ما خلفيات قرار اقصاء الأعضاء العرب من الكنيست الاسرائيلي؟

ما خلفيات قرار اقصاء الأعضاء العرب من الكنيست الاسرائيلي؟
الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠١٦ - ٠٦:٢٢ بتوقيت غرينتش

في ممارسة تكشف عن الوجه العنصري للكيان الصهيوني، صادق الكنيست الإسرائيلي، الثّلاثاء 19 تموز/يوليو على مشروع قانون إقصاء النوّاب العرب، أو المعروف بقانون "التجمع"، ويتيح القانون تعليق عمل أي عضو في الكنيست بسبب نشاطات أو أقوال معادية للاحتلال الاسرائيلي أو داعمة للمقاومة والتي نعتها القرار بـ "الإرهاب"، وذلك في حال تأييد 90 نائباً من أصل 120، وهو يستهدف النواب العرب تحديدًا.

وتمّ تمرير مشروع القانون بعد أن أيّده 59 عضواً في الكنيست مقابل 53 صوتًا معارضًا. واعتبر النواب العرب القانون الجديد "غير دستوري" وموجهاً ضدهم بهدف تضييق هامش حرية التعبير المتاح لهم.

وقال النائب من "القائمة المشتركة" المحامي أحمد في تصريح صحفي: "إن القانون يستهدف بكل وضوح النواب العرب وهو غير دستوري، إذ يخوّل الكنيست لنفسه أن يلتف على الجهاز القضائي ليكون بمثابة محكمة ميدانية ومن دون أن تكون لدى أعضائه الأدوات القضائية للقيام بخطوة متطرفة كهذه".

كما هدد بعض النواب العرب بالاستقالة الجماعية، حيث قال النائب جمال زحالقة: "إذا بدأوا يخرجوننا من الكنيست واحدا تلو الآخر فلا بد من رد مجلجل وغير عادي وهذا يعني استقالة جماعية من الكنيست".

الخلفيات والأهداف:

يتحدث متابعون للشأن الفلسطيني عن وجود أهداف مباشرة وأخرى غير مباشرة تقف وراء هذا القرار، فمن ناحية الأهداف المباشرة يأتي هذا القرار الذي طرحه مشروعه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على خلفية الزيارة التي قام بها عدد من الأعضاء العرب في الكنيست الاسرائيلي لعائلات شهداء العمليات الفدائية في القدس المحتلة، التي طلبت مساعدتهم في تسليم جثامينهم أبنائهم المحتجزة لدى الاحتلال. كما طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي الكنيست بتسريع عملية المصادقة على القرار بعد التصريحات التي أدلت بها النائبة العربية حنين الزعبي، وصفت فيها الجنود الاسرائيليين الذين نفذوا هجوم على سفينة مافي مرمرة التركية بالقتلة.

لكن الأسباب الحقيقة غير المباشرة لهذا القرار، تتجاوز وفقاً لمراقبين، مسألة تصريحات يطلقها النواب العرب هنا وهناك، حيث أن هناك مخاوف جدية لدى الكيان الاسرائيلي من مفرزات الانتفاضة الفلسطينية، والدور الذي يقوم به النواب العرب في تعرية الاحتلال الاسرائيلي، وتصويره كدولة فصل عنصرية أمام الرأي العام العالمي.

من ناحية أخرى، فإن الحضور العربي الفاعل خلال الدورة الحالية للكنيست، أقلق الكيان الصهيوني، حيث تعتبر الدورة الحالية للكنيست المرة الأولى في تاريخه التي تتحد فيها الأحزاب العربية، وتشكل كتلة متماسكة تسيطر على 13 مقعداً، والتي تعتبر ثالث أكبر كتلة حزبية في الكنيست، وذلك في الوقت الذي تعيش فيه الأحزاب اليهودية حالة استقطاب وتشرذم كبيرة.

ويسعى الكيان الصهيوني من خلال هذا القرار، لإضعاف التأثير العربي داخل الكنيست الاسرائيلي، وإلغاء أي صفة شرعية للمطالب التي تمثل الفلسطينيين من عرب الـ 48، داخل الدولة العبرية، بما يمهد لتصعيد السياسات العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، والإيغال في قمع انتفاضته ومطالبه المشروعة.

أبرز النواب العرب المستهدفين:

يرى مراقبون أن أعضاء حزب التجمع الوطني الديمقراطي يقفون على رأس المستهدفين من القرار الجديد، حيث يشغل هذا الحزب اليساري والذي يعرف اختصارا بحزب "بلد"، 3 مقاعد في الكنيست، وأعضاؤه (حنين الزعبي، باسل غطاس، جمال زحالقة) يناصرون بشدة القضايا الفلسطينية. وفي وقت سابق منع الأعضاء الثلاثة من الحديث في البرلمان على خلفية زيارتهم لعائلات شهداء الانتفاضة في الضفة الغربية، وهو الحدث الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى طرح مشروع قانون اقصاء النواب العرب.

وقال نتنياهو، في حينه، إنه "ليس مقبولاً أن يقوم نواب "التجمع الوطني" الثلاثة بزيارة عائلات شهداء مقدسيين استدعتهم لطلب تدخل إعادة جثث أبنائهم". كما اعتبر الزيارة ووقوف النواب دقيقة صمت على أرواح الشهداء "تحريضاً على العنف والكفاح المسلح ضد الدولة"، متوعداً بسن قانون خاص ينص على إبعاد النائب الذي يتماثل مع الكفاح المسلح. وأكد مراقبون أن نتنياهو أوعز إلى نواب حزبه بتحضير مشروع القانون وقتذاك.

وفيما يلي نبذة عن النواب العرب في الكنيست الذي شكلت نشاطاتهم استفزازاً للكيان الاسرائيلي خلال الفترة الماضية:

حنين الزعبي: النائبة عن حزب بلد والمعروفة بمداخلاتها الجريئة في انتقاد حكومة الاحتلال الاسرائيلي، حيث تصفها أوساط اسرائيلية "بالمستفزة"، وقد تعرضت أكثر من مرة من مضايقات وهجمات وشتائم من نواب يهود، كادت تصل إلى حد الاعتداء الجسدي، وكانت الزعبي قد قالت في كلمة لها أمام الكنيست الشهر الجاري تعليقاً على اتفاق المصالحة بين تركيا و"اسرائيل"، بأن  من يعتذر لضحايا سفينة مرمرة ويدفع تعويضات لذويهم إنما يقر بجريمته، غير أن نوابا يمينيين اعتبروا ذلك تهجما على جنود الجيش واعتبارهم قتلة، وحاولوا منعها من مواصلة حديثها، وكادت أن تتعرض للاعتداء الجسدي، في حين اتهمها آخرون بأن يديها ملطخة بالدماء وبأنها إرهابية وعليها أن ترحل إلى غزة. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد أرسل مذكرة عاجلة للمستشار القضائي للحكومة طالبا السماح بطرد الزعبي من الكنيست بموازاة تسريع سن قانون لهذا الغرض.

في 2010 تم توقيف الزعبي على متن مركب في اسطول تركي حاول كسر الحصار التي تفرضه "اسرائيل" على قطاع غزة الامر الذي اثار ضجة عارمة، وتجنبت السجن بفضل حصانتها البرلمانية.

في تموز/يوليو 2014 علقت عضويتها في الكنيست ستة اشهر لتصريحها ان الفلسطينيين الذين قتلوا ثلاثة مستوطنين بالضفة الغربية المحتلة ليسوا “ارهابيين”.

باسل غطاس: وقد أثارت أنشطته المناصرة للقضية الفلسطينية غضب المسؤولين الاسرائيليين، فإضافة إلى زيارته لعائلات شهداء الانتفاضة، تحدى غطاس قرار نتانياهو منع اعضاء الكنيست العرب من دخول المسجد الأقصى، وقام بزيارة المسجد الأقصى بالرغم من الحظر المفروض، الأمر الذي حمل رمزية كبيرة كون غطاس ينتمي للدين المسيحي.  وقد أثار موقفه هذا غضب المسؤولين الاسرائيليين الذين اعتبروا الزيارة تحريضاً على العنف.

كما اعتلى النائب العربي عن حزب "بلد"، في وقت سابق منبر الكنيست الإسرائيلي، وهو يعتمر الكوفية على كتفيه، مثيرا ضجة في الكنسيت، مؤكداً على هوية المجتمع الفلسطيني.

جمال زحالقة: العضو في حزب "بلد"، تم حظر دخوله إلى مقر الرئاسة الاسرائيلية على خلفية زيارة عائلات الشهداء الفلسطينيين، وقد أثارت مواقفه المنتقدة للممارسات الصهيونية غضب المسؤولين الاسرائيليين، وقد تعرض لكثير من المضايقات والألفاظ العنصرية داخل الكنيست، وعرف عنه موقفه الحاد من وزير الخارجية الاسرائيلي "أفيغدور ليبرمان"، حيث خاطبه خلال جلسة الكنيست باللغة العربية قائلاً: "السيد ليبرمان، أنا أعرفك من أيام الجامعة، كنت عنصريًّا وفاشيًّا ولم تتغيّر، ولكنك دائمًا كنت جبانًا تهرب من أي مواجهة، وإذا كنت تخاف من العرب تستطيع أن تترك الكنيست".

أيمن عودة: رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست الاسرائيلي، والتي تضم أربعة أحزاب عربية، وعضو في حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، لاقى انتقادات واسعة من شخصيات سياسية واعلامية اسرائيلية على خلفية وصفه الجنود والشرطة الاسرائيلية بالقتلة، كما تعرض للتهديد أكثر من مرة.

وقد أثار غضب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك نتيجة دفاعه عن حزب الله وإدانته السعودية والدول الخليجية، حيث كان على رأس النواب العرب في الكنيست الذين أدانوا قرار تصنيف دول مجلس التعاون لحزب الله على أنه منظمة ارهابية، ونشر على موقعه باللغة العربية إدانة شديدة للسعودية ودول خليجية أخرى على قرارها حظر حزب الله، مؤكداً أنه يصب فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى ومواصلة احتلال الأراضى العربية. وكان نتنياهو قد خاطب أعضاء الكنيست العرب الذين دعموا حزب الله وأدانوا السعودية قائلاً: "هل فقدتم عقلكم".

* الوقت

2-210