هل ستُرحل اميركا غولن للقاهرة؟ وكيف يرد اردوغان؟

هل ستُرحل اميركا غولن للقاهرة؟ وكيف يرد اردوغان؟
الخميس ٢٨ يوليو ٢٠١٦ - ٠٤:٢٦ بتوقيت غرينتش

هل ستُرحل اميركا فتح الله غولن الى القاهرة كحل وسط لتجنب خسارة تركيا؟ وهل ستكون محطته للقفز الى اسطنبول؟ وكيف سيكون رد فعل الرئيس اردوغان؟ وما هي المساومة المحتملة؟ اليكم بعض السيناريوهات.

حملات الاعتقال التي تشمل قادة عسكريين ورجال اعلام، وكذلك طرد آلاف المدرسين، واغلاق الصحف، والمدارس، مستمرة في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، لكن القضية الاسخن ربما تكون مصير الداعية فتح الله غولن المتهم الرئيسي بالوقوف خلفه، اي الانقلاب، وما اذا كانت الولايات المتحدة الاميركية ستتجاوب مع طلبات الرئيس رجب طيب اردوغان بتسليمه للمثول امام القضاء، ام ستجد طرقا التفافية حول هذه المسألة للابقاء على "شعرة معاوية" مع الحليف التركي، ودون ان تخسر سمعتها وماء وجهها؟

وزير العدل التركي بكير بوزداغ فاجأنا اليوم (الخميس) بتصريح قال فيه "ان هناك معلومات عن احتمال هروب غولن من اميركا الى استراليا او المكسيك او كندا او جنوب افريقيا او الى مصر"، واكد ان بلاده "قدمت اربع ملفات الى واشنطن تحثها على تسليم غولن الى تركيا"، مشيرا الى ان المسؤولين الاميركان "ابدوا استعدادهم في هذا الاطار".

من الواضح ان مسألة التسليم هذه ستكون عنصرا حاسما في تحديد مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، فقد هدد بن علي يلدريم رئيس الوزراء قبل ايام بأن بلاده ستعيد النظر في صداقتها مع اميركا اذا لم تسلم الداعية غولن، الذي وصفه وحركته بالارهاب.

لا توجد سوابق تفيد بتسليم الولايات المتحدة، ومعظم الدول الاوروبية، شخصيات معارضة بارزة الى دول في العالم الثالث، لجأوا اليها ومارسوا انشطة سياسية ضد بلدانهم من ملاذهم الآمن فيها، ونعتقد ان الرئيس الاميركي حاول ان يمتص الغضب الرسمي التركي بالقول ان ادارته مستعدة لدراسة هذا الطلب والنظر في الادلة التي ستقدمها الادارة التركية حول تورط غولن في عملية الانقلاب، وستتعاطى معه، اي الطلب، وفق القوانين الاميركية.

الخطوة الاكثر ترجيحا التي يمكن ان تقدم عليها الادارة الاميركية لحل هذا الاشكال الصعب والمحرج، ربما تتمثل في الطلب من الداعية غولن مغادرة اراضيها الى دولة ثالثة، توفر له اللجوء الآمن، وبإيعاز منها، ولكن السؤال يظل هو: ما هي هذه الدولة؟ ولماذا يتم اختيارها اميركيا لهذه المهمة؟

وزير العدل التركي بوزداغ سمّى خمس دول يمكن ان تكون مرشحة لاستضافة الداعية غولن، ولا نعتقد ان تكون هذه التسمية عشوائية، وما لفت نظرنا ان مصر كانت آخرها، اي بعد استراليا والمكسيك، وكندا، وجنوب افريقيا، ربما جاء هذا التأخير متعمدا.

رئيس الوزراء المصري شريف اسماعيل، قال وفي تصريح "مدروس" بثته وكالة الانباء المصرية الرسمية (ا.ش.ا) انه ينفي "علمه او وجود اي معلومات بشأن تقديم فتح الله غولن طلب لجوء الى مصر"، ولكنه قال "ان القاهرة ستدرس هذا الطلب في حال تقدم الاخير به"، وعلى حد علمنا لم يسأل احدا رئيس الوزراء المصري عن هذه المسألة، مما يعني انه وضع السؤال والجواب معا.

الفقرة الاخيرة من هذا التصريح التي تتحدث عن استعداد مصر لدراسة اي طلب لجوء لغولن، توحي بالكثير حول استعداد مصر لاستضافة الرجل على اراضيها، وبإيعاز من السلطات الاميركية تماما مثلما حدث عام 1979 عندما استضافت حكومة الرئيس محمد انور السادات شاه ايران (المنفور) محمد رضا بهلوي واسرته، بعد الثورة الاسلامية، عندما اغلقت الادارة الاميركية في حينها ابوابها في وجهه.

الحكومة المصرية ربما تريد استخدام ورقة الداعية غولن كورقة مساومة مع تركيا الرئيس اردوغان، وان تقول لها، انتم ترحبون بمعارضينا من رموز جماعة الاخوان المسلمين، وتفتحون لهم قنوات تلفزيونية، وتسمحون لهم بالنشاط فوق اراضيكم ضدنا ولزعزعة استقرارنا، وها نحن نفعل الشيء نفسه باستضافة الداعية غولن واكرام وفادته.

نحن نتكهن هنا بالاحتمالات ونقرأ ما بين السطور، ونقدم صورة عما يمكن ان يحدث في المستقبل المنظور في منطقتنا الحافلة بالصراعات، والحروب، والتناطح بين الدول، والخروج عن كل الاعراف المتبعة في الخصومات.

الداعية غولن اذا حط الرحال في مصر، وهذا غير مستبعد على اي حال، سيكون اهم واخطر لاجيء سياسي في تاريخ المنطقة، وقد يحاول استخدام القاهرة كنقطة انطلاق للقفز الى اسطنبول، ولن نفاجأ اذا ما كان تلويح رئيس الوزراء المصري باستعداد حكومته لدراسة طلب لجوئه رسالة تحذير جدية الى الرئيس اردوغان.

المصدر: راي اليوم

114-1