رسائل إيرانية على ورق الإنتخابات

رسائل إيرانية على ورق الإنتخابات
السبت ٢٧ فبراير ٢٠١٦ - ٠٧:٤٣ بتوقيت غرينتش

لا يملك المرء الا يقف اجلالا وانبهارا امام عظمة الشعب الايراني ، إجلالا ، لارادته التي لا تلين ، وانبهارا ، لما يتمع به من وعي قل نظيره ، فلم يزد الحظر الظالم ، ارادته الا صلابة وقوة ، ولم تُنقص التهديدات والحروب النفسية التي شنت ضده ، من وعيه ونفاذ بصيرته ، فبقي وفيا لنهج ثورته وتعاليم مفجرها.

الانتخابات الملحمية التي جرت يوم الجمعة في ايران ، كانت اول تطبيق عملي للارادة والوعي الايرانيين ، بعد الاتفاق النووي ، وبعد رفع الحظر الظالم الذي كان مفروضا على الشعب الايراني ، فجاء هذا التطبيق ليؤكد عُقم امنيات بعض الدول في حدوث ضعف او وهن في الارادة و الوعي الايرانيين ، فقد رد الشعب الايراني ردا حضاريا راقيا وعبر صناديق الاقتراع ، على الدول والجهات التي حاولت تركيعة عبر التهديد والوعيد والحظر الظالم.

الارقام الاولية التي وصلتنا عند الساعة التاسعة من مساء يوم الجمعة ، تشير الى مشاركة نحو 30 مليون ناخب ايراني من مجموعة 50 مليون مواطن ايراني يحق له الانتخاب ، وهذا يعني ان نسبة المشاركة تجاوزت الخمسين بالمائة حتى تلك الساعة ، كما تجاوز عدد الناخبين في طهران الاربع ملايين ناخب من اصل 8 ملايين يحق لهم الانتخاب ، اي ان عدد المشاركين تجاوز الخمسين بالمائة.
تم تمديد مهلة الاقتراع اربع مرات نظرا للاقبال الشديد للمواطنين على مراكز الاقتراع ، والمرة الاخيرة كانت حتى الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل يوم الجمعة ، ولم يتم يتمديد المهلة مرة اخرى وتم اغلاق ابواب مراكز الاقتراع رغم تجمع الناخبين خارجها.

تفتخر اعرق الديمقراطيات في العالم ، اذا ما شارك ثلاثون بالمائة من الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات التي تجري فيها ، وتعتبر هذه النسبة دليلا على ديمقراطية وشعبية وشرعية انظمتها، هنا نتسائل ، ترى كيف تنظر هذه الديمقراطيات الى الديمقراطية الايرانية ، بعد انتخابات يوم السادس والعشرين من شهر شباط فبراير ، والتي تشير التوقعات الى ان نسبة المشاركة فيها قد تصل الى سبعين بالمائة؟، هل ترفع هذه الديمقراطيات القبعة للديمقراطية الايرانية ، ام تبقى تكابر وتحاول حجب هذه الحقيقة الناصعة بغربال؟، ماذا عساها ان تقول ؟، ترى كيف يمكن لحكومة اونظام ان يجبر عشرات الملايين من الناس ليتوجهوا الى صناديق الاقتراع؟، وهل تملك اي حكومة او نظام القدرة على تجنيد مثل هذا العددد من الناخبين ؟، الم تجري هذه الانتخابات امام مراى ومسمع العالم اجمع ، وتحت نظر مئات الصحفيين والمراسلين الاجانب؟.

ملحمة الانتخابات التي صنعها الشعب الايراني يوم السادس والعشرين من شهر شباط / فبراير ، كانت حدثا في غاية الاهمية بالنسبة لاعداء واصدقاء الجمهورية الاسلامية ، فقد حملت هذه الانتخابات رسائل عدة الى الاصدقاء والاعداء في آن واحد ، كتبها الشعب الايراني على اوراق الانتخابات وبالحبر الازرق وبحروف واضحة ، ومنها:

-ان السيادة الشعبية الدينية ، هي الديمقراطية الايرانية التي تكفل للايرانيين انتخاب نوابهم وكيفية تداول السلطة بطريقة تتلائم مع تعاليم الاسلام والحضارة الايرانية.
-جميع التيارات والاتجاهات السياسية دون استثناء شاركت في الانتخابات.
-كل المرشحين خاضوا الدعاية الانتخابية دون اي قيود.
-لا تاثير للحرب النفسية التي شنها الاعداء على الشعب الايراني لفصله عن نظامه.
-ايمان لا يتزعزع لدى الشعب الايراني بدوره في صناعة القرار وادارة البلاد.
-التفاف الشعب الايراني حول قيادته.
-ثقة الشعب الايراني بنظامه.
-ثبات واستقرار بوصلة الشعب الايراني ازاء الاعداء والاصدقاء.

اخيرا اثبت اليوم الانتخابي الايراني الطويل ، مدى الامن والاستقرار والهدوء الذي تتمتع به ايران ، حيث لم يسجل اي حادث امني حتى ولو بسيط في جميع انحاء ايران ، وهذا الامر بحد ذاته يعتبر انتصارا كبيرا لايران ، التي تعيش في منطقة ملتهبة ، لا يخفى على المراقب ، ان جُل ما يدور من حولها من اضطرابات هدفها الرئيسي ضرب التجربة الايرانية ، التي تنطلق من نجاح الى نجاح ، وهذه النجاحات ، اقنعت الكثير من الدول ، باستثناء البعض ، للاعتراف بايران كدولة اقليمية كبرى ، يجب التعامل معها باحترام ، لذا نتمنى ان تدفع رسائل ملحمة الانتخابات الاخيرة في اقناع هذا البعض ، للكف عن مواصلة سياسته البائسة والعقيمة القائمة على تشويه صورة هذه النجاحات عبر لي عنق الحقيقة.

بقلم: ماجد حاتمي/ شفقنا

213