إنشقاق سلفي حول إعدام "النمر".. وتشويه "الهلباوي" لدفاعه عنه

إنشقاق سلفي حول إعدام
الأربعاء ٠٦ يناير ٢٠١٦ - ٠٦:٤١ بتوقيت غرينتش

ظنت الغالبية في مصر والوطن العربي أن إعدام السعودية للشيخ نمر باقر النمر سيلقى ترحيباً بالإجماع عند السلفيين؛ بحجة أنه يخالف مذهبهم، وأنهم سيرفعون أسنة حداداً عليه وعلى من يؤيده. إلى أن ظهرت بوادر انشقاق في الرأي داخل صفوف السلفية حول ما فعلته السعودية، ما بين مؤيد ومعارض.

فسرعان ما استقبلت جمعية الدعاة في مصر المعروفة باسم "الدعوة السلفية"، التي يترأسها محمد عبد الفتاح أبو إدريس ونائبه ياسر برهامي، نبأ إعدام السعودية لـ "النمر" بالتهليل والتكبير، مهاجمين أي جانب ينتقد تلك الفعلة، أو يفكر في الهجوم على السعودية أو الإشادة بشخص "النمر" والتحدث عنه بسيرة طيبة.
كما أطلقت الدعوة السلفية وذراعها السياسي حملة ممنهجة، بإصدار تعليمات مباشرة لأعضائها بكتابة المقالات والتدوينات التي تصب في صالح السعودية، والمطالبة بقطع العلاقات مع إيران، وظلت الدعوة السلفية تبارك الإعدام، وتدافع عن السعودية، حتى خرجت الجبهة السلفية بمصر ببيان مفاجئ، أعلنت فيه رفضها للحكم الصادر من السعودية الذي قضى بإعدام 47 شخصاً من بينهم النمر!
وقالت الجبهة إن أحكام الإعدام الظالمة، التي نفذها نظام آل سعود "المجرم"، هي جريمة جديدة تضاف إلى سجلهم التاريخي في محاربة الإسلام والعلماء الصادقين، وإن النظام السعودي الذي ينفق على القتل والقمع ومحاربة الدين في مصر، لا ينتهج داخليّاً سوى نفس السياسات تحت أسماء خادعة، يستعملها لاستباحة الدماء والأموال والمقدرات والاستئثار بالحكم.
وأكدت الجبهة أن تلك الأحكام الصادرة من السعودية ما هي إلا أحكام مسيسة بشكل كامل، ولا يوجد قضاء شرعي في السعودية، إلا بعض شعارات وأسماء؛ للخداع وتبرير الظلم والقمع في ثوب الشريعة.
وأضافت أن النظام السعودي، الذي يدَّعي أنه يطبق حدود الشريعة من خلال نظامه القضائي، أفرج منذ مدة وجيزة عن بريطاني محكوم عليه بالجلد لحيازة الخمر، بعد وقوع النظام تحت الضغط البريطاني، مشيراً إلى أن ذلك ليس سوى مثال من وقائع كثيرة تشهد على أن الشريعة ليست لهم سوى غطاء ووسيلة لتحقيق غاياتهم السياسية.
وقال الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية: على المنتسبين للعلم والدعوة في السعودية، الذين يستغلهم النظام لشرعنة جرائمه، أن يراجعوا مواقفهم المخزية التي تجعل منهم شركاء في الجرم والظلم، لئلا ينحدروا في منزلق التوظيف في معركة تهدف أساساً لاستئصال الدين من المنطقة.
وأبدى سعيد تعجبه من الذين يُسوِّقون لجرائم النظام السعودي، ويتحدثون عن نزاهة قضائه، حيث إنه قائم على القمع والاعتقال والمنع، ولا تزال سجونه ممتلئة بالعلماء والدعاة الصادقين المعروفين المشهود لهم من الجميع ممن قالوا كلمة الحق في وجه آل سعود، أو رفضوا أن يكونوا من أدواته.
وأشار المتحدث باسم السلفية إلى أن سجون آل سعود يعيش فيها عدد كبير من المظلومين على مدار عشرات السنين، ويتعرضون لظروف سيئة في معتقلات غير آدمية، إضافة إلى العنت والقمع اللذين يلقاهما أهلوهم وذووهم. كاشفاً أن من يغيبهم النظام بالقتل والاعتقال إنما رفضون التدخل الأمريكي في أرض جزيرة العرب.
ودعا سعيد إلى الوقوف ضد نظام السعودية، الذي يحارب الدين بالمال والمؤامرات والقمع، ويفعل ذلك متستراً بعباءة الشريعة، ويستخدم المشروع السني في مواجهة الشيعة؛ لإحداث فتنة طائفية.
ليست الجبهة السلفية وحدها من أعلنت رفضها لما قام به النظام السعودي، بل إن الدكتور كمال الهلباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، ندد بما فعلته المملكة العربية السعودية، مستغرباً من وضع الشيخ النمر ضمن مجموعة تنتمي للقاعدة، قائلاً: النمر كان من أشد الناس ضدية مع فكر القاعدة والتشدد والغلو. جميع الأحرار في العالم كله سنة وشيعة وغير المسلمين يجدون أن هناك خلطاً كبير في الحكم الصادر بإعدام النمر.
وأضاف الهلباوي، في مداخلة مع قناة العالم، أن السعودية أقدمت على إعدام رجل يعمل بالحوار وله اتجاهات سلمية، فبدل أن تنظر إلى هذه الاتجاهات، وتحقق العدل فيها، تستقطع روح الحوار والسلمية، وحذر من أن تلك الواقعة سيكون لها أثر سلبي جدّاً على مستقبل السعودية، التي حشرت نفسها في اليمن وسوريا والعراق، وباتت تحت الهيمنة الأمريكية، وحاولت وتحاول أن تجر مصر إلى فخ الحروب الإقليمية.
واختتم القيادي المنشق بجماعة الإخوان حديثه قائلاً: أرجو أن تفهم الأمة أن العدو الحقيقي هو العدو الصهيوني، لا الشخص الذي يخالفني، وينتقد الأسرة الحاكمة أو أي حاكم، مندداً بما تقوم به السعودية، حيث تعدم كل شخص غير موافق على حكم الأسرة والملك.
هذا ولم يسلم الهلباوي من هجوم السلفيين، فقد شنت اللجان الإلكترونية لحزب النور والدعوة السلفية حملة ضده، عبر صفحات الحزب والدعوة العامة والسرية، وقامت بنشر فيديو لقائه على قناة العالم تحت عنوان "المتشيع الإخواني".
واتهمت تلك الصفحات كمال الهلباوي بتلقي أموال من إيران؛ نظير الخروج والدفاع عن الشيعة والتنديد بإعدام نمر النمر، وشن هجوم على السعودية، وقامت بنشر صور له أثناء زيارته إلى إيران.
وقال ناصر رضوان، عضو الدعوة السلفية، إن كمال الهلباوي مصري الأصل، وبريطاني الجنسية، وإخواني العقيدة، وإيراني الهوية، يُدين لإيران بالولاء، ويعود من إيران ومعه بضعة آلاف من الجنيهات الاسترلينية.

* البدري جلال ـ موقع البديل