إذا كان لجنود الإمارات أزهرٌ ينعيهم، فهل لأطفال اليمن من يحميهم!؟

إذا كان لجنود الإمارات أزهرٌ ينعيهم، فهل لأطفال اليمن من يحميهم!؟
الأحد ٠٦ سبتمبر ٢٠١٥ - ٠٥:٠٧ بتوقيت غرينتش

"عملية «إعادة الأمل» لدعم الشعب اليمني الشقيق"، بهذه الجملة وصف الأزهر العدوان الذي تشنه السعودية بالتحالف مع الإمارات ضد اليمن منذ ما يزيد عن خسمة أشهر، هذه الجملة جاءت في سياق بيانٍ أصدره الأزهر مواسيًا حكومة أبوظبي بمقتل 45 جندياً من الإمارات إثر استهداف الجيش اليمني لمعسكرهم بمنطقة صافر في محافظة مأرب وسط اليمن.

البيان الذي نعى فيه الأزهر وإمامه الشيخ أحمد الطيب مقتل الجنود حمل "خالص العزاء وصادق المواساة"، ليس إلى الشعب اليمني، بل "إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها"، بيانٌ ليس إلى الشعب الذي يُقتَلُ أطفاله وتُدَمَّرُ بيوته، بل إلى المعتدين والقاصفين، هذا البيان الذي أصدره الأزهر يُظهر الإمارات وحليفتها السعودية في موقع الدفاع عن اليمن والتضحية حفاظًا على وحدته واستقراره، ولكن خلال الشهر الأول من العدوان السعودي الإماراتي وثقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، مقتل ما يزيد عن 115 طفلا على الأقل بالإضافة إلى 172 آخرين تعرضوا لإصاباتٍ وتشوهات، هذا في شهرٍ واحد، فكم أصبح عدد الأطفال الشهداء بعد خمسة أشهرٍ من العداون؟! وماذا عن النساء والمدنيين الأبرياء!؟

عجباً، فالأزهر يتألم لمقتل جنودٍ شهروا السلاح على اليمن وهجموه، قصفوا البيوت والمدارس ولم يرتدعوا! عجبًا فطيلة الخمسة أشهر الماضية لم نشهد أيّ بيانٍ من الأزهر يعزي فيه الشعب اليمني بأطفاله ونسائه، ولكن في أكثر من مناسبة صدرت عنه بيانات نعى فيها مقتل جنود الدول المتحالفة ضد شعب اليمن وأرضه، واللافت أن جنود الإمارات الذين نعاهم بيان الأزهر الأخير قُتلوا داخل اليمن، أي أنهم "معتدون" وفق كل المعايير الأخلاقية والقوانين الدولية، في حين أن مدنيي اليمن وأطفاله ونسائه يتعرضون للموت كل يومٍ، ولكن يبدو أن الأزهر لم يعد يعترف بإنسانيتهم.

ماذا يعني أن يُقَدِّر الأزهر في بيانه "مواقف دولة الإمارات وتضحياتها من أجل أمتها العربية والإسلامية"!؟ فهؤلاء لمن يضحون إذا كان الشعب اليمني هو ضحية حملاتهم!؟ هل يضحون من أجل تنصيب حاكمٍ أرادته السعودية ورفضه اليمنيون!؟ هل أصبح الأزهرُ وإمامُه حلفاءَ الحكام وأعداءَ الشعوب!؟ وهل العدوان على اليمن يخدم غير السعودية ومن تحالف معها!؟

ماذا عن أطفال سوريا الذين يهربون من سكين تنظيم داعش الإرهابي ليُذبحوا بسكاكين "اللامبالاة" التي يشحذها العرب والغرب!؟ ألا يستحقون بيانًا!؟ ألا يستحق أكثر من 400 طفل وامرأة سورية راحوا ضحية إرهاب داعش وصمت العالم بيانًا!؟ وماذا عن مجزرة سبايكر في العراق!؟ ألا يستحق الفارون من الموت الداعشي بيانًا يطالب الجيران "العرب" بفتح الحدود أمامهم حتى لا يلاقوا مصير الموت على الشطآن!؟ ما سر السكوت هنا والتكلم هناك!؟

وهل أصبح الأزهر يشجع على الحروب العربية - العربية!؟ وهل بات الخيار العسكري حلاً لـ"إعادة الأمل" كما وصف بيان الأزهر العدوان على اليمن!؟ أوليس على الأزهر أن يشجع على الصلح ويدعو إلى المحبة والسلام استجابةً لقوله تعالى "فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا"!؟ وهل ستنشر قنابل الطائرات السلام في اليمن!؟ وهل الصواريخ والقذائف ستُحِلُّ السلام وتحيي الديمقراطية!؟ أولم يدرك الأزهر إلى الآن أن أهل اليمن هم فقط من يستطيعون حل أزمتهم، والحرب ليست إلا وسيلةً لتدمير البلاد وقتل العباد!؟

رغم كثرة التساؤلات والانتقادات لا يَسَع إلا التأكيد على أنه لا يصح من الأزهر أن يتخذ هكذا مسار ويقف إلى جانب المعتدين الغزاة، بل عليه أن يمارس دوره في مساندة الشعوب المظلومة وحمايتها، وأن لا يخضع لضغوط الحكام والدول، فهكذا مواقف تضع الأزهر أمام مخاطر فقدان الشعبية في العالم العربي فضلاً عن العالم الإسلامي، ناهيك عن أن الأزهر بوقوفه إلى جانب الحكام بدل الشعوب يكون قد وضع مكانته رهن المعادلات السياسية والتي من المؤكد أن النصر فيها سيكون من نصيب الشعوب المظلومة، وسيأتي اليوم الذي تسقط فيه أقنعة الحكام وداعميهم ويحق الحق ويزهق الباطل.

الوقت