انتفاضة القدس..

"إسرائيل" تستعدّ لهبَّة فلسطينية طويلة الأجل.. وأثمان باهظة

السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٨:١٩ بتوقيت غرينتش

دخلت الهبَّة الشعبيَّة الفلسطينية وانتفاضة القدس أسبوعها الرابع من دون أن تظهر في الأفق أيّ آثار حقيقية لإجراءات "إسرائيل" القمعية والاحترازية على حدٍّ سواء.

وجسب موقع السفير، فقد تواصلت عمليّات الطعن وإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة في أكثر من مكان، إذ بدَّدت ما حاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلقه من ردع وتخويف الفلسطينيين بهدم البيوت وإغلاق الأحياء وتشديد العقوبات. وبدا واضحاً أنَّ مساعي الأسرة الدولية للتدخل في المنطقة بقصد استعادة الهدوء، تصطدم بعقبات جديّة لعلَّ أهمَّها أنَّ الجمهور الفلسطيني لن يقبل بأقلّ من تراجع "إسرائيل" عن إجراءاتها في الحرم خصوصاً، وفي القدس عموماً.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أنَّ الصدامات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي تزايدت في عدة أماكن في الضفة الغربية المحتلة، وعلى السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، ما أدى إلى وقوع إصابات بالمئات. وفي المواجهات قرب بيت إيل في رام الله، أصيب جندي إسرائيلي بجروح. كما نفَّذ فلسطيني عملية طعن قرب تجمع مستوطنات «غوش عتسيون» في جنوب القدس المحتلة، ما أدَّى إلى إصابة جندي إسرائيلي، قبل أن يطلق جنود آخرون النار عليه. وهاجم يهودي يهودياً آخر في القدس بقضيب حديدي، ظناً منه أنَّه عربي.
وكتب المعلق العسكري لـ «هآرتس»، عاموس هارئيل، أنَّه في الأسبوع الثالث للهبَّة «غدا كلّ مكان أرضاً معادية»، وكان يقصد تماماً انتقال أعمال المقاومة إلى داخل الخطّ الأخضر إلى جانب استمرارها في الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية المحتلة. وأوضح أنَّ الجهد والاستعداد اللذين أظهرتهما المؤسسة الأمنيّة الإسرائيلية في الضفة الغربية، حال دون أن يصل العنف من هناك إلى المدنيين الإسرائيليين. ولكن ذلك لم يحل دون تفاقم الكراهية بين العرب واليهود، والتي قادت إلى رفع منسوب الريبة داخل إسرائيل تجاه كل من يمكن أن يبدو عربياً.
ومن الواضح أنَّ للانتشار الإسرائيلي المكثّف في الأراضي المحتلة أثماناً ستضطر "إسرائيل" لدفعها لاحقاً، إن لم تكن تدفعها الآن. ومن بين هذه الأثمان أنَّ الذعر والريبة صارا يشلّان مرافق معينة، ويقودان تالياً إلى خسائر بشريّة، كما جرى مع عمليات طعن وإطلاق نار من يهود على يهود ظنّاً بأنَّهم عرب. ولكن لا يقلّ أهميّة عن ذلك، واقع أنَّ استمرار الهبَّة يحرم الجيش الإسرائيلي من إمكانيَّة مواصلة تدريباته الاعتيادية، ويجرّه إلى روتين يصعب الخروج منه.

نوايا صهيونية بتجنيد قوات احتياط كبيرة إن لم تتوقف الانتفاضة

ويزداد القلق في صفوف قيادة جيش الاحتلال نظراً للتقديرات باحتمال نشوب صراعات عسكرية كبيرة في المنطقة، تخشى إسرائيل ألَّا تكون مستعدة لمواجهتها. ولأنَّ التقديرات صارت تتحدَّث عن هبَّة طويلة الأجل، فإنَّ الإحساس بالخسارة في صفوف الجيش صار خانقاً. والحديث يدور عن استعداد لاستدعاء جزء من القوات الاحتياطية، إذا استمرت الهبَّة حتى كانون الأول المقبل.

ويشير المعلَّق العسكري للقناة العاشرة، ألون بن دافيد، في مقالة نشرها في «معاريف» إلى أنَّ وقتاً طويلاً سيمرّ قبل أن تبدأ الهبَّة في التراجع. وأوضح أنَّ تجارب الماضي الإسرائيلية مع الفلسطينيين، بيَّنت أنَّ الوضع يحتاج إلى سنوات قبل أن يعود مارد الانتفاضة أو الهبَّة إلى القمقم. وكتب أنَّ الجيش الإسرائيلي عزَّز، مع بدء الهبَّة، قواته في الضفة الغربية، بحوالي 11 كتيبة نظاميّة، بعضها على حساب التدريبات. ويقول إنَّه ليس في وسع الجيش الاحتفاظ بهذه القوات من دون أن يلجأ إلى تجنيد رجال الاحتياط، وهو ما يزيد الأعباء المالية على إسرائيل. وبعد أن يعدد الكثير من الأعباء العسكريّة والسياسية والأمنية، يتساءل: هل يمكننا أن نتعوّد على هذا الوضع الجديد؟ ويرد بالإيجاب. وفي نظره، فإنَّ هذا لا يعني القبول بالعيش في ظلّ الإرهاب، ولكنه يعني أنَّ الأمور ستطول.

واستشهد 54 مواطناً فلسطينياً، وأصيب الآلاف بجراح وحالات اختناق، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس، منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بينهم 12 طفلاً، وسيدة حامل، وأسير بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وتشهد الأراضي الفلسطينية وبلدات في 1948، منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال، اندلعت بسبب إصرار مستوطنين يهود على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة جيش الاحتلال وشرطته.