إغلاق "مسجد الحسين(ع)" رسالة وهابية الى الشعب المصري

إغلاق
السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٧:٥٤ بتوقيت غرينتش

في اجراء غير متوقع وغير مبرر وغير ضروري ومثير لمئات علامات الاستفهام حول اسبابه و دوافعه ، قررت مديرية أوقاف القاهرة التابعة لوزارة الأوقاف المصرية إغلاق مسجد الإمام الحسين عليه السلام بالقاهرة من يوم الخميس حتى يوم السبت ، “منعًا للمظاهر التي تحدث يوم عاشوراء وما يمكن أن يحدث من طقوس وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مشكلات” ، حسب ما جاء في بيان نشرته الوزارة ، التي اكدت انها “ستتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاه أي تجاوز يحدث في هذا الشأن”.

المعروف ان مسجد الامام الحسين (ع) ، الذي يضم راس الامام الحسين (ع) ، وفق بعض الروايات ، يعد مزارا لملايين المصريين الذين يعتنقون المذهب الشافعي وعلى علاقة ود ومحبة لال النبي (ص) وخاصة الامام الحسين (ع) ، ويشهد عادة مراسم تقام في يوم عاشوراء ، ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) ، وكان دور السلطات المصرية ينحصر في مراقبة ما يجري دون ان تتدخل ، لاسيما ان هذه المراسم تجري في اجواء هادئة بعيدا عن الصخب والتحريض، ولكن قرار وزارة الاوقاف هذا العام في اغلاق ابواب المسجد امام المصريين ، اثاراستياء شعبيا واسعا وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي للمصريين بالاف التعليقات التي ادانت هذا العمل ، البعيد كل البعد عن المسؤولية الدينية والوطنية.

كان افضل رد على قرار اغلاق مسجد الحسين ، جاء من الدكتور أحمد راسم النفيس، القيادي الشيعي المصري، عندما وصف القرار بانه “عشوائي وغير منطقي، وليس له أي دافع. ولا يمكن أن يكون هذا القرار رد فعل، فلم تكن هناك نية لدى الشيعة في مصر بإقامة أية فعاليات للاحتفال بعاشوراء” بالشكل الذي تتخوف منه السلطات المصرية وتتخذه ذريعة لاغلاق المسجد.

كما لم يفت النفيس في رده الى الاشارة إلى غياب دور الأزهر “كمؤسسة جامعة لكل أطياف المسلمين. يكثر الكلام عن تجديد الخطاب الديني، لكن الأزهر اختار أن يتخندق لصالح فريق واحد، وتخلى عن أي دور لتوحيد المسلمين. وهذا دليل على اختراق الفكر الوهابي للأزهر، وانتشار الخطاب الداعشي. وهو أمر ليس بجديد على أية حال”.

رد الدكتور النفيس كشف عن مضمون الرسالة، وكذلك الجهة التي ارسلت اليها ، لقد بدى واضحا ان قرار اغلاق مسجد الحسين (ع) في ذكرى استشهاد الحسين (ع) ، اُتخذ بارادة وهابية واضحة ، في ظل موقف ازهري ضعيف الى درجة الاستسلام ، وهذا بالضبط هو مضمون الرسالة ، مضمون يكشف عن ان اللاعب “الديني” الاقوى والذي يفرض نفسه على المشهد المصري ، هو الجماعات الوهابية التي ترفع زورا لواء الدفاع عن السلف والتوحيد ، بينما تأتمر باوامر وهابية سعودية دون اي اعتبار للمصلحة المصرية العليا والنسيج الاجتماعي المصري والثقافة المصرية ، كما يكشف عن الدور ، الذي بات سلبيا ، للازهر في كل ما يخص الفتنة الطائفية التي تحاول الوهابية زرعها في المجتمع المصري ، وهو دور بدأ يتناغم مع الموقف الوهابي المتخلف الى الحياة والاخر ، لاسيما من اتباع اهل البيت عليهم السلام وباقي الاقليات القومية والمذهبية والدتية في مصر.

اما الجهة التي ارسلت لها الرسالة ، فكانت الشعب المصري ، الذي حاولت الرسالة الموقعة بتوقيع وهابي واضح ، ان المجتمع المصري لا يملك من خيار الا اختيار الرؤية الوهابية المتخلفة والمتخشبة والعنيفة والمتطرفة للدين ، الامر الذي يؤكد ان المجتمع المصري مقبل على تطبيقات عملية للسيناريو السوري ، اذا لم يتم وقف هذا الاندفاع والصلف الوهابي ، المدعوم بالامكانيات السعودية ماليا واعلاميا.

اخيرا على الازهر والنخب الدينية الاخرى في مصر ، ان تنقذ مصر من السقوط في السيناريو السوري ، قبل ان يتخذ الشعب المصري بنفسه ، موقفا حازما من الازهر نفسه وكذلك باقي المراجع الدينية ، كما يقف الان من الوهابية والتدخل السعودي في شؤون مصر ، عبر الاعلام والصحافة المصرية ، وهو موقف مشرف يعكس مدى فطنة وذكاء الشعب المصري.

ان على وزراة الاوقاف المصرية ان تعرف جيدا ان مسجد الامام الحسين (ع) الذي يحتضن راس الحسين(ع) ، ليس للشيعة فقط ، بل هو لعموم المسلمين ، عدا الوهابية التي نشك كثيرا وكثيرا جدا بانتمائها للاسلام ، فهي للصهيونية اقرب ، بل هي صنو الصهيونية ، وفي مقدمة هؤلاء المسلمين ، الشعب المصري العظيم ، اصحاب القراءة المتسامحة والمعتدلة والمتزنة والعقلية للاسلام ، فمثل هذا الشعب لن يقبل ان تلوث الوهابية اسلامه ، ومن المؤكد انه سيضع كل من يتخذ موقفا في مصر ، يستشف منه رائحة فتنة طائفية ، في خانة واحدة مع الوهابية.

* نبيل لطيف / شفقنا