لم ننصر المصلح الأكبر فباتت الكلاب تحرس جثثنا

لم ننصر المصلح الأكبر فباتت الكلاب تحرس جثثنا
السبت ٢١ نوفمبر ٢٠١٥ - ١١:١٦ بتوقيت غرينتش

استوقفني خبر، اعتقد انه يلخص عصر “داعش” والمجموعات التكفيرية، بكل دمويته وعبثيته. يقول الخبر كما نقلته وسائل اعلام تونسية، ان “جهاديين” قاموا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، بذبح مبروك السلطاني (16 عاما) الذي كان يرعى الغنم مع شكري ابن عمه (14 عاما)، قرب جبل مغيلة (وسط غرب)، ووضعوا رأسه في كيس سلموه للأخير وطلبوا منه إيصاله الى عائلته.

وعندما عاد شكري إلى المنزل ومعه الرأس المقطوعة كانت الصدمة كبيرة في قرية “دوار سلاطنية” التي تتبع معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب)، واضطرت عائلة الراعي المقتول للاحتفاظ برأسه المقطوعة ليلة كاملة في ثلاجة المنزل في انتظار قوات الامن التي حلت في اليوم التالي.
محمد شقيق الفتى المذبوح مبروك قال لتلفزيون “نسمة” التونسي الخاص:”اتصلنا بهم (اي بقوات الامن) الساعة الخامسة بعد الظهر فقالوا لنا “لن نصعد الى الجبل” .. وتساءل : هل انتم خائفون؟”.
واضاف محمد المفجوع بشقيقه : “لاول مرة في التاريخ تبيت رأس إنسان ليلة في الثلاجة وبقية جثته في الجبل .. أيُعقل هذا؟”.
وغداة ذبح مبروك السلطاني، جازف افراد من عائلته بالصعود الى الجبل بحثا عن جثته التي وجدوها وكلاب الراعي تحرسها.
بالرغم من ان مثل هذا الخبر لم يعد يسترعي انتباه البعض كثيرا في عصر “داعش” والقاعدة وباقي التكفيريين، الذين صبغوا ايامنا بالدم، الا انه استوقف كاتب السطور لبعض تفاصيله، منها قول محمد شقيق المذبوح مبروك : “لاول مرة في التاريخ تبيت رأس إنسان ليلة في الثلاجة وبقية جثته في الجبل .. أيُعقل هذا؟” . اقول لمحمد، مع كل احترامي وتعاطفي، نعم يُعقل، فهناك رؤوس لا تعد ولاتحصى قطعت، خلال تاريخنا “الاسلامي” الطويل، ووضعت في اماكن، لا يمكن مقارنتها بالثلاجة التي وضعت فيها راس شقيقك.
يامحمد، ما كانت هذه الرؤوس لِتُقطع، لولا مرور المسلمين مرور الكرام من امام جريمة كبرى شهدها تاريخهم، تمثلت بقطع رأس من اراد اصلاح أمة محمد (ص) في العاشر من محرم من عام 61 هجرية.
يامحمد، راس ذلك المصلح لم يوضع في ثلاجة، بل وضع على رأس رمح طيف به من بلد الى بلد، والمسلمون يتفرجون. اتدري يا محمد، لمن هذا الراس، انه رأس سبط النبي الاكرم (ص)، الامام الشهيد الحسين بن علي بن ابي طالب (ع)، الذي اراد ان يقتلع بثورته جذور “الاسلام الاموي”، الذي سوقه معاوية وابنه يزيد للامة على انه اسلام محمد (ص)، لكي نحيا من بعده احرارا.
يا محمد، عندما ترى افعال احفاد امية اليوم في بلاد المسلمين، وهي افعال تأنفها حتى الوحوش الكاسرة، وانت رأيت بأم عينيك، كيف قطع هؤلاء راس اخيك، رغم انه لم يتجاوز 16 ربيعا، ورموا جثته في الجبال، بينما حرست الكلاب جثته، فهذا النوع من البشر ادمغتها محشوة بـ”اسلام معاوية ويزيد”، وهو “اسلام” جاهلي بامتياز، وما كانوا ليظهروا بيننا وينغصوا علينا حياتنا، لو استجاب اجدادنا لنداء المصلح الاكبر، الذي ادرك خطر هؤلاء على الاسلام والمسلمين، عندما اعلن باعلى صوته وحيدا في كربلاء : “هل من ناصر ينصرني ”، لكنهم وللاسف الشديد تقاعسوا ولم ينصروه، كما تقاعسنا نحن اليوم عن السيرعلى نهجه، لذلك دفعوا ودفعنا ثمن هذا التقاعس، حتى باتت الكلاب تحرس جثثنا.

منيب السائح / شفقنا