كما شارك الوزير الجديد في إعداد نظام مجلس الوزراء الصادر عام 1993 ، فضلا عن مشاركته العديد من المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية المتخصصة في مجال القانون والاقتصاد .

وزارة الإسكان
وأمام الوزير الجديد العديد من التحديات المهام الصعبة ، حيث تصنف مشكلة السكن كواحدة من ابرز المشاكل التي تواجهها السعودية لاسيما مع ارتفاع أسعار الأراضي و الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات السكنية، والتي بسببها تم تأسيس وزارة الإسكان بهدف زيادة المعروض من الوحدات السكنية ، حيث دعمت الوزارة الوليدة بميزانية مالية قدرها 15 مليارا ، فضلا عن 250 ملياراً لبناء 500 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة.
لكن وتيرة تنفيذ برنامج الإسكان الطموح ظلت بطيئة الخطى ، وهو الأمر الذي خيب آمال أكثر من نصف مليون سعودي مستحق للدعم السكني من الوزارة، والتي كانت قد أعلنت في مارس من العام 2014 عن شروط استحقاق الدعم السكني ودشنت بوابة إلكترونية بهذا الخصوص يتيح للسعوديين الذين لا يمتلكون سكنا  تسجيل بياناتهم وكل من يستوفي الشروط سوف يحصل على المسكن خلال سبعة أشهر.

مشكلة الإسكان
و أظهرت دراسة العام الماضي أن 78 % من السعوديين يعيشون في شقق مستأجرة، في مقابل 22 % فقط يمتلكون منازل خاصة ، فيما يرى مراقبون أن النمو السكاني المتزايد في السعودية يعتبر من ابرز أسباب تفاقم معضلة الإسكان ، حيث يبلغ إجمالي عدد سكان السعودية، وفقاً لإحصاءات رسمية، نحو 28 مليون نسمة ، ووفقا لدراسات سابقة، تحتل السعودية المركز الثاني من حيث التناسل وهو ما يشكل زيادة في عدد السكان وطلباً متزايداً على سوق الإسكان
و بالإضافة إلى النمو السكاني فان حل مشكلة الأراضي البيضاء (غير المستغلة) يعتبر جزءاً كبيراً من معضلة الإسكان بحسب ما أفاد خبراء في مجال الإسكان ، معتبرين أن مساحات الأراضي البيضاء تشهد ارتفاعا في مساحاتها في المدن عموماً، حيث تشكل نسبة تفوق 70 بالمائة داخل العاصمة السعودية الرياض، وتقدر مساحها بحوالى 80 مليون متر مربع في مدينة جدة ، وهو الأمر الذي يتسبب بارتفاع أسعار الأراضي وبالتالي في ارتفاع كلفة تملك المنازل.

تجدر الإشارة ، إلى أن القرارات الملكية المتعلقة بالإسكان، بدأت منذ العام 2005 ، حيث تمت زيادة  رأسمال صندوق التنمية العقارية بمبلغ 9 مليارات ريال ، ثم تم في العام 2008 دعم رأسمال صندوق التنمية العقارية بمبلغ إضافي قدره 40 مليار ريال لتمكينه من إنهاء الطلبات على القروض والتسريع في عملية الحصول على القرض ، كما صدر قرار بإعفاء المتوفين من أقساط قروض صندوق التنمية العقارية للأغراض السكنية ، ورفع قيمة الحد الأعلى للقرض السكني من 300 ألف ليصبح 500 ألف ريال