ومن بين الاحداث السياسية والامنية التي رافقت المشهد العراقي لعام 2015.. كان تحرير تكريت من سيطرة جماعة داعش الارهابية، فعلى مدى شهر من القتال والمحاصرة لمركز محافظة صلاح الدين تكريت تمكنت قوات الحشد الشعبي والقوات المساندة لها من فك اسر المدينة، لتكتشف بعد ذلك المقابر الجماعية لضحايا قاعدة سبايكر في منطقة القصور الرئاسية، ناهيك عن العثور على الموقع الشهير لارتكاب اكبر مجزرة بحق الف وسبع مئة مقاتل عراقي من الجيش قرب نهر دجلة.
لكن القوات الامنية العراقية لم تتوقف عند هذا الحد، فراحت تبسط سيطرتها في شرق العراق عند محافظة ديالى، هي الاخرى طهرت بالكامل من سطوة عناصر داعش الارهابية، ومن اقصى شرق العراق الى شماله فالانتصار الكبير في قضاء بيجي التي تمثل الخطوط الدفاعية الاولى بالنسبة لمحافظة الموصل معقل التنظيم الارهابي، واستمرت القوات العراقية تقدما وصولا الى الشرقاط وجبال مكحول وفرض حصار عليها.
في الاثناء شرعت القوات الامنية والحشد الشعبي بعملية واسعة النطاق انطلقت من شرق الانبار وجنوبها لمحاصرة قضاء الفلوجة اهم وابرز معاقل التنظيم الارهابي في هذه المحافظة، حيث احرزت القوات العراقية تقدما على ارض الواقع بتحريرها منشأة المثنى وصولا الى الجسر الياباني والصقلاوية غرب الفلوجة، لتبدأ بفرض حصار مطبق على القضاء من الاتجاهات الاربع.
ومع سخونة المشهد الامني في العراق، فالمشهد السياسي ايضا كان في اقصى درجات الغليان عندما انطلقت تظاهرات شعبية في اغلب محافظات العراق تطالب بالاصلاح السياسي وتوفير الخدمات، في الاثر دخلت المرجعية الدينية لتعلن دعمها وتأييدها لمطالب المحتجين وتطالب الحكومة باجراء اصلاحات سياسية وادارية ومحاربة الفساد.
وما هي الا ايام معدودات استجابة الحكومة للضغط الشعبي والمرجعية الدينية لتعلن عن سلسلة اصلاحات كان ابرزها الغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء وتقليل المخصصات المالية لكل الدرجات الخاصة وتقليص افراد الحماية للمسؤولين والسياسين، ناهيك عن حزمة اصلاح جديدة تمثلت بترشيق وزاري بألغاء وزارات ودمج اخرى ببعضها البعض الاخر، ليصبح اعضاء مجلس الوزراء 23 عضوا بعد ما كان اربعة وثلاثين، فكل هذه الاصلاحات تحدثت عنها الحكومة وهي من اجل تقليل النفقات لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة، فالظرف الاقتصادي الذي يمر به العراق بات يشكل ضغطا كبيرا على الحكومة في توفير السيولة النقدية بسبب انخفاض اسعار النفط واعتماد العراق على هذا القطاع في ادارة شؤون الدولة.
هذا الواقع الاقتصادي والتحدي الامني الكبير المتمثل بمواجهة داعش، طمع دول اقليمية للتدخل بشأن العراق فبمساعدة من السلطات الكردية في كردستان ومحافظ نينوى السابق اثيل النجيفي، فتوغلت قوات تركية بمئات الجنود المدججين بالاسلحة الثقيلة والدبابات والمدافع الى محافظة الموصل لتستقر عند معسكر زليكان في قضاء بعشيقة، لكن هذا التوغل التركي جوبه برفض شعبي ورسمي واسع، ففي العاصمة بغداد خرجت تظاهرات حاشدة تطاب القوات التركية بالانسحاب من العراق وعلى الفور.
وبهذا الخط التصعيدي قدم العراق شكوى رسمية لدى مجلس الامن الدولي عن التوغل التركي، فالعراق بقى في ضغطه الدبلوماسي مستمرا على تركيا الى حين اعلانها الانسحاب استجابة لدعوة الرئيس الامريكي باراك اوباما، غير ان كل المعطيات الواقعية تشير الى عكس ذلك تماما، فالقوات التركية مازالت حتى الان في مواقعها وكل ما فعلته هو اعادة انتشار ليس الا، حيث صرح مسؤوليها وفي اكثر من مناسبة ان القوات التركية لن تنسحب من العراق حتى تحرير الموصل.
ووسط هذه الاجواء، بدأت القوات العراقية عملية عسكرية لاستعادة مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار، حيث احرزت تقدما ملحوظا في السيطرة على الكثير من الاحياء، ويعتبر عام الفين وخمسة عشر عام اندحار "داعش" وانحسار سيطرته على ما نسبته سبعة عشر بالمئة بعدما كان يسيطر على اربعين بالمئة وهو امر لا شك يحسب للقوات الامنية العراقية وفصائل الحشد الشعبي.
FF-02-20:35