كامب ديفيد «اليمن الجديد»…!

كامب ديفيد «اليمن الجديد»…!
الإثنين ١١ مايو ٢٠١٥ - ٠٤:٥١ بتوقيت غرينتش

هل جاء جون كيري الى الرياض راميا بسلم انقاذه للحكم السعودي للخروج من مستنقع اليمن من خلال الحديث عن هدنة «انسانية» قابلة للتمديد شرط قبول انصار الله وقف اطلاق النار البتة …!؟

وهو اعتراف نهائي وغير مسبوق من جانب الادارة الامريكية بانصار الله باعتبارهم اللاعبين الاساسيين في اليمن كما يقرأه الراسخون في علم اليمن الجديد …!
ام انها خدعة حربية تنذر بانتقال الحرب على اليمن الى مرحلة جديدة لا يعلم خفاياها الا الراسخون في اسرار تفجيرها خصوصا اذا ما اخذنا بعين الاعتبار حضور رئيس اركان الحرب الامريكي الفريق بحري كيرت تيد ضمن الوفد المرافق لجون كيري وهو امر قد لا يظهر بالضرورة الا بعد تبلور صورة العرض البانورامي لحال المعادلتين الدولية والاقليمية التي يفترض باوباما ان يعرضها على الزعماء الخليجيين في قمة كامب ديفيد!؟

ماذا يعني التصعيد في لهجة الناطق باسم الحرب على اليمن احمد العسيري وقوله بسقوط « كل الخطوط الحمر « وانه سيتم «ضرب كل مقار الحوثيين ودون هوادة حتى تحقيق كافة الاهداف»!؟

هل يشي هذا التصريح بوجود لبوس جديد بدأت ترتديه وجوه الحرب السعودية الامريكية المفتوحة على اليمنيين منذ ان احكم انصار الله قبضتهم على عدن وغالبية المحافظات الجنوبية واخرجوا كل اللاعبين التقليديين في القرار اليمني المحسوبين على الرياض وواشنطن من المشهد السياسي بشكل دراماتيكي؟

وماذا عن طهران التي يقول البعض بانها قد تكون ذاهبة الى مستوى جديد في حراكها لاسناد وحماية اليمنيين من خلال تصعيد لهجتها ضد التهديدات الامريكية كما جاء على لسان الجنرال حسين سلامي الذي قال: ان بلاده ليس فقط لا تخاف الحرب التي يهدد بها الامريكيون ايران بل وتشتهيها مطالبا الوفد النووي المفاوض بترك طاولة المفاوضات اذا ما تكررت التهديدات!

في هذه الاثناء رفع مجلس الشورى الاسلامي من حدة ادبياته في التعامل مع مقولة المفاوضات النووية معتبرا ما جرى في الكونغرس الامريكي لعبة لا ينبغي ان تنطلي على الفريق الايراني المفاوض فيما طالب البعض من اعضائه من خلال مقترح عاجل مكرر الى مغادرة الفريق المفاوض طاولة المفاوضات، الاقتراح الذي لم ينل موافقة البرلمانيين لكنه افرز غالبية برلمانية طالبت بعرض نتائج مفاوضات الفريق النووي بشفافية على اسماعهم قبل كتابة اي مسودة توافق محتمل …!

طهران التي تلوح في جانب آخر من الحراك الاقليمي بقافلة من سفن الدعم الطبي والانساني مصحوبة بحماية بحريتها كما ورد في الانباء في تصميم جدي على ما يبدو لكسر الحصار السعودي الغربي على اليمن ولو بلغ ما بلغ!

كل ذلك يجعل الاجابة على الاسئلة اعلاه مؤجلة الى حين انعقاد قمة كامب ديفيد الامريكية مع الزعماء الخليجيين في 13 و14 الشهر الجاري حيث يتم التحضير لتعاون عسكري ـ امني غير مسبوق بين الطرفين كما سربت مصادر وثيقة الصلة بالطرفين ….!
في هذه الاثناء فقد توقف متابعون لمفاوضات واشنطن طهران حول النووي كثيرا عند كلمة القائد السيد علي خامنئي الاخيرة التي حذر فيها واشنطن من استمرارها باطلاق التهديدات مؤكدا:
بان لا استمرار للمفاوضات في ظل شبح التهديد.. وان زمن اضرب واهرب قد ولى الى غير رجعة.. وان المعتدي لن يفلت من عقاب الشعب الايراني العظيم.

اما في الميدان فان ساحة المواجهة المحتدمة بين الجيش اليمني الذي يبدو انه لا يزال متماسكا مسنودا بانصار الله واللجان الثورية والقبائل اليمنية بمواجهة التحالف ، باتت مفتوحة على مصاريعها وتنذر بالانتقال الى مستوى قد يجر الجميع الى حرب اقليمية ان لم تكن دولية اذا لم يذعن التحالف بان لا احد من خصومه اليمنيين بصدد رفع الرايات البيضاء. وان الحل الوحيد المتبقي لدى التحالف هو البحث عن مخرج .

ومع ذلك لابد من اعادة طرح السؤال الكبير:
الى أي حد يمكن لواشنطن الذهاب بعيدا ومعها الحليف السعودي في التورط في مستنقع اليمن «الفيتنامي» على ما يبدو؟
يقول العارفون ببعض خبايا الأمور بان واشنطن المتخبطة والمحتارة بين قرار الهروب التكتيكي الى الباسيفيك لمواجهة الماردين الصيني والروسي، وقرار البقاء الاستراتيجي في منطقتنا لرعاية اسطولها الاهم المسمى باسرائيل وحليفها الاهم في الخليج وهو الحكم السعودي…

ثمة من يقول بان واشنطن قررت على عجل العودة بعقارب الساعة الى الوراء من خلال احياء مبدأ نيكسون القديم القاضي بخلق منظومة امنية خليجية ثنائية تكون السعودية الرأس الثاني لمعادلة التوازن الاستراتيجي مع ايران النووية في المنطقة …

لكنها ستكون قطعا سعودية من نوع جديد ، سعودية اكثر موالاة لواشنطن قادرة على التخفيف من وطأة صعود المارد الايراني الذي لم يعد احد يقدر على ايقاف زحفه وتقدم نفوذه الا بتكبيله بتوافق نووي يبدو ان واشنطن محتاجة له، ونظام امني اقليمي يمنع سقوط الهيكل على رؤوس الجميع وانفلات الاوضاع على المجهول…

ما سيعرضه اوباما على القادة الخليجيين في كامب ديفيد هو الجمع بين حاجة الامن القومي الامريكي لتسوية ما مع طهران وبين حاجة دول الخليج على رأسها السعودية للبقاء على الخارطة السياسية.

هذه هي بعض اسرار حرب اليمن كما يقول اصحاب هذه القراءة…
الايام والاسابيع والشهور المقبلة ستكون حبلى بعظائم الامور وبالمفاجآت ولن ينال طعم حلاوتها الا الثابت في الموقف والواضح في رؤيته فيما سيضطر المتأرجحون والمحتارون بمشاركة الخاسر الاكيد في هذه الحرب كأس سم جديدة ستكون اكثر مرارة من التي سبقتها ….

*محمد صادق الحسيني / القدس العربي