الشهيد النمر والشهيد الصدر وحتمية إنتصار الدم على السيف

الشهيد النمر والشهيد الصدر وحتمية إنتصار الدم على السيف
الأحد ٠٣ يناير ٢٠١٦ - ٠٧:١٢ بتوقيت غرينتش

لا يمكن ادراج جريمة اعدام العلامة الشيخ نمر باقر النمر التي ارتكبتها السلطات السعودية، الا في خانة السياسة اللامسؤولة التي تنتهجها السعودية على الصعيدين الداخلي والخارجي، والتي تسببت بكل هذه الفوضى التي تضرب السعودية والمنطقة برمتها، انطلاقا من نزعة قبلية ثأرية تؤطر هذا السياسة، وتحول دون الاصغاء الى صوت العقل او النصيحة.

طريقة الاعلان عن اعدام الشيخ النمر، كانت بحد ذاتها، دليلا على مظلوميته، ودليلا اكبر على استبداد الجهات التي نفذت هذه الجريمة البشعة، فقد تفتق العقل الامني السعودي عن خطة اعتقد انها ستغطي على الجريمة النكراء او تقلل من وطأتها، وذلك عندما اُدرج اسم الشيخ الشهيد في قائمة تضم عشرات المعتقلين الذين ينتمون الى تنظيمات تكفيرية، نفذوا العشرات من الهجمات المسلحة ذهب ضحيتها المئات منذ عام 2003، ولكن شاءت الدماء الطاهرة للشيخ الشهيد، ان تفضح هذه الخطة السعودية، للتناقض الصارخ في العقيدة والمكانة والممارسة والاهداف، للاسماء التي ضمتها قائمة المعدومين، فليس هناك اي قاسم مشترك بين الشيخ العلامة محمد باقر امين النمر وبين فارس الشويل الملقب بـ "أبو جندل"، بل ان الاخير يكفر ويدعو الى قتل الشيخ النمر والشيعة بشكل عام، عملا بالفكر الوهابي الذي يؤمن به.

اعدام الشيخ الشهيد ضمن مجموعة تضم عشرات التكفيريين، فضح اكثر النزعة الثأرية الغارقة في ظلمات الحقد، للجهات التي تقف وراءه، على اتباع اهل البيت (ع)، عبر استهدافها الصوت الاعلى المنادي بالعدالة والكرامة الانسانية لاتباع اهل البيت (ع)، والرافض لسياسات التمیيز والاقصاء والتكفير والعنف والتطرف والتخوين، التي تمارس ضدهم، فالشيخ الشهيد يمثل قمة شامخة في دنيا العلم والفقاهة، فعلى يدية تخرج المئات من طلاب العلوم الدينية، وله مكانة عالمية، وشعبية طاغية في المنطقة الشرقية من السعودية، وظل حتى اللحظة الاخيرة یطالب بالعدالة الاجتماعیة لاهالي منطقته، عبر الضغط بالطرق السلمية، من اجل اجبار السلطات السياسية والمؤسسة الدينية في السعودية، على الاعتراف بابناء المنطقة الشرقية كمواطنين من الدرجة الاولى، شأنهم شأن ای مواطن سعودی اخر، وكانت ومازالت أفكاره يستنير بها قطعات واسعة داخل السعودية، كما كانت ومازالت هذه الافكار موضع احترام واجلال خارج السعودية، بينما جُل الذين دسوا في قائمة المعدومين بهدف التغطية على جريمة اعدام الشيخ الشهيد، لم يكن لهم أي قبول حتى داخل اسرهم واصدقائهم .

ان جريمة اعدام الشيخ الشهيد، كشفت عن وجود ارادة سياسية داخل بعض اجنحة الاسرة الحاكمة السعودية، تعمل على تنفيذ اجندات صهيوامريكية، تسعى لجر المنطقة بأي شكل كان الى اتون حرب طائفية، لن تكون في حال وقوعها في صالح المنطقة وفي مقدمتها السعودية، والا ما هي الفائدة التي يمكن ان تجنيها السعودية من وراء اعدام شخصية دينية بارزة ذات شعبية واسعة داخل المجتمع السعودي كشخصية العلامة الجليل الشيخ النمر، الذي لم يحمل سوى الكلمة سلاحا في وجه هذه السلطات؟، الا يعتبر مثل هذا الاجراء، وفي مثل هذه الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة، صبا للزيت على النار؟، فهل استشعرت الجهات التي تقف وراء مخطط تقسيم المنطقة الى دويلات طائفية وعرقية متناحرة، لحاجتها الى اصطناع ازمة اخرى، لدفع المنطقة نحو الانفجار، بعد ان فشلت الازمات التي افتعلتها السعودية كغزوها للبحرين، وعدوانها على اليمن، ودعمها وتسليحها للجماعات التكفيرية في العراق وسوريا، واعلانها الحرب النفطية ضد ايران وروسيا، عن تحقيق هذا الهدف؟

عندما تحرض المؤسسة الوهابية، عبر ادبياتها ودعاتها ومنابرها وكتبها، على اعتبار الشيعة مشركين وتكفرهم وتستبيح دماءهم، وتطاردهم في كل اصقاع العالم، وتهدد في افراغ المجتمعات منهم، كما يحصل في افغانستان وباكستان والعراق وسوريا ولبنان واليمن والكويت ونيجيريا وغيرها، عبر مجاميع تكفيرية متنوعة الا انها تحمل الوهابية كعقيدة، فمن حق الانسان المنصف ان يتساءل، عما يعانية الشيعة داخل السعودية نفسها، وهنا فقط سندرك صعوبة وخطورة المهمة التي نذر من اجلها الشيخ الشهيد نمر باقر النمر نفسه، واسترخص من اجلها دمه، لكي يثبت للسلطات السعودية والمؤسسة الوهابية ان الشيعة مسلمون، ولابد ان يعاملوا باحترام.

امر في غاية البداهة فات السلطات السعودية، عندما اعتقدت انها ستضع حدا للحراك الشعبي الشيعي في السعودية المطالب بالعدالة والكرامة الانسانية، اذا ما اعدمت الشيخ النمر، فأمثال الشيخ ليسوا الا مدارس تشع فكرا يضيء الدرب لملايين الناس المطالبين بالحرية والكرامة، فموت هؤلاء قتلا، ستجعل الشعوب اكثر تمسكا بفكرهم ونهجهم، لذلك لن تحصد السلطات السعودية من جريمتها الكبرى بقتل الشيخ الشهيد النمر، إلا الكوابيس، وهو ذات الحصاد الذي جنته الطغمة الصدامية ونغص عليها حياتها، عندما ارتكبت جريمة العصر، بقتلها الفيلسوف الاسلامي الكبير الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر، الذي جسد مقولة انتصار الدم على السيف، كما جسدها جده الحسين (ع) في كربلاء.

ماجد حاتمي - شفقنا