الشعب اللبناني و"شعب أبي طالب"

الشعب اللبناني و
الثلاثاء ١٥ مارس ٢٠١٦ - ١٠:٢٣ بتوقيت غرينتش

كان واضحا منذ البداية ان السعودية اعجز من ان تنال من حزب الله وشخص امينه العام سماحة السيد حسن نصرالله، صاحب الشعبية الطاغية في العالمين العربي والاسلامي ولدى احرار العالم، لا عسكريا ولا عقائديا، فلجأت الى استخدام كل الاسلحة المحرمة انسانيا واسلاميا، كأسلحة الخطاب الطائفي، واللغة العنصرية، والفتاوى التكفيرية.

من الصعب جدا، ليس على السعودية فحسب بل على أي جهة كانت في العالم، ان تلصق تهمة الطائفية بحزب الله، فهذه التهمة يدحضها تاريخ الحزب وفكر قائده وسيرة رجاله وشهدائه وطبيعة مناصرية ومؤيديه، فهو يرى في “اسرائيل” العدو الاول والاخير للامتين العربية والاسلامية، ويضع في ذات الخانة كل جهة تصب ممارستها في خدمة “إسرائيل” كالجماعات التكفيرية وعلى راسها “داعش”، وهو الجهة الوحيدة بين العرب دون استثناء، التي تحسب لها “اسرائيل” الف حساب.
تاريخ السعودية ومواقفها السياسية، زاد من صعوبة السلطات السعودية، في اطار مواجهتها لحزب الله، فلا ذلك التاريخ ولا تلك المواقف، يمكن ان يطرحوا بديلا للمشروع الاسلامي التحرري الذي يطرحه حزب الله، لذلك ما انفكت السعودية تتراجع على المستوى الشعبي في كل مواجهة مع حزب الله، رغم الامكانيات المادية والاعلامية والسياسية الضخمة التي تتمتع بها، حتى وصل الأمر بالسعودية الى ان تحمل حزب الله وشخص أمينه العام سماحة السيد حسن نصرالله، مسؤولية فشل سياستها في المنطقة برمتها.
بعد الفشل المزمن للقوة العسكرية والمادية والاعلامية والمذهبية السعودية امام حزب الله، تفتق العقل السعودي عن خطة لمواجهة حزب الله، اعتقد اصحابها انها ستكون القاضية، وهي خطة تستند على فكرة محاصرة وتجويع كل من يتعاطف مع حزب الله ويؤيده ويناصره ويحتضنه، من بين اللبنانيين، انتقاما منهم، وكذلك تحريضهم على الحزب.
كانت السعودية بحاجة الى غطاء سياسي عربي لتنفذ سياستها الرامية لمحاصرة الشعب اللبناني بهدف تجويعه انتقاما منه لاحتضانه حزب الله، لذلك استخدمت كل امكانياتها المالية لاستصدار قرارات من مجلس التعاون ووزراء الداخلية والخارجية العرب، اعتبرت “حزب الله” تنظيما “ارهابيا”، وعلى الفور اصدرت وزراة الداخلية السعودية استنادا الى هذه القرارات، بيانا حذرت فيه:”المواطنين والمقيمين (في المملكة) من تأييد أو إظهار الانتماء أو التعاطف معه (حزب الله) أو يروّج له أو يتبرع له أو يتواصل معه أو يؤوي أو يتستر على من ينتمي إليه فسيطبق في حقه ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة، بما في ذلك نظام جرائم الإرهاب وتمويله، إضافة إلى إبعاد أي مقيم تثبت إدانته في مثل تلك الأعمال”، الامر الذي كشف عن النوايا الحقيقية من استصدار كل هذه القرارات، التي تستهدف قطع ارزاق اللبنانيين فقد تمت تطبيقات اولية لهذه القرارات، حيث طردت عددا من اللبنانيين دون ان تُسجل لاي من هؤلاء اللبنانيين اي مخالفة لقوانين الدول التي يعملون فيها رغم وجودهم هناك على مدى عشرات السنين.
وانا اقرأ عبارات بيان وزارة الداخلية السعودية التي كتبت بعناية، لمحاصرة الشعب اللبناني بهدف تجويعه، قفزت الى ذهني عبارات مماثلة قرأتها في كتب التاريخ، عن محاصرة قريش للمسلمين وانصارهم ومؤيديهم، في شعب ابي طالب، بعد ان باءت جميع محاولاتهم للوقوف فی وجه الاسلام بالفشل، عندها انتقلت قريش من مرحلة الإرهاب والإرعاب والتعذيب والضغط ضد المسلمين، الى مرحلة التجويع والحصار الاقتصادي، لیس فقط ضد المسلمین، بل ضد جميع بني هاشم، وكان هدف قريش من سياسة التجويع اللانسانية، الضغط على بني هاشم للاستسلام، او موت المسلمين من الجوع في شعب ابي طالب.
تضمنت صحيفة مقاطعة قريش لبني هاشم، والتي علقت في الكعبة في السنة السابعة للبعثة، شروطا ظالمة، وهذه الشروط كانت ملزمة لقريش ومن اتبعها، ومنها أن لا يبايعوا بني هاشم ولا يشاوروهم، ولا يحدثوهم، ولا يجتمعوا معهم، ولا يتزوجوا منهم ولا يقضوا لهم حاجة ولا يعاملوهم.
هذا الموقف الظالم والاستعلائي والتعسفي واللانساني الذي اتخذته قريش ضد المسلمين يتكرر اليوم من خلال القرارات الجاهلية الجديدة، التي تستهدف اللبنانيين، ومحاصرتهم في “شعب ابي طالب” جديد، انتقاما منهم لاحتضانهم حزب الله والمقاومة، ورفضهم جبروت وعنجهية الرجعية العربية.
فات رموز الجاهلية الجديدة، التي تتمنى محاصرة وتجويع اللبنانيين، ان سياسة فرض الحصار الاقتصادي والتجويع، لو كانت ذات جدوى لنجحت الجاهلية الأولى في ذلك عندما وقفت في وجه الاسلام، ولنجحت “اسرائيل” التي حاصرت وجوعت ومازالت اهالي غزة، في القضاء على حماس، كما فاتهم ايضا ان لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي حرر أرضه بالقوة والحق الهزيمة العسكرية المذلة بالمحتل الصهيوني، وفرض على “اسرائيل” معادلة الردع، واصبح مفخرا للعرب والمسلمين، فمثل هذا البلد الذي تقف معه جميع الشعوب العربية والاسلامية، وله أصدقاء اوفياء، لا يمكن محاصرته ناهيك عن تجويعه.
• ماجد حاتمي - شفقنا

2-208