بيان حركة احرار البحرين الاسلامية:

البحرانيون يتطلعون للتغيير ويرفضون الطغاة

البحرانيون يتطلعون للتغيير ويرفضون الطغاة
الجمعة ٢٥ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٢:٥٩ بتوقيت غرينتش

أصدرت حركة احرار البحرين الاسلامية بيانا لها اليوم الجمعة اكدت فيه ان امة العرب والمسلمين مازالت وبعد مرور عام آخر تئن تحت وطأة جراحها وآلامها. الطغاة ثابتون في مواقعهم، وعالم النفاق يدعمهم بلا حدود".

واضافت الحركة فثي بيانها "هذه الامة تودع عامها بمعنويات تختلف كثيرا عما كان يختلج في نفوسهم قبل خمسة اعوام. يومها كانت نيران الثورة التي اشتعلت بدماء الشهيد محمد بوعزيزي تتصاعد واعدة باستئصال انظمة الطغيان والاستبداد.

تفاعلت شعوب الامة مع المشاعر التي دفعت بوعزيزي لحرق نفسه لكي ينير الدرب للآخرين، فينطلقوا في ثورات عارمة تطيح بانظمة القمع والفساد.

كانت عاصفة الغضب تزيد ذلك اللهب اشتعالات، فاذا بتونس تثور ضد طاغيتها، ومصر تتحدى جلادها، واليمن تستهدف ديكتاتورها وليبيا تنتفض لاسقاط طاغوتها، والبحرين تثور لاستئصال الحكم العائلي المتسلط بعنفوان وامل. لم يحدث قبل ذلك ان هبت شعوب امتنا في انطلاقة واحدة بهدف اقتلاع انظمة الاستبداد بدون خوف او وجل.

كان الحب جامعا لتلك الشعوب، يتعاطف كل منها مع الآخر، متمنيا له النصر. عشق الحرية وحّد الجميع ودفعهم لثورات متعددة بهدف واحد، الغاء عقود من الاستبداد والديكتاتورية والظلم.

لقد عاشت تلك الشعوب تحت وطأة الديكتاتورية عقودا، واكتظت سجون بلدانها بفلذات اكبادها الباحثين عن الحرية والمتمردين على الطغاة.

ولم يكن ذلك المرة الاولى، بل سبق ذلك ما حدث في الثمانينات من القرن الماضي حين اندفعت تلك الشعوب بقوة العاطفة والرغبة في التغيير مدفوعة بالحماس الذي اوجدته رياح الثورة الاسلامية في ايران التي اسقطت في فبراير 1979 عرش الطاووس المدعوم من اميركا.

لم يكن للتمايز المذهبي دور في ما كان يبدو ثورة تغييرية واسعة كادت تنطلق في كافة انحاء العالم العربي، ولكن سرعان ما اجهضت بوسائل شبيهة للوسائل التي استخدمت هذه المرة. فقد تفاعلت كافة الفصائل مع مشروع التغيير خصوصا بعد ان انتصر الشعب الايراني على عرش الطاووس واقامت اول منظومة سياسية معاصرة. وكان بامكان تلك الشعوب مواصلة المشوار لولا التدخل الاجرامي من قبل الثورة المضادة والاجهاز عليها وكسر معنويات شبابها بأوحش الاساليب.

لكن قوى الثورة المضادة كانت لها بالمرصاد. فقد عقد رموزها اجتماعات متواصلة بعد ان امتصوا الضربة الاولى بالانحناء امام العاصفة. تجمعت كافة الخبرات الامنية لدى تلك القوى لتوحد موقفها في خطة متكاملة بهدف واحد: اجهاض كافة الثورات ومنع التغيير واستئصال عناصر التحرك خصوصا النشطاء المنتمين لاتجاهات محسوبة على تيار "الاسلام السياسي".

اجتمع اعداء الشعوب على موقف غير اخلاقي يستهدف الشعوب ويقضي على تطلعاتها في التغيير. وضعت السعودية امكاناتها المالية الهائلة تحت تصرف خبراء الامن الاسرائيليين والبريطانيين والاميركيين ليضعوا خطة التصدي لتلك الثورات، وفق خطة محكمة الغت من قاموسها الاخلاق والقيم والمبادىء وركزت على امر واحد، ليس اجهاض الثورات فحسب، بل تلقين الامة درسا يستعصي على النسيان.

وهنا استخدم التحالف الطاغوتي الذي تقوده السعودية أقذر الاسلحة لقصم ظهر هذه الامة التي اثبتت بثورات شعوبها قدرتها على لملمة شملها على طريق الحرية، وكسر روح التغيير لدى شبابها.

وهنا طرحت المسألة الطائفية عنوانا للمرحلة، وسلاحا ضد قوى الثورات التغييرية. بدأ استخدام ذلك السلاح القذر ضد شعب البحرين اولا، فقيل انها ثورة "شيعية" فاحتدم الصراع المذهبي وتحول صراع الشعوب ضد الطغيان الى صراع مذهبي بمشاركة اعداد كبيرة من شباب الامة الذين اثيرت في نفوسهم المشاعر الجاهلية التي تميز بين ابناء الدين الواحد وفق خطوط التمايز المذهبي.

انه السلاح الاكثر قذارة وخسة واجراما، ففي الوقت الذي تعاني الامة فيه من حالة ضعف نتيجة التمزق الداخلي، تم ترويج المشروع الطائفي وكأنه قدر لهذه الامة لا تستطيع الانفكاك منه. مع ان حالات الصحوة التي شهدتها الامة سابقا كانت تنطوي على حالة وعي تحول دون نجاح مشاريع التجهيل او التضليل. فأمة العرب والمسلمين تتفاعل ايجابيا مع حالات النصر في اي مجال: سواء اسقاط نظام طاغوتي كنظام الشاه، ام انتصار مجموعة مقاتلة على قوات الاحتلال الصهيونية.

وما شهدته عواصم الدول العربية في الشهور الاولى التي اعقبت انتصار الثورة الاسلامية في ايران او الانتصار العسكري لحزب الله على الصهاينة او صعود نجم المجاهدين الافغان بهزيمة الجيش الروسي، كل ذلك من بين اسباب النشوة والزهور والشعوب بالكبرياء والكرامة.

ولذلك تمر الذكرى الخامسة لثورات الشعوب العربي وهي تئن تحت وطأة الخذلان الغربي وعداء النظام الرسمي العربي. هذه المرة كان ثمن الثورة باهظا ونتائجها مخيفة في كثير من الاحيان. فما تعاني سوريا منه وكذلك ليبيا واليمن والعراق، وكذلك مصر وتونس والبحرين، انما هو نتيجة الحرب غير المسبوقة التي شنتها قوى الثورة المضادة بقيادة السعودية على شعوب المنطقة الباحثة عن الحرية والتغيير.

انه ثمن باهظ فرضته الرياض على الامة مستخدمة الاختلافات المذهبية التي تعايشت الامة معها قرونا، وقودا لثقافة الموت التي بثتها المجموعات المسلحة التي انطلقت في بغداد باجندة طائفية واضحة.

سقط الآلاف من الضحايا وحدثت حروب ما تزال مستمرة، وخسرت البلدان بها الكثير من ابنائها وممتلكاتها المادية، بالاضافة للهزيمة الاخلاقية التي منيت بها النخب الدينية والفكرية التي استدرجت للمشروع الطائفي فسقطت فيه وغاصت الى الركب.

انها مشكلة مزدوجة، فهي لا تهدف لضرب السنة بالشيعة فحسب، بل لضرب مشروع الاسلام السياسي برمته. فهو استهداف لايران كرائدة لذلك المشروع في جانبه العملي، وللحركات الاسلامية المعتدلة خصوصا الاخوان المسلمين في العالم السني.

وهذا ما حدث فبعد ان التحق بعض العلماء والكتاب والمثقفون بالمشروع الطائفي، اصبحوا انفسهم مستهدفين من قوى الثورة المضادة. ففي ذروة الاحتقان الطائفي الناجم عن صعود مجموعات التطرف والارهاب خصوصا "داعش" بدعم خليجي مكشوف، نفذ عسكر مصر انقلابهم الدموي على حكم الاخوان ممثلاً بالرئيس المنتخب محمد مرسي، بعد ان شوهت سمعته في كافة الاوساط باستدراجه لسياسات غير موفقة استعدت الآخرين خصوصا المسلمين الشيعة.

وكانت ردة فعل الاخوان تجاه السعودية هشة جدا، الامر الذي ساهم في تكريس النفوذ السعودي وتشجيعه عل التظاهر بقيادة المشروع السني في المنطقة. ولم يخف السعوديون تحالفهم الوثيق مع الاسرائيليين، سواء في ضرب الاخوان ام التخطيط ضد كافة الثورات العربية ام بث المشروع الطائفي ام دعمهم العسكري والامني في الحرب على اليمن.

وفي الشهر الماضي اقدمت السعودية على مشروع آخر يمثل آخر حلقات استهداف الاخوان، وذلك باقتلاع وجودهم الفكري على الساحة السعودية، فصدر امر بسحب كتب مفكري الاخوان مثل الامام حسن البنا وسيد قطب ومحمد قطب وابو الاعلى المودودي ويوسف القرضاوي.

واتضح الآن ان القرضاوي استخدم لدعم المشروع الطائفي ليكون ذلك مقدمة لضربه شخصيا والقضاء على نفوذه الفكري. ولم ينبر احد للدفاع عنه او بقية رموز الاخوان الذين استدرجوا لدعم المشروع السعودي، بعلم او باستغفال، فلما سقطوا لم تذرف الدموع عليهم من احد.

ثورة البحرين، كانت الوحيدة التي تواصلت فصولها على مدى خمسة اعوام بدون مساومة على المباديء والاخلاق، بل بتصميم على تحقيق التغيير وان ادى ذلك للمزيد من الاستشهاد والتنكيل. فلم تتوقف يوما برغم التضحيات الكبيرة والنعت المتواصل بهويتها المذهبية.

السعودية قامت بتسويق عدوانها على البحرين واحتلالها المستمر منذ قرابة الخمسة اعوام بتلك النعوت وقامت بتعبئة المغفلين والعملاء للنيل من مصداقية ثورة شعبنا وتبرير العدوان والاحتلال والتدخل. فماذا كانت النتيجة؟ ربما استطاعت السعودية ترويض الثورات الاخرى، وحولت بعضها الى عنف متواصل، ولكنها فشلت في التأثير على ثورة شعب البحرين المظفرة بعون الله تعالى. بل ان الثورة تزداد عنفوانا برغم القمع والسجن والتعذيب واحكام القتل وسحب الجنسية، فالشعب اليوم اكثر رفضا للحكم الخليفي واشد اصرارا على اسقاطه ورفض التعامل معه.

صحيح ان بعض الاصوات تصدر بين الحين والآخر داعية للحوار، ولكن الشعب لن يسمح بتكرار تجربة العقد الماضي بمرارته ونتائجه الكارثية. الامر المؤكد ان الشعب ينهي العام الميلادي ويثبت للعالم انه لن يبارح الساحات ولن يقبل بأقل من سقوط الحكم الخليفي وخروج المحتل السعودي. سيستمر ذلك حتى يتحقق له ما يريد، بعون الله وصمود الجماهير، والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار،  واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين".

حركة احرار البحرين الاسلامية
25 ديسمبر 2015