نبل والزهراء... اقتراب الحسم

نبل والزهراء... اقتراب الحسم
الأربعاء ٠٣ فبراير ٢٠١٦ - ٠٥:٢٥ بتوقيت غرينتش

نبل والزهراء هما احدى نواحي منطقة اعزاز التابعة لمحافظة حلب، والتي تقع جغرافيا في الشمال الغربي من الجمهورية العربية السورية. تقع المدينتان في شمال محافظة حلب، وتبعدان عنها نحو 20 كلم على الطريق العام الذي يربط مدينة حلب بمنطقتي"اعزاز" و"عفرين" والذي سمي شارع "غازي عنتاب" وهو طريق دولي ذو اتجاهين. ولمدينة نبل مدخل خاص بها " أوتستراد " مشجّر ومُضاء، متفرع غربا من الطريق العام بطول 3 كلم، ويزين المدخلَ قنطرةٌ معمارية جميلة.

يتجاوز عدد سكان مدينة نبل حاليا 35000 نسمة وعدد سكان الزهراء حاليا 20000 نسمة فيهم نسبة كبيرة من الفئة العمرية الشابة، كمجمل السكان في سوريا.
مع بدء دخول عناصر المجموعات المسلحة إلى بعض أحياء مدينة حلب تعرض أبناء نبل والزهراء القاطنين في أحياء مختلفة من مدينة حلب لاعتداءات مباشرة عليهم بشكل خاص وتم اغتيال بعض أبناء نبل في أماكن عملهم في مدينة حلب ومن ثم قام معظم أبناء نبل بالهجرة من حلب إلى بلدهم نبل كذلك الحال بالنسبة للزهراء وعندما سيطر المسلحون على المناطق الريفية في شمال حلب جرت محاولات متعددة لقطع الطريق المؤدي من حلب باتجاه الشمال والمعروف بطريق غازي عنتاب، نتيجة ذلك بدأ أهالي نبل المتوجهون من نبل إلى حلب أو بالعكس يتعرضون لمضايقات عديدة وقد تم اختطاف عدد كبير منهم عند عبورهم هذا الطريق واحتجزوا في بعض القرى المجاورة مثل عندان وحيّان ومن ثم في مرحلة تالية تمّ قطع الطريق بين نبل وحلب بشكل تام ومنع أهالي نبل من الوصول من وإلى حلب وبدأ الحصار على مدينة نبل في أواخر شهر أيار /مايو ومازال مستمراً حتى اليوم، وكذلك الأمر بالنسبة للزهراء. وقد تطور هذا الحصار على مراحل، فبعد إغلاق الطريق العام المؤدي من نبل إلى حلب تجمع العديد من عناصر المجموعات المسلحة على الجهات الأخرى من مدينة نبل ومنعوا المواطنين الذين استعاضوا عن الذهاب إلى حلب حيث مصدر التزويد الرئيسي للمدينة بالمواد الغذائية والدوائية والمحروقات وكل مستلزمات الحياة، وبدأ البعض من أهالي نبل بالتوجه إلى مدينة عفرين لتزويد أهالي نبل والزهراء بالمواد الغذائية وخاصة الخضار والفواكه ولكن المسلحين أصروا على تشديد الحصار على أهالي نبل وبلدة الزهراء المجاورة لنبل وقطعوا الطريق المؤدي من نبل إلى منطقة عفرين والذي يمتد عبر القرى الكردية الموجودة في الجهة الغربية والشمالية من مدينة نبل وقاموا باختطاف وقتل بعض أبناء نبل الذين كانوا يقومون بالذهاب إلى عفرين لتأمين المواد الغذائية لأهلهم، وأخذ هذا الحصار يشتد مع الوقت وأصبحت مدينة نبل وساكنيها كما سكان بلدة الزهراء يعانون من نقص شديد بالأغذية والأدوية والمواد البترولية وغير ذلك من المواد الضرورية للحياة وقد كان إصرار المحاصرين من التنظيمات التابعة فكريا للقاعدة الذين انتشروا في الريف الشمالي لحلب على تشديد هذا الحصار، كما حرم طلبة الجامعات من أهالي نبل والزهراء من الوصول إلى جامعاتهم ومتابعة دراستهم كما حرم الموظفون والعمال الحكوميين وغير الحكوميين من الذهاب إلى عملهم خلال هذا الحصار الجائر الظالم، لذلك تعرضت مدينة نبل والزهراء المجاورة للعديد من الهجمات من قبل المجموعات المسلحة، أحيانا عن طريق القصف بالأسلحة الثقيلة وأحياناً عبر هجوم مباشر من قبل بعض عناصر تلك التنظيمات على أطراف مدينة نبل والزهراء ولكن أهالي نبل جندوا العديد من شبابها للدفاع عن بلدهم وأهليهم ولقد سقط العديد من هؤلاء الشباب شهداء نتيجة هذه الهجمات كما سقط آخرون ممن بقوا في مدينة حلب شهداء.
بالنسبة لأسباب الحصار فمن المعروف أن أهالي مدينة نبل والزهراء ينتمون إلى المذهب الجعفري (الأثني عشري) إضافة لكونهم من المؤيدين للقيادة السورية ولهذه الأسباب حاصرت المجموعات المسلحة البلدتين وهدفها إثارة النعرات الطائفية.
وقال أحد سكان المنطقة بأن المجموعات المسلحة تمنع دخول وخروج المواطنين كما تمنع دخول الطحين والخضار والفواكه والسلع الغذائية الرئيسية حتى حليب الأطفال والأدوية وبالتأكيد المحروقات ممنوعة من الدخول ايضا. وفي الوقت نفسه تم قطع الكهرباء عن المدينتين كون محطة الكهرباء التي تغذي المنطقة موجودة في تل رفعت أضف إلى ذلك قطع الاتصالات بمختلف أنواعها.
وتعاني المدينتان من شُح المياه حيث يصل سعر صهريج المياه إلى (2500 ل.س). كما توقفت اشغال الناس داخل المدينة خاصة بعد أن تم استهدافها من قبل المجموعات المسلحة عبر قصفها بقذائف الهاون والصواريخ.
وفي ظل هذه الظروف القاسية ورغم ان سكان المدينة توقفوا عن ممارسة أعمالهم ولكن إرادتهم لم تُكسر وما زالوا صامدين في وجه كل الاعتداءات ولا نبالغ إن قلنا بأن نبل والزهراء تشابهان ستالينغراد في وقت مضى.
وقال مصدر عسكري بأنه بعد أن تمكنت المجموعات المسلحة من دخول مطار منغ العسكري ومع انسحاب ما تبقى من حامية المطار باتجاه المدينتين، بدأت المجموعات المسلحة بتشديد الحصار على المدينتين وتكثيف عمليات القصف بقذائف الهاون والصواريخ المحلية الصنع حيث يسقط الشهداء من أطفال ونساء.
ويتم قصف المدينتين من قرى ( مايرـ بيانون ـ الطامورة وتستخدم المجموعات المسلحة قذائف الهاون عيار 120 ملم وصواريخ غراد إضافة للصواريخ المحلية الصنع، وهنا لابد أن نقول بأن عمليات القصف العشوائي والمكثف تعتبر جريمة بحق الإنسانية وتوازي جرائم الإبادة الجماعية.
ويعاني سكان المدينتين من عمليات خطف متكررة وفي أحد المرات وصل عدد المخطوفين إلى ( 150  مخطوفاً من المواطنين المدنيين، وقد وصلت فدية أحد المخطوفين إلى سبعة ملايين ليرة سورية.
وتشير ارقام الاحصاءات إلى المعاناة الكبيرة التي تعيشها مدينتا نبل والزهراء ومنها:
- وصل عدد الشهداء إلى حوالي 160 شهيدا من نبل و 140 شهيدا من الزهراء.
- وصل عدد الجرحى والمصابين إلى حوالي 220 من نبل و 120 من الزهراء.
- أعداد المخطوفين والمفقودين بلغت حوالي 30 مخطوفا و 5 مفقودين من نبل و 15 مخطوفا و 3 مفقودين من الزهراء.
- أعداد العائلات المهجرة من أماكن إقامتها خارج نبل والزهراء إلى 75 عائلة من نبل و 40 عائلة من الزهراء.
وبشكل مئوي يشكل عدد الشهداء إلى السكان 6 بالألف وعدد الجرحى 6.5 بالألف .
مع بدء الحصار واندلاع الأحداث في سوريا تم تشكيل لجان شعبية مهمتها حماية المدينتين مع وجود عدد من العسكريين وعلى الرغم من كل الضغوط التي تتعرض لها المدينتان ما تزال معنويات السكان مرتفعة وهم مصممون على إحراز النصر.