عدن معزولة عن العالم؛ والغارات عليها تتكثف..

السعودية: العقاب لليمنيين.. قبل الهدنة!

السعودية: العقاب لليمنيين.. قبل الهدنة!
السبت ٠٩ مايو ٢٠١٥ - ٠٧:٠٢ بتوقيت غرينتش

ينتظر اليمن أياماً طويلة قبل بدء سريان الهدنة المشروطة بالتزام «أنصار الله»، والقابلة للتمديد، يوم الثلاثاء المقبل. سبق هذه الخطوة عزل محافظة صعدة عن العالم بعد قصف شبكة الاتصالات فيها، وإلقاء «التحالف» السعودي مناشير يطالب فيها سكان المحافظة التي باتت هدفاً عسكرياً أمامه، بالمغادرة.

قبل بدء اجتماع باريس الذي وضع الحجر الأساس للقمة الخليجية ـ الأميركية المرتقبة في كامب ديفيد، الأسبوع المقبل، حيث سيسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى طمأنة حلفائه الخليجيين حول فوائد السياسة التي يتبعها تجاه إيران، كان «التحالف» قد توعّد بالردّ على تخطّي «أنصار الله» ما وصفها بـ«الخطوط الحمراء».
ليل الخميس، بدأ القصف المكثّف على محافظة صعدة، غير أنّ قيادة «التحالف» استكملت خطواتها التصعيدية ببيان أعلنت فيه أنّ «صعدة بكاملها ستكون منطقة استهداف عسكري اعتباراً من السابعة مساء بتوقيت صنعاء (أمس). قيادة التحالف تدعو المدنيين في صعدة بسرعة المغادرة قبل انتهاء المهلة»، موضحاً أنّه أسقط مناشير على الأهالي في المدينة تدعوهم إلى المغادرة قبل غروب شمس يوم الجمعة (أمس).
وتقع محافظة صعده شمال غرب اليمن، وتبعد عن العاصمة صنعاء مسافة 243 كيلومتراً، ويبلغ عدد سكانها حوالي 700 ألف نسمة.
هذا البيان سبقته ضربات جوية استهدفت «مركزين للتحكم والسيطرة تابعين للميليشيات الحوثية ببني معاذ ودمرت مصنعاً للألغام في صعدة القديمة، بالإضافة إلى قصف لمجمع الاتصالات في المثلث في صعدة»، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية ـ «واس».
وأعلنت قناة «المسيرة» أنّ القصف دمّر شبكة الاتصالات في محافظة صعدة بالكامل، بهدف «عزل المحافظة عن العالم، تمهيداً للجرائم التي سيرتكبها مساء اليوم (أمس)». كما أكدت أنّ القصف دمّر ضريح مؤسس جماعة «أنصار الله» حسين بدر الدين الحوثي في المحافظة بعد استهدفه بـ11 غارة.
وقبل دقائق من انتهاء المهلة التي حددها «التحالف» لخروج المدنيين من صعدة، بدأت مديرية خمر في محافظة عمران شمال اليمن، باستقبال مئات النازحين القادمين من المحافظة.
وبحسب سكان في محافظة عمران، فإنّ المدة التي حددها «التحالف» لم تسمح للكثير من الأسر بالنزوح، خصوصاً في ظلّ انعدام المشتقات النفطية التي حالت دون تحرك السيارات ونقل المدنيين.
وفي إشارة إلى أنّ «التحالف» لن يستثني أي بقعة في صعدة، خرج المتحدث باسمه أحمد عسيري، مساء أمس، ليقول: «لدينا معلومات مؤكدة أنّ الأسلحة التي تستخدم في قصف المملكة وحدودها موجودة في بعض المنشآت الحكومية والمدارس والمستشفيات».
وأضاف المتحدث السعودي أنّ «المجال ليس للتهدئة ولكن للعقاب، سوف يعاقب كل من نفذ وحرّض على مهاجمة المدن السعودية، وبالتالي نحن نناشد المواطن اليمني أن يبتعد عن القتلة ويتركهم لمواجهة مصيرهم وإن حاولوا الهرب فسوف يجدون بالمرصاد القوات الجوية».
وفيما حذّر الجماعة، قائلاً إنّهم «سيجدون من الشدة ما لم يجدوه في عاصفة الحزم»، شدّد على أنّ خيار التدخّل البري في اليمن مطروح، لكنّه لم يحدث حتى الآن، ولن يكون هناك توغل داخل الأراضي اليمنية.
المشهد من باريس كان مختلفاً، فالهدنة التي قالت الرياض إنها تؤيدها وأتت برسائل ضغط أميركية، حملها وزير الخارجية جون كيري، قد تكون مقدمة لوقف العملية العسكرية في اليمن، اعتباراً من ليل الثلاثاء المقبل.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير «قرّرنا أن تبدأ الهدنة الإنسانية هذا الثلاثاء الثاني عشر من أيار عند الساعة الحادية عشرة مساء، وستستمر خمسة أيام ومن الممكن تمديدها في حال نجاحها»، مبيناً أنه خلال الهدنة سيتواصل الحظر الجوي والبحري المفروض على اليمن.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي جون كيري في مقر السفارة الأميركية في العاصمة الفرنسية، أشار الجبير إلى أنّ نجاح الهدنة يعود تماماً إلى التزام الجماعة بها، مؤكداً أنّ «الهدنة ستنتهي إذا لم يلتزم الحوثيون وحلفاؤهم بالاتفاق، هذه فرصة للحوثيين لإظهار حرصهم على شعبهم وحرصهم على الشعب اليمني».
كيري أقرّ، من جهته، أنّ الهدنة هي «التزام قابل للتجديد»، وفي حال صموده فإنه «يفتح الباب أمام احتمال تمديده». وشدّد على أنّ أيّ شخص حريص على الشعب اليمني «عليه أن يكون على بيّنة من حقيقة أنّ كارثة إنسانية تنشأ» في اليمن.
وتحدث الوزير الاميركي عن «مؤشرات» تُظهر أنّ «أنصار الله» ستوافق على وقف إطلاق النار. وقال «نتمنّى أن يوافقوا عليه، حصلنا على مؤشرات لذلك، ولكن ليس هناك شيء مؤكد».
وشرح أن اللقاء الذي جمعه مع نظرائه الخليجيين (السعودية، البحرين، الامارات، الكويت، عمان، وقطر) ساعد على «الانتهاء من بعض تفاصيل وقف إطلاق النار». وتابع «نعلم اليوم بالتأكيد أن هدنة إنسانية ستبدأ يوم الثلاثاء في كل أنحاء اليمن بشرط أن يوافق الحوثيون على عدم حصول أيّ قصف أو إطلاق نار أو تحرك للقوات أو مناورات لإعادة التمركز، أو أي نقل للأسلحة الثقيلة. وهذا التزام قابل للتمديد».
وأشار إلى أن الرياض وواشنطن اختارتا هذا الموعد لإفساح المجال أمام الحوثيين «لإيصال الرسالة» لمقاتليهم على الأرض، مضيفاً «لن يكون الأمر صعباً إذا نقلتم الرسالة وأصدرتم أوامر صارمة لرجالكم».
وفي وقتٍ أوضح أنّ «وقف إطلاق النار لا يعني السلام، وفي النهاية سيكون على الأطراف المتقاتلة أن تجد وسيلة للجلوس الى طاولة المفاوضات»، أكّد موقفه من أنّ «الحل السياسي هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة».
ومن دون أن يشير إليهما مباشرة، «حث» كيري «الدول ذات النفوذ الأكبر» على الجماعة، إيران وروسيا، على دفعهم باتجاه الموافقة على الهدنة. وأكد أنّ واشنطن ستتواصل مع موسكو وطهران من أجل ذلك.
وبشأن ما أثير حول منظومة دفاع صواريخ تبنيها الولايات المتحدة في الخليج ( الفارسي )، قال الجبير «هذا أمر بدأ النقاش فيه بين دول مجلس التعاون والجانب الأميركي منذ عدة سنوات.. والآن تقوم دول المجلس بتطوير قدراتها الصاروخية للدفاع، وتعمل مع الولايات المتحدة لضمّها كلها في آلية واحدة تستطيع أن تحمي المنطقة، وهذا الموضوع ليس بجديد».
وبعد انتقاد الجبير، أمس الأول، الدور «السلبي» لإيران في اليمن، جدّدت طهران رفضها هذه المزاعم، مؤكدة أنّ هذه الاتهامات «تأتي في إطار تحميل الآخرين المسؤولية».
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أنّ هذه الاتهامات «تستند إلى تفسيرات وتحليلات مكررة وعديمة الجدوى»، معتبرةً أنّ الرياض «أرادت أخذ اليمن رهينة لضمان مصالحها ومصالح حلفائها» من خلال فرض حصار بري وبحري وجوي.
أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قال إنّ النظام السعودي سيلقى نهاية مأساوية، مؤكداً أن «الطريق الذي تسلكه العائلة الحاكمة في السعودية هو الطريق الذي سلكه صدام حسين».
وتوقع السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن تستأنف مفاوضات السلام بين اليمنيين قريباً برعاية الامم المتحدة، مشيراً إلى أنّه تلقّى تطمينات بهذا الخصوص من نظيريه السعودي والقطري.
وأوضح تشوركين أنّ السفيرين السعودي والقطري أكدا له أنّ الاجتماع الذي يعتزم الرئيس اليمني، المقيم في السعودية، عبد ربه منصور هادي عقده في الرياض في 17 أيار الحالي، سيساعد على تمهيد الطريق أمام استئناف مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، آملاً أن تتوقف الأعمال الحربية في اليمن.
ووصف السفير الروسي خيار إرسال قوات برية إلى اليمن، في حال حصوله، بـ «التصعيد المتهور».
ودانت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، مستوى العنف الدموي في ثاني أكبر مدن البلاد عدن، والذي أوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى.
وأشار البيان إلى زيادة التوتر على الحدود اليمنية - السعودية، منوهاً إلى أنّ قصف مطارات البلاد يضع الجميع أمام مسؤولية وواقع صعب للغاية، إذ يجعل مهمة المنظمات الدولية في تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين مستحيلة.
المصدر / السفير